241
البضاعة المزجاة المجلد الرابع

(وليس أحد وإن اشتدّ على رضا اللَّه) أي على ما يوجب رضاه تعالى، واشتدّ كمده وجهده.
(وطال في العمل) الصالح (اجتهاده) أي بذل وسعه وطاقته.
(ببالغ حقيقة ما أعطى اللَّه من الحقّ أهله) أي أعطاه اللَّه أهله من الحقّ.
فكلمة «من» بيان للموصول، والضمير للحقّ. وقيل: أو للموصول.۱
وقال بعض الأفاضل:
معنى «حقيقة ما أعطى اللَّه» جزاء ما أعطى أهل الحقّ من الدِّين المبين وسائر ما هداهم اللَّه إليه، بأن يكون المراد بالحقيقة الجزاء مجازاً، أو يكون [في‏] الكلام تقدير مضاف، أي حقيقة جزاء ما أعطى اللَّه، أو يكون المراد بالبلوغ إليها كونه بإزائها ومكافأة لها.۲
وقال بعض الشارحين في قوله:
«وليس أحد» إلى قوله: «من الحقّ أهله» إشارة إلى أنّ العبد وإن بذل جهده في طاعة اللَّه تعالى وفي التعاون والتناصح فيهما لم يبلغ بعدما هو سبحانه أهله من الطاعة تحذيراً للسامعين من التقصير والمساهلة وبذل الجهد.
ثمّ قال:
لعلّ المراد به هو التنبيه على أنّ كلّ من صدر عنه الحقّ - وإن اجتهد أن يبلغ حقيقته ويأتي به كما ينبغي - لا يقدر عليه؛ لأنّ الإتيان به إنّما يتحقق بالإتيان به وبلوازمه وآثاره، ولا ريب في أنّ ذلك الحقّ الصادر منه نعمة وعطيّة من اللَّه تعالى، ومن لوازمها الشكر، وهو نعمةٌ اُخرى، وهكذا إلى ما لا يحصى، وإذا لم يقدر على الإتيان بحقيقة حقّ واحد فكيف بالحقوق المتكثّرة جدّاً؟! انتهى كلامه.۳
وفي النهج: «ببالغ حقيقة ما اللَّه أهله من الطاعة له».۴ وقيل: في بعض النسخ القديمة من الكتاب: «حقيقة ما الحقّ من اللَّه أهله».۵(ولكن من واجب حقوق اللَّه - عزّ وجلّ - على العباد النصيحة له). أي للَّه، أو للإمام، أو

1.اُنظر: شرح المازندراني، ج ۱۲، ص ۵۰۸.

2.قاله العلّامة المجلسي رحمة اللَّه عليه في مرآة العقول، ج ۲۶، ص ۵۲۱.

3.القائل هو المحقّق المازندراني رحمة اللَّه عليه في شرحه، ج ۱۲، ص ۵۰۸.

4.نهج البلاغة، ج ۲، ص ۲۰۰، الخطبة ۲۱۶.


البضاعة المزجاة المجلد الرابع
240

كانت أو مندوبة مختصّة بكلّ أحد أو مشتركة، ومن ثمّ قيل: الإنسان مدنيّ بالطبع، يحتاج إلى التعاون في أمر المعاش والمعاد.
(والقيام بعدله).
لعلّ المراد بالعدل هنا رعاية قوانين الشرع مطلقاً، كما ينبغي على جادّة الوسط بحيث لا إفراط فيها ولا تفريط، أو الإمام العدل؛ فإنّ أمر الاجتماع والتعاون إنّما يتحقّق بهما والقيام بحقّهما.
(والوفاء بعهده).
لعلّ المراد به الإيمان باللَّه ورسوله، وبما جاء به، وبالولاية لوليّ الأمر، والقيام بما كلّف به.
قال الفيروزآبادي: «العهد: الوصيّة، والتقدّم إلى المرء في الشي‏ء، والموثّق، واليمين، والحفاظ، ورعاية الحرمة، والأمان، والذمّة، والمعرفة».۱(والإنصاف له في جميع حقّه).
الإنصاف: العدل. والحقّ يعمّ التصديق والعمل على وجه لا جور فيه بقدر الوسع والطاقة.
ثمّ أشار عليه السلام إلى علّة الأمر بالتعاون بقوله: (فإنّه ليس العباد إلى شي‏ء أحوج) أي أكثر حاجة (منهم).
(إلى التناصح) أي نصيحة بعضهم بعضاً.
(في ذلك).
قيل: أي في التعاون.۲
أقول: الظاهر أنّه إشارة إلى المذكور من الطاعة وما بعده.
والبارز في قوله: (وحسن التعاون عليه) راجع إليه، وعلى ما قيل‏۳ راجع إلى التناصح. وفيه حينئذٍ إيماء إلى أنّ التناسخ أيضاً من طاعة اللَّه التي يجب التعاون عليها.

1.قاله المحقّق المازندراني رحمة اللَّه عليه في شرحه، ج ۱۲، ص ۵۰۷.

2.القاموس المحيط، ج ۱، ص ۳۲۰ (عهد) مع التلخيص.

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الرابع
    سایر پدیدآورندگان :
    احمدی جلفایی، حمید ، فاضل البخشایشی، جواد
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
تعداد بازدید : 93947
صفحه از 568
پرینت  ارسال به