227
البضاعة المزجاة المجلد الرابع

الْحَقَّ أَنْ يُقَالَ لَهُ ، أَوِ الْعَدْلَ أَنْ يُعْرَضَ عَلَيْهِ ، كَانَ الْعَمَلُ بِهِمَا أَثْقَلَ عَلَيْهِ ، فَلَاتَكُفُّوا عَنْ‏۱ مَقَالَةً بِحَقٍّ ، أَوْ مَشُورَةً بِعَدْلٍ ، فَإِنِّي لَسْتُ فِي نَفْسِي بِفَوْقِ‏۲ أَنْ أُخْطِئَ ، وَلَا آمَنُ ذلِكَ مِنْ فِعْلِي، إِلَّا أَنْ‏يَكْفِيَ اللَّهُ مِنْ نَفْسِي مَا هُوَ أَمْلَكُ بِهِ مِنِّي ، فَإِنَّمَا أَنَا وَأَنْتُمْ عَبِيدٌ مَمْلُوكُونَ لِرَبٍّ لَا رَبَّ غَيْرُهُ ، يَمْلِكُ مِنَّا مَا لَانَمْلِكُ مِنْ أَنْفُسِنَا ، وَأَخْرَجَنَا مِمَّا كُنَّا فِيهِ إِلى‏ مَا صَلَحْنَا عَلَيْهِ ، فَأَبْدَلَنَا بَعْدَ الضَّلَالَةِ بِالْهُدى‏ ، وَأَعْطَانَا الْبَصِيرَةَ بَعْدَ الْعَمى‏ .
فَأَجَابَهُ الرَّجُلُ الَّذِي أَجَابَهُ مِنْ قَبْلُ ، فَقَالَ : أَنْتَ أَهْلُ مَا قُلْتَ ، وَاللَّهِ وَاللَّهِ أهْلُ‏۳ فَوْقِ مَا قُلْتَهُ ، فَبَلَاؤُهُ عِنْدَنَا مَا لَايُكْفَرُ۴ ، وَقَدْ حَمَّلَكَ اللَّهُ - تَبَارَكَ وَتَعَالى‏ - رِعَايَتَنَا ، وَوَلَّاكَ سِيَاسَةَ أُمُورِنَا ، فَأَصْبَحْتَ عَلَمَنَا الَّذِي نَهْتَدِي بِهِ ، وَإِمَامَنَا الَّذِي نَقْتَدِي بِهِ ، وَأَمْرُكَ كُلُّهُ رُشْدٌ ، وَقَوْلُكَ كُلُّهُ أَدَبٌ ، قَدْ قَرَّتْ بِكَ فِي الْحَيَاةِ أَعْيُنُنَا ، وَامْتَلَأَتْ مِنْ سُرُورٍ بِكَ قُلُوبُنَا ، وَتَحَيَّرَتْ مِنْ صِفَةِ مَا فِيكَ مِنْ بَارِعِ الْفَضْلِ عُقُولُنَا ، وَلَسْنَا نَقُولُ لَكَ : أَيُّهَا الْإِمَامُ الصَّالِحُ تَزْكِيَةً لَكَ ، وَلَا نُجَاوِزُ۵ الْقَصْدَ فِي الثَّنَاءِ عَلَيْكَ ، وَلَمْ يُكَنَ‏۶ فِي أَنْفُسِنَا طَعْنٌ عَلى‏ يَقِينِكَ ، أَوْ غِشٌّ فِي دِينِكَ ، فَنَتَخَوَّفَ أَنْ تَكُونَ أَحْدَثْتَ بِنِعْمَةِ اللَّهِ - تَبَارَكَ وَتَعَالى‏ - تَجَبُّراً ، أَوْ دَخَلَكَ كِبْرٌ ، وَلَكِنَّا نَقُولُ لَكَ مَا قُلْنَا تَقَرُّباً إِلَى اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - بِتَوْقِيرِكَ ، وَتَوَسُّعاً بِتَفْضِيلِكَ ، وَشُكْراً بِإِعْظَامِ أَمْرِكَ ، فَانْظُرْ لِنَفْسِكَ وَ لَنَا ، وَآثِرْ أَمْرَ اللَّهِ عَلى‏ نَفْسِكَ وَعَلَيْنَا ، فَنَحْنُ طُوَّعٌ فِيمَا أَمَرْتَنَا ، نَنْقَادُ مِنَ الْأُمُورِ مَعَ ذلِكَ فِيمَا يَنْفَعُنَا .
فَأَجَابَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام ، فَقَالَ : وَأَنَا أَسْتَشْهِدُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَلى‏ نَفْسِي ؛ لِعِلْمِكُمْ فِيمَا وُلِّيتُ بِهِ مِنْ أُمُورِكُمْ ، وَعَمَّا قَلِيلٍ يَجْمَعُنِي وَإِيَّاكُمُ الْمَوْقِفُ بَيْنَ يَدَيْهِ ، وَالسُّؤَالُ عَمَّا كُنَّا فِيهِ ، ثُمَّ يَشْهَدُ بَعْضُنَا عَلى‏ بَعْضٍ ، فَلَا تَشْهَدُوا الْيَوْمَ بِخِلَافِ مَا أَنْتُمْ شَاهِدُونَ غَداً ، فَإِنَّ اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - لَايَخْفى‏۷ عَلَيْهِ خَافِيَةٌ ، وَلَايَجُوزُ عِنْدَهُ إِلَّا مُنَاصَحَةُ الصُّدُورِ فِي جَمِيعِ الْأُمُورِ .
فَأَجَابَهُ الرَّجُلُ ، وَيُقَالُ : لَمْ يُرَ الرَّجُلُ بَعْدَ كَلَامِهِ هذَا لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام ، فَأَجَابَهُ وَقَدْ عَالَ الَّذِي

