235
البضاعة المزجاة المجلد الرابع

(فإذا أدّت الرعيّة إلى الوالي حقّه).
في بعض النسخ: «من الوالي». والمراد بحقّه طاعتهم له، وانقيادهم، واستسلامهم لأمره، واتّعاظهم بمواعظه، وانزجارهم عن زواجره.
(وأدّى إليه الوالي كذلك) أي حقّهم من النصيحة والإرشاد والهداية إلى ما فيه صلاحهم. وفي النّهج: «وأدّى إليهما حقّهما».
(عزّ الحقّ بينهم) أي غلب، أو صار عزيزاً قويّاً. يُقال: عزّه - كمدّه - : إذا غلبه. وعزّ - كفرّ - عزّاً وعزّة بكسرهما: صار عزيزاً وقويّاً بعد ذلّة.
وفي بعض النسخ: «عنّ الحقّ» بالنون. يُقال: عنّ الشي‏ء - كفرّ ومدّ - عنّاً: إذا ظهر أمامك واعترض. والعَنُون: الدابّة المتقدّمة في السير. وعننتُ الفرس، أي حبسته بعنانه. وعننت اللِّجام: إذا جعلت له عناناً.
(فقامت) أي انتصبت، أو صارت رائجة غير كاسدة. يُقال: قامت السوق: إذا نفقت.
(مناهج الدِّين) أي طرقه ومعالمه وقوانينه، جمع المنهج، وهو الطريق الواضح.
(واعتدلت معالم العدل).
يقال: عدّلته فاعتدل، أي أقمته فاستقام. والاعتدال: توسّط حال بين حالين في كمّ أو كيف، وكلّ ما يناسب فقد اعتدل.
ومعلم الشي‏ء - كمقعد - : مظنّته، وما يستدلّ به.
والعدل: ضدّ الجور. وعرّف بأنّه حالة نفسانيّة تنشأ من اعتدال القوّة العقليّة والشهويّة والغضبيّة، ولعلّ المراد بمعالم الدِّين مكانه ومظنّته، أو العلامات التي نصبت في طريق العدل لسالكيه، أو طرقه الموصلة إليه من الشرائع النبويّة، وحدوده المضروبة عليه كمعالم الحرم مثلاً، وباعتدال تلك المعالم استقامتها وتوسّطها بين الإفراط والتفريط، واستقرارها على سوقها. ومن البيّن أنّه لو وقع الاختلاف في أداء الحقّين لاختلّ جميع ذلك، وفشا الجور، ووقع الهرج والمرج.
(وجرت على أذلالها السّنن).
إذلال بالذال المعجمة وفتح الهمزة، وضمير التأنيث عائد إلى السنن؛ لتقدّمها رتبةً، أي جرت سنّة اللَّه على مسالكها وطرقها ووجوه استقامتها.


البضاعة المزجاة المجلد الرابع
234

وقوله: (فأعظم ممّا افترض) بعضها (اللَّه - تبارك وتعالى - من تلك الحقوق حقّ الوالي على الرعيّة، وحقّ الرعيّة على الوالي) إشارة إلى بيان ما هو المقصود الأصلي في هذا المقام؛ لأنّ ذينك الحقّين يدور عليهما سائر الحقوق، ونظام المعاش والمعاد، ولفظ «بعضها» ليس في بعض نسخ الكتاب ونسخ النهج، وهو أظهر.
وقوله: (فريضة فرضها اللَّه) نصب على الحال، أو بتقدير أعني. ويحتمل الرفع على الخبريّة من مبتدأ محذوف.
(لكلّ على كلّ) أي لكلّ واحد منهما على الآخر.
ثمّ رغّب في حفظ تلك الفريضة ومراعاتها بقوله: (فجعلها)؛ الضمير للفريضة، أو للحقوق.
(نظام اُلفتهم).
وفي بعض نسخ الكتاب وفي نهج البلاغة: «نظاماً لاُلفتهم» أي جعلها سبب اجتماعهم في دفع الأعداء وفي أمر الدِّين وعدم تفرّقهم فيه.
(وعزّاً لدينهم) أي سبباً لغلبة دينهم على الأديان الباطلة، وعدم مقهوريّته منها.
(وقواماً لسير الحقّ فيهم).
وفي بعض النسخ: «لسنن الحقّ» بالنونين.
والقوام - بالكسر - : النظام، والعماد. وقوام الأمر أيضاً: ما يقوم به ذلك الأمر.
والسَّير - بالفتح - : الذهاب. ويمكن قراءته بكسر السين وفتح الياء، على أن يكون جمع السيرة، وهو السنّة والطريقة.
وحاصل المعنى: أنّه تعالى جعل تلك الفريضة ما يقوم به جريان الحقّ فيهم وبينهم؛ إذ بها تجري سائر الفرائض والحقوق فيما بينهم، ولو عطّلت عطّل جميعها.
(فليست تصلح الرعيّة إلّا بصلاح الولاة).
وصلاح الرعيّة: انتظام اُمورهم في الدِّين والدُّنيا، وكونهم على الحدود الشرعيّة. وصلاح الولاة: حسن السيرة فيهم، والاقتدار على إجراء الأحكام والحدود فيما بينهم.
(ولا تصلح الولاة إلّا باستقامة الرعيّة)؛ لأنّ اقتدار الولاة يتوقّف على استقامة الرعيّة وانقيادهم لهم بالضرورة.

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الرابع
    سایر پدیدآورندگان :
    احمدی جلفایی، حمید ، فاضل البخشایشی، جواد
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
تعداد بازدید : 94119
صفحه از 568
پرینت  ارسال به