261
البضاعة المزجاة المجلد الرابع

(فقال والبكاء يقطع منطقه) أي كلامه.
ووضع «يقطع» في موضع «قطع»؛ للدلالة على الاستمرار التجدّدي