247
البضاعة المزجاة المجلد الرابع

وقوله: (من الغلّ) إمّا بالضمّ، وهو الحديدة التي تجمع يد الأسير في عنقه، أو بالكسر وهو الغش والحقد، فلو اُريد الأوّل - كما هو الظاهر - فالمراد أغلال الكفر والشرك والمعاصي، أو يكون إشارة إلى قوله تعالى: «وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ»۱ أي يخفّف عنهم ما كلّفوا به من التكاليف الشاقّة.
(فاختر علينا) ما شئت (فامض اختيارك) أي أنفذه علينا وأجره فلك الإمضاء وعلينا التسليم.
(وائتمر فأمض ائتمارك).
الائتمار: المشاورة، وقبول الأمر، فمعناه على الأوّل: شاور نفسك أو مَن شئت في أمرنا، فأمض ما اخترت في مشورتك علينا لما فيه مصلحة ديننا ودُنيانا. وعلى الثاني قيل: معناه: افعل ما أمرك اللَّه به فأمضه علينا.۲(فإنّك القائل).
في بعض النسخ: «العامل».
(المصدّق) بفتح الدال.
(والحاكم الموفّق) بفتح الفاء، أي وفّقك اللَّه للإصابة في الحكم، أو لجميع الخيرات.
(والمِلك) بكسر اللّام.
(المخوّل) بفتح الواو.
ويقال: خوّله اللَّه المال، أي ملّكه وأعطاه إيّاه مفضّلاً، يعني أنّك المملّك والمنعم عليه الذي أعطاك اللَّه رئاسة الدارين والإمرة علينا، وجعلنا مواليك وشيعتك.
وفي بعض النسخ: «المحوّل» بالحاء المهملة، وكأنّه على صيغة اسم المفعول [من ]الحول بمعنى القوّة، أو بمعنى الحذق وجودة النظر. ويحتمل كونه اسم الفاعل من التحويل بمعنى المتصرّف في الاُمور كيف شاء، أو بمعنى التحوّل وهو الحذق والمهارة.
(لا نستحلّ في شي‏ء من‏۳معصيتك).
قال الجوهري: «استحلّ الشي‏ء، أي عدّه حلالاً».۴ وتعديته ب «في» لتضمين مثل معنى الدخول.

1.الأعراف (۷): ۱۵۷.

2.اُنظر: مرآة العقول، ج ۲۶، ص ۵۲۴.

3.في المتن الذي ضبطه الشارح رحمة اللَّه عليه سابقاً: - «من».

4.الصحاح، ج ۴، ص ۱۶۷۵ (حلل).


البضاعة المزجاة المجلد الرابع
246

وقال الجوهري: «يستوي فيه الواحد والمؤنّث والجمع».۱
والسّواء: العدل، والمستوي. وإنّما ذكر عليه السلام ذلك لئلّا يتوهّم يستغنون بإعانة بعضهم بعضاً عن ربّهم، بل هو الموفّق والمُعين لهم في جميع اُمورهم، ولا يستغنون بشي‏ء عنه سبحانه، وإنّما كلّفهم بذلك ليختبر طاعتهم ويُثيبهم على ذلك، ولأنّ حكمته البالغة اقتضت أن يجري الأشياء بأسبابها، وهو المسبّب لها والقادر على إمضائها بلا سبب.
(فأجابه رجلٌ من عسكره) لعلّه الخضر عليه السلام.
ويظهر من الروايات‏۲ أنّه قد جاء في مواطن كثيرة، وكلّمه عليه السلام لإتمام الحجّة على الحاضرين، وقد أتى بعد وفاته عليه السلام وقام على باب داره فبكى وأبكى، وخاطبه عليه السلام بأمثال تلك الكلمات، ثمّ خرج وغاب عن الناس.
وقوله: (بما أبلاهم) أي أنعمهم وأحسن إليهم، أو اختبرهم بالتكليف.
(وأعطاهم من واجب حقّه) أي حقّ أمير المؤمنين عليه السلام، أو حقّ اللَّه عزّ وجلّ، والأوّل أظهر.
والظاهر أنّ قوله: (والإقرار) عطف على الثناء، وأنّ قوله: (بما ذكر) على البناء للفاعل، أي أقرّ إقراراً حسناً بأشياء ذكرها ذلك الرجل، وأجمل عليه السلام ذكرها، ولم يذكرها مفصّلاً اختصاراً أو تقيّةً.
ويحتمل عطف على واجب حقّه، وقراءة «ذكر» على البناء للمفعول.
والضمير المفرد في قوله: (من تصرّف الحالات به وبهم) عائد إلى أمير المؤمنين عليه السلام، وضمير الجمع إلى أصحابه وعساكره.
ويحتمل بعيداً عود الضمير المفرد إلى ذلك الرجل. وكأنّ المراد بتصرّف الحالات تغييرها من استيلاء أئمّة الجور عليه عليه السلام ومظلوميّته، وتغيير أحوال رعيّته من تقصيرهم في حقّه وطاعته، أو ما وقعت فيهم من التنازع والتخالف والتحكيم، وبناء هذا التوجيه على قراءة «ذكر» على صيغة المعلوم، ولو قرئ على صيغة المجهول فالمراد بتلك الحالات ما ذكره عليه السلام من حالات الولاة والرعيّة.
وقوله: (بك أخرجنا اللَّه من الذلّ) أي من مذلّة الجهل والكفر إلى عزّة العلم والإيمان.

1.الصحاح، ج ۳، ص ۱۲۳۶ (شرع).

2.اُنظر: الكافي، ج ۱، ص ۵۲۵ و ۵۲۶؛ الاحتجاج، ج ۱، ص ۲۶۶ و ۲۶۷؛ الأمالي للطوسي، ص ۵۱، ح ۶۷.

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الرابع
    سایر پدیدآورندگان :
    احمدی جلفایی، حمید ، فاضل البخشایشی، جواد
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
تعداد بازدید : 93378
صفحه از 568
پرینت  ارسال به