(فإذا أدّت الرعيّة إلى الوالي حقّه).
في بعض النسخ: «من الوالي». والمراد بحقّه طاعتهم له، وانقيادهم، واستسلامهم لأمره، واتّعاظهم بمواعظه، وانزجارهم عن زواجره.
(وأدّى إليه الوالي كذلك) أي حقّهم من النصيحة والإرشاد والهداية إلى ما فيه صلاحهم. وفي النّهج: «وأدّى إليهما حقّهما».
(عزّ الحقّ بينهم) أي غلب، أو صار عزيزاً قويّاً. يُقال: عزّه - كمدّه - : إذا غلبه. وعزّ - كفرّ - عزّاً وعزّة بكسرهما: صار عزيزاً وقويّاً بعد ذلّة.
وفي بعض النسخ: «عنّ الحقّ» بالنون. يُقال: عنّ الشيء - كفرّ ومدّ - عنّاً: إذا ظهر أمامك واعترض. والعَنُون: الدابّة المتقدّمة في السير. وعننتُ الفرس، أي حبسته بعنانه. وعننت اللِّجام: إذا جعلت له عناناً.
(فقامت) أي انتصبت، أو صارت رائجة غير كاسدة. يُقال: قامت السوق: إذا نفقت.
(مناهج الدِّين) أي طرقه ومعالمه وقوانينه، جمع المنهج، وهو الطريق الواضح.
(واعتدلت معالم العدل).
يقال: عدّلته فاعتدل، أي أقمته فاستقام. والاعتدال: توسّط حال بين حالين في كمّ أو كيف، وكلّ ما يناسب فقد اعتدل.
ومعلم الشيء - كمقعد - : مظنّته، وما يستدلّ به.
والعدل: ضدّ الجور. وعرّف بأنّه حالة نفسانيّة تنشأ من اعتدال القوّة العقليّة والشهويّة والغضبيّة، ولعلّ المراد بمعالم الدِّين مكانه ومظنّته، أو العلامات التي نصبت في طريق العدل لسالكيه، أو طرقه الموصلة إليه من الشرائع النبويّة، وحدوده المضروبة عليه كمعالم الحرم مثلاً، وباعتدال تلك المعالم استقامتها وتوسّطها بين الإفراط والتفريط، واستقرارها على سوقها. ومن البيّن أنّه لو وقع الاختلاف في أداء الحقّين لاختلّ جميع ذلك، وفشا الجور، ووقع الهرج والمرج.
(وجرت على أذلالها السّنن).
إذلال بالذال المعجمة وفتح الهمزة، وضمير التأنيث عائد إلى السنن؛ لتقدّمها رتبةً، أي جرت سنّة اللَّه على مسالكها وطرقها ووجوه استقامتها.