«أُوْلُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنْ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ»۱ أي إخراجي نفسي من أن أبقى وأترحّم مداهنة (في حقوق لم أفرغ من أدائها).۲
قال الفيروزآبادي: ««أُوْلُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ» أي إبقاء أو فهم. وأبقيت ما بيننا: لم أبالغ في إفساده. والاسم: «البقيّة».۳(فلا تكلّموني بما تكلّم به) على البناء للمفعول من باب التفعيل.
(الجبابرة) جمع جبّار، وهو المتكبّر الذي لا يرى لأحدٍ عليه حقّاً، وكلّ عاتٍ، والقتال في غير حقّ.
أي لا تثنوا عليَّ كما تثني على أهل الجبروت من الملوك خوفاً من سطوتهم.
(ولا تتحفّظوا منّي بما يتحفّظ به عند أهل البادرة).
التحفّظ: الاحتراز، والاحتياط.
والبادرة: ما يبدو من الحدّة في الغضب من قولٍ أو فعلٍ. يُقال: أخشى بادرته وبدر منه بوادر، أي غضب.
ولعلّ المراد: ولا تحتشموا منّي كما تحتشم من السلاطين والاُمراء من أهل الجور، كترك المسارّة والحديث إجلالاً وخوفاً، وترك مشاورتهم، أو إعلامهم ببعض الاُمور، وعرض الأحوال عليهم، وترك الانبساط معهم، والقيام بين أيديهم، إلى غير ذلك.
قيل: إنّما نهى عنه؛ لأنّه يوجب عُجب النفس وكبرها، ولأنّه يفوت به كثير من المصالح الدينيّة والدنيويّة.۴(ولا تخالطوني بالمصانعة).
في القاموس: «المصانعة: الرشوة، والمداراة، والمداهنة».۵
ولعلّ المراد: لا تداهنوني بالمدح والإطراء وأمثالهما كما يداهن به كثيرٌ من الاُمراء والولاة الذين يستفزّهم المدح ويستخفّهم الإطراء، فيغمضون عن كثيرٍ من الحقوق مكافأة للمادح لما صنع من التزكية وإن كان نفاقاً.
1.هود (۱۱): ۱۱۶.
2.قاله العلّامة المجلسي رحمة اللَّه عليه في مرآة العقول، ج ۲۶، ص ۵۲۷.
3.القاموس المحيط، ج ۴، ص ۳۰۴ (بقي) مع اختلاف في اللفظ.
4.قاله المحقّق المازندراني رحمة اللَّه عليه في شرحه، ج ۱۲، ص ۵۱۱ مع اختلاف في اللفظ.
5.القاموس المحيط، ج ۳، ص ۵۳ (صنع).