259
البضاعة المزجاة المجلد الرابع

صلاحاً (لنفسك ولنا) من أمر الدِّين والدّنيا.
(وآثر) أي اختر من الإيثار (أمر اللَّه) وحكمه.
(على نفسك وعلينا، فنحن طَوّع فيما أمرتنا).
الطوع - كركع - : جمع طائع، وهو السلس القياد الذي لا يتأتّى ما يراد منه.
(ننقاد من الاُمور مع ذلك) أي مع طاعتنا لك.
(فيما ينفعنا)؛ يعني أنّ نفس الطاعة أمرٌ مرغوبٌ فيه، ومع ذلك موجب لحصول ما ينفعنا، وهو خيرٌ لنا في عاجلنا وآجلنا.
وقال بعض الشارحين:
أي ننقاد لك فيما ينفعنا من الاُمور بالعمل به مع الطّوع والرغبة، وعدم الكراهة منه، في الفقرة الاُولى إشارة إلى الانقياد قلباً، وفي الثاني على الانقياد عملاً، وكلّ ما أمر به عليه السلام فهو نافع، فقوله: «فيما ينفعنا» لبيان الواقع لا للتقييد.۱(فأجابه أمير المؤمنين عليه السلام فقال: أنا أستشهدكم).
قال الجوهري: «استشهدت فلاناً: سألته أن يشهد».۲(عند اللَّه على نفسي) بحسن السياسة، والشفقة، والموعظة الحسنة، والنصيحة الخالصة لكم.
وقوله: (لعلمكم فيما ولّيت به من اُموركم) تعليل لتخصيص الاستشهاد بالحاضرين، ضرورة أنّ الشهادة بالشي‏ء موقوفة على العلم بذلك الشي‏ء، كذا قيل،۳ وعندي في ذلك نظر، وظنّي أنّ الخطاب هنا كالخطاب في قوله تعالى: «وَلَوْ تَرَى إِذْ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُوا رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ»۴، والمقصود كلّ من يصحّ منه العلم بالمشهود به، وكلمة «في» للظرفيّة توسّعاً بمعنى الباء، و«ولّيت» على البناء للمفعول من التولية.
(وعمّا قليل يجمعني وإيّاكم الموقف بين يديه).
كلمة «ما» زائدة غير كافّة، كما في قوله تعالى: «فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنْ اللَّهِ»۵، وإسناد الجمع على الموقف مجاز.

1.قاله المحقّق المازندراني رحمة اللَّه عليه في شرحه، ج ۱۲، ص ۵۱۳.

2.الصحاح، ج ۲، ص ۴۹۴ (شهد).

3.السجدة (۳۲): ۱۲.

4.آل عمران (۳): ۱۵۹.


البضاعة المزجاة المجلد الرابع
258

قال الجوهري: «زكّى نفسه تزكيه: مدحها. وقوله تعالى: «وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا»۱ قالوا: تطهّرهم بها».۲(ولا نجاوز القصد في الثناء عليك).
في القاموس: «القصد: استقامة الطريق، وضدّ الإفراط، كالاقتصاد»۳ أي لا نجاوز في مدحك طريق الاقتصاد كما يجاوزه الغلاة، فتمنعنا منه.
(ولم يكنّ في أنفسنا طعن على يقينك) إلى قوله: (أو دخلك كِبر).
يحتمل قراءة «يكُنّ» على بناء المجهول من كننت الشي‏ء: إذا سترته، ومعناه: لا يخطر ببالنا أبداً أنّ في يقينك ضعفاً، وفي دينك غشّاً ونفاقاً، فنخاف بما قلنا فيك من المدح والثناء أن يدخل في قلبك تجبّر وتكبّر، كما يدخلان بهما في قلب ضعيف اليقين ناقص الدِّين.
ويحتمل قراءته بفتح الياء وكسر الكاف من الوكن. قال الفيروزآبادي: «وكن الطائر بيضه [وعليه‏] يكَنَهُ: حضنه. وتوكّن: تمكّن. والوكن: عشّ الطائر، والسير الشديد، والجلوس»۴ انتهى.
وفي بعض النسخ: «لم يكن» وفي بعضها: «لن يكون».
ثمّ أشار إلى أنّ ثمرة ذلك القول ليست راجعة إليك حيث إنّه لا يوجب رفعاً لدرجتك، بل هي راجعة إلينا؛ لأنّه يوجب قربنا إلى اللَّه وتوسّعنا في الثواب وأداء شكره تعالى بإعظام أمرك بقوله: (ولكنّا نقول لك ما قلنا) من المدح والثناء (تقرّباً إلى اللَّه - عزّ وجلّ - بتوقيرك)أي تعظيمك وتبجيلك وترزينك، حيث إنّه من أعظم القربات.
(وتوسّعاً) في الفضل والثواب.
(بتفضيلك) أي بإقرارنا بفضلك على جميع الاُمّة.
(وشكراً) للَّه عزّ وجلّ (بإعظام أمرك)؛ فإنّه نعمة جليلة من اللَّه تعالى علينا بها.
ثمّ أشار إلى أنّه مقام التسليم له عليه السلام في جميع الاُمور بقوله: (فانظر) إلى ما ترى فيه

1.التوبة (۹): ۱۰۳.

2.لم نعثر عليه في الصحاح، وجاءت العبارة بعينها في مختار الصحاح، ص ۱۴۸ (زكى).

3.القاموس المحيط، ج ۱، ص ۳۲۷ (قصد) مع التلخيص.

4.القاموس المحيط، ج ۴، ص ۲۷۶ (وكن) مع التلخيص والتقديم والتأخير في العبارة.

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الرابع
    سایر پدیدآورندگان :
    احمدی جلفایی، حمید ، فاضل البخشایشی، جواد
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
تعداد بازدید : 93244
صفحه از 568
پرینت  ارسال به