الإنصاف به، لاستلزامه فوات بعض أغراضهم ومقاصدهم المرغوبة عندهم.
(لا يجري) يعني الحقّ (لأحد إلّا جرى ذلك) الحقّ (عليه) أي على ذلك الأحد.
ولعلّ هذه الفقرة مع بعض الفقرات التالية لها تأكيد لقوله: «فقد جعل اللَّه تعالى لي عليكم حقّاً» بأنّ سنّة اللَّه جارية على أنّ مَن له حقّاً على الغير كان لذلك الغير أيضاً حقٌّ عليه.
والضمائر البارزة والمستترة في قوله: (ولا يجري عليه إلّا جرى به)۱ على سياق السابق.
وفي بعض النسخ: «له» بدل «به» وهو أظهر.
وقيل: الحصر الأوّل إشارة إلى أنّ كون الحقّ لأحد لا يفارق من كونه عليه تقريراً للحقّ وتوطيناً لنفوس السامعين على الوفاء به؛ إذ كما يجب لذلك الأحد أن لا يترك حقّهم كذلك يجب عليهم أن لا يتركوا حقّه، والحصر الثاني إشارة إلى عكس الأوّل تسكيناً لنفوسهم بذكر الحقّ لهم، فأفاد بالحصرين التلازم بين الحقّين.
ثمّ احتجّ لإثبات الحصرين بقياس استثنائي متّصلة استثنى نقيض التالي؛ لينتجّ نقيض المقدّم، فقوله عليه السلام: (لو كان لأحد أن يجري ذلك) أي الحقّ (له، ولايجرى عليه لكان ذلك للَّه - عزّ وجلّ - خالصاً دون خلقه) إشارة إلى القياس المذكور.
ووجه خلوصه له تعالى دون خلقه أنّ الخلق لعجزهم يحتاج كلّ منهم إلى آخر، فلا محالة إذا كان لأحدهم حقّ على الغير كان لذلك الغير أيضاً حقٌّ عليه.۲
وقوله: (لقدرته على عباده [ولعدله] في كلّ ما جرت عليه ضروب قضائه) إشارة إلى بيان الملازمة. وضروب قضائه أنواعه المتغيّرة المتوالية، وقضاؤه حكمه.
وفي بعض النسخ: «صروف قضائه» والمآل واحد، أي لكونه قادراً على عباده بإبقائهم وإفنائهم، وعلى الانتصاف منهم، وأخذ حقّه عنهم «لَا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ»۳، مع أنّه لا حقّ للعباد عليه تعالى لعدله فيهم في كلّ ما جرت به مقاديره التي هي ضروب قضائه مثل الغنى والفقر والصحّة والمرض والعافية والابتلاء وأمثالها؛ فإنّ القضاء بجميع ذلك