243
البضاعة المزجاة المجلد الرابع

- عزّ وجلّ - من حقّه) الضمير المجرور للَّه، ووجه عدم استغنائه ظاهر - أنّ إجراء حقوق اللَّه - عزّ وجلّ - في الخلق لا يمكن بدون القدرة والغلبة عليهم، ولا يمكن الغلبة عليهم بدون ناصر ومُعين بالضرورة.
وقوله: (ولا لإمرىٍ) عطف على قوله: «أمر» وكان اللاّم زائدة، ويؤيّده ما وقع في النهج: «ولا امرء» بدون اللّام.
(مع ذلك) كأنّه إشارة إلى ما حمّله اللَّه من حقّه.
وما قيل من أنّه إشارة إلى عدم الاستغناء عن الاستعانة،1 ففيه: أنّ قوله فيما بعد «بدون ما أن يعين على ذلك ويعاون» يستلزم التكرار مع الاختلال بسلاسة النظم.
وقال بعض الأفاضل:
كان قوله: «ولا لإمرىٍ مع ذلك» راجع إلى ما حمل اللَّه على الوالي، أو إلى الوالي الذي اُشير إليه سابقاً؛ أي لا يجوز، أو لابدّ لإمرء مع الوالي، أو مع كون واليه مكلّفاً بالجهاد وغيره من اُمور الدِّين، وإن كان ذلك المرء ضعيفاً محقّراً بدون أن يعين على إقامة الدِّين ويعينه الناس أو الوالي عليه.2
هذا كلامه وهو كما ترى.
(خسأت به الاُمور) .
الظاهر أنّ الجملة صفة لإمرئ، والضمير المجرور راجع إليه. يُقال: خسأت الكلب - كمنعت - خسأ، أي طردته، وأبعدته. وخسأ الكلب بنفسه، يتعدّى ولا يتعدّى. نصّ عليه الجوهري.3
وقيل: يُقال في المتعدّي: خَسَأ خَسْأً. وفي اللّازم: خسأ خُسُوء.4
وقال الفيروزآبادي:
خسأ الكَلبَ - كمنع - خسأ وخسوء: طرده. والكلبُ: بَعُدَ. وخسئ البصر: كَلَّ.

1.لم نعثر على قائله.

2.قاله المحقّق المازندراني رحمة اللَّه عليه في شرحه، ج ۱۲، ص ۵۰۸.

3.قاله العلّامة المجلسي رحمة اللَّه عليه في مرآة العقول، ج ۲۶، ص ۵۰۸.

4.الصحاح، ج ۱، ص ۴۷ (خسأ) مع اختلاف في اللفظ.


البضاعة المزجاة المجلد الرابع
242

نصيحة بعضهم لبعض للَّه تعالى بأن لا يكون النظر صلة للنصيحة. ويؤيّد الأخير ما وقع في النهج النصيحة.
(بمبلغ جهدهم) دون الصّلة.
قيل: في الإتيان ب «من» التبعيضيّة ولفظ الواجب إشارة إلى أنّ حقوقه تعالى غير منحصرة في الواجب وأنّ حقّه الواجب، غير منحصر في النصيحة.1
وقال صاحب النهاية:
النصيحة: الخلوص. يُقال: نصحته ونصحت له. ومعنى نصيحة اللَّه صحّة الاعتقاد في وحدانيّته، وإخلاص النيّة في عبادته. والنصيحة لكتاب اللَّه هو التصديق به، والعمل بما فيه. ونصيحة رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله التصديق بنبوّته ورسالته، والانقياد لما أمر به ونهى عنه. ونصيحة الأئمّة أن يطيعهم في الحقّ. ونصيحة عامّة المسلمين إرشادهم إلى مصالحهم بمبلغ جهدهم، أي بغاية طاقتهم ونهاية سعيهم.2(والتعاون على إقامة الحقّ فيهم) .
في بعض نسخ الكتاب والنهج: «بينهم» بدل «فيهم».
ثمّ أراد عليه السلام أن يشير إلى أنّ أصناف الناس عموماً يحتاجون إلى المتعاون، سواء في ذلك الوالي والرعيّة؛ فإنّه عليه السلام مع كمال منزلته وعلوّ درجته في أداء الحقوق يحتاج إلى إجراء الأحكام وإقامة الحدود وغيرها إلى إعانة الرعيّة، وكذا الرعيّة كانوا أقوياء أو ضعفاء يحتاج بعضهم إلى بعض في الامتثال بأداء الحقوق، فقال: (وليس امرؤ) .
في بعض النسخ: «ثمّ» بدّل الواو.
(وإن عظمت في الحقّ منزلته) بسبب رعايته كما ينبغي.
(وجسمت) بضمّ السين، أي عظمت.
(في الحقّ فضيلته) ؛ لإحاطة علمه بحقوق اللَّه تعالى.
وحاصل الفقرتين أنّه وإن كان كاملاً في القوّة العمليّة والنظريّة (بمستغن على أن يعاون) - في بعض النسخ: «عن» بدل «على». وفي بعضها: «يعان» بدون الواو و (على ما حمّله اللَّه

1.قاله المحقّق المازندراني رحمة اللَّه عليه في شرحه، ج ۱۲، ص ۵۰۸.

2.النهاية، ج ۵، ص ۶۳ (نصح) مع التلخيص.

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الرابع
    سایر پدیدآورندگان :
    احمدی جلفایی، حمید ، فاضل البخشایشی، جواد
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
تعداد بازدید : 93752
صفحه از 568
پرینت  ارسال به