(وليس أحد وإن اشتدّ على رضا اللَّه) أي على ما يوجب رضاه تعالى، واشتدّ كمده وجهده.
(وطال في العمل) الصالح (اجتهاده) أي بذل وسعه وطاقته.
(ببالغ حقيقة ما أعطى اللَّه من الحقّ أهله) أي أعطاه اللَّه أهله من الحقّ.
فكلمة «من» بيان للموصول، والضمير للحقّ. وقيل: أو للموصول.۱
وقال بعض الأفاضل:
معنى «حقيقة ما أعطى اللَّه» جزاء ما أعطى أهل الحقّ من الدِّين المبين وسائر ما هداهم اللَّه إليه، بأن يكون المراد بالحقيقة الجزاء مجازاً، أو يكون [في] الكلام تقدير مضاف، أي حقيقة جزاء ما أعطى اللَّه، أو يكون المراد بالبلوغ إليها كونه بإزائها ومكافأة لها.۲
وقال بعض الشارحين في قوله:
«وليس أحد» إلى قوله: «من الحقّ أهله» إشارة إلى أنّ العبد وإن بذل جهده في طاعة اللَّه تعالى وفي التعاون والتناصح فيهما لم يبلغ بعدما هو سبحانه أهله من الطاعة تحذيراً للسامعين من التقصير والمساهلة وبذل الجهد.
ثمّ قال:
لعلّ المراد به هو التنبيه على أنّ كلّ من صدر عنه الحقّ - وإن اجتهد أن يبلغ حقيقته ويأتي به كما ينبغي - لا يقدر عليه؛ لأنّ الإتيان به إنّما يتحقق بالإتيان به وبلوازمه وآثاره، ولا ريب في أنّ ذلك الحقّ الصادر منه نعمة وعطيّة من اللَّه تعالى، ومن لوازمها الشكر، وهو نعمةٌ اُخرى، وهكذا إلى ما لا يحصى، وإذا لم يقدر على الإتيان بحقيقة حقّ واحد فكيف بالحقوق المتكثّرة جدّاً؟! انتهى كلامه.۳
وفي النهج: «ببالغ حقيقة ما اللَّه أهله من الطاعة له».۴ وقيل: في بعض النسخ القديمة من الكتاب: «حقيقة ما الحقّ من اللَّه أهله».۵(ولكن من واجب حقوق اللَّه - عزّ وجلّ - على العباد النصيحة له). أي للَّه، أو للإمام، أو
1.اُنظر: شرح المازندراني، ج ۱۲، ص ۵۰۸.
2.قاله العلّامة المجلسي رحمة اللَّه عليه في مرآة العقول، ج ۲۶، ص ۵۲۱.
3.القائل هو المحقّق المازندراني رحمة اللَّه عليه في شرحه، ج ۱۲، ص ۵۰۸.
4.نهج البلاغة، ج ۲، ص ۲۰۰، الخطبة ۲۱۶.