1.هكذا في النسخة وبعض نسخ الكافي. وفي كلتا الطبعتين: «عنّي».

2.في الطبعة القديمة والوافي: + «ما».

3.هكذا في النسخة وبعض نسخ الكافي. وفي كلتا الطبعتين: - «أهل».

4.في بعض نسخ الكافي: «لانكفر».

5.في بعض نسخ الكافي: «ولا تجاوز».

6.في الطبعة الجديدة و معظم نسخ الكافي: «ولن يكنّ».

7.في بعض نسخ الكافي وشرح المازندراني: «لا تخفى».


البضاعة المزجاة المجلد الرابع
226

فَأَجَابَهُ رَجُلٌ مِنْ عَسْكَرِهِ لَا يُدْرى‏ مَنْ هُوَ، وَيُقَالُ : إِنَّهُ لَمْ يُرَ فِي عَسْكَرِهِ قَبْلَ ذلِكَ الْيَوْمِ وَلَا بَعْدَهُ ، فَقَامَ‏۱ وَأَحْسَنَ الثَّنَاءَ عَلَى اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - بِمَا أَبْلَاهُمْ ، وَأَعْطَاهُمْ مِنْ وَاجِبِ حَقِّهِ عَلَيْهِمْ ، وَالْإِقْرَارَ بِمَا۲ ذَكَرَ مِنْ تَصَرُّفِ الْحَالَاتِ بِهِ وَ بِهِمْ .
ثُمَّ قَالَ : أَنْتَ أَمِيرُنَا ، وَنَحْنُ رَعِيَّتُكَ ، بِكَ أَخْرَجَنَا اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - مِنَ الذُّلِّ ، وَبِإِعْزَازِكَ أَطْلَقَ عِبَادَهُ مِنَ الْغُلِّ ، فَاخْتَرْ عَلَيْنَا فَأَمْضِ‏۳ اخْتِيَارَكَ ، وَائْتَمِرْ فَأَمْضِ ائْتِمَارَكَ ، فَإِنَّكَ الْقَائِلُ‏۴ الْمُصَدَّقُ ، وَالْحَاكِمُ الْمُوَفَّقُ ، وَالْمَلِكُ الْمُخَوَّلُ، لَا نَسْتَحِلُّ فِي شَيْ‏ءٍ مَعْصِيَتَكَ ، وَلَا نَقِيسُ عِلْماً بِعِلْمِكَ ، يَعْظُمُ عِنْدَنَا فِي ذلِكَ خَطَرُكَ ، وَيَجِلُّ عَنْهُ فِي أَنْفُسِنَا فَضْلُكَ .
فَأَجَابَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام [فَقَالَ :] إِنَّ مِنْ حَقِّ مَنْ عَظُمَ جَلَالُ اللَّهِ فِي نَفْسِهِ ، وَجَلَّ مَوْضِعُهُ مِنْ قَلْبِهِ، أَنْ يَصْغُرَ عِنْدَهُ - لِعِظَمِ ذلِكَ - كُلُّ مَا سِوَاهُ ، وَإِنَّ مِنْ‏۵ أَحَقَّ مَنْ كَانَ كَذلِكَ لَمَنْ عَظُمَتْ نِعَمُ‏۶ اللَّهِ عَلَيْهِ ، وَلَطُفَ إِحْسَانُهُ إِلَيْهِ ، فَإِنَّهُ لَمْ تَعْظُمْ‏۷ نِعَمُ‏۸ اللَّهِ عَلى‏ أَحَدٍ إِلَّا زَادَ حَقُّ اللَّهِ عَلَيْهِ عِظَماً ، وَإِنَّ مِنْ أَسْخَفِ‏۹ حَالَاتِ الْوُلَاةِ عِنْدَ صَالِحِ النَّاسِ أَنْ يُظَنَّ بِهِمْ حُبُّ الْفَخْرِ ، وَيُوضَعَ أَمْرُهُمْ عَلَى الْكِبْرِ ، وَقَدْ كَرِهْتُ أَنْ يَكُونَ جَالَ فِي ظَنِّكُمْ أَنِّي أُحِبُّ الْإِطْرَاءَ وَاسْتِمَاعَ الثَّنَاءِ ، وَلَسْتُ بِحَمْدِ اللَّهِ كَذلِكَ .
وَلَوْ كُنْتُ أُحِبُّ أَنْ يُقَالَ ذلِكَ لَتَرَكْتُهُ انْحِطَاطاً لِلَّهِ سُبْحَانَهُ عَنْ تَنَاوُلِ مَا هُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنَ الْعَظَمَةِ وَالْكِبْرِيَاءِ ، وَرُبَّمَا اسْتَحْلَى النَّاسُ الثَّنَاءَ بَعْدَ الْبَلَاءِ ، فَلَا تُثْنُوا عَلَيَّ بِجَمِيلِ ثَنَاءٍ ؛ لِإِخْرَاجِي نَفْسِي إِلَى اللَّهِ وَإِلَيْكُمْ مِنَ الْبَقِيَّةِ۱۰ فِي حُقُوقٍ لَمْ أَفْرُغْ مِنْ أَدَائِهَا ، وَفَرَائِضَ لَا بُدَّ مِنْ إِمْضَائِهَا ، فَلَا تُكَلِّمُونِي بِمَا تُكَلَّمُ بِهِ الْجَبَابِرَةُ ، وَلَا تَتَحَفَّظُوا مِنِّي بِمَا يُتَحَفَّظُ بِهِ عِنْدَ أَهْلِ الْبَادِرَةِ ، وَلَا تُخَالِطُونِي بِالْمُصَانَعَةِ ، وَلَاتَظُنُّوا بِي اسْتِثْقَالًا فِي حَقٍّ قِيلَ لِي ، وَلَاالْتِمَاسَ إِعْظَامٍ لِنَفْسِي لِمَا لَا يَصْلُحُ‏۱۱ ؛ فَإِنَّهُ مَنِ اسْتَثْقَلَ

1.في بعض نسخ الكافي والوافي: «فقال».

2.هكذا في النسخة وبعض نسخ الكافي. وفي كلتا الطبعتين: «بكلّ ما» بدل «بما».

3.هكذا في النسخة وبعض نسخ الكافي. وفي كلتا الطبعتين: «وأمض».

4.في شرح المازندراني: «العامل».

5.هكذا في النسخة وبعض نسخ الكافي. وفي كلتا الطبعتين: - «مِنْ».

6.هكذا في النسخة وبعض نسخ الكافي. وفي كلتا الطبعتين: «نعمة».

7.في بعض نسخ الكافي: «لم يعظم».

8.في بعض نسخ الكافي والوافي: «استخفّ».

9.في بعض نسخ الكافي: «التقيّة».

10.هكذا في النسخة وكثير من نسخ الكافي. وفي كلتا الطبعتين: + «لي».

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الرابع
    سایر پدیدآورندگان :
    احمدی جلفایی، حمید ، فاضل البخشایشی، جواد
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
تعداد بازدید : 73750
صفحه از 568
پرینت  ارسال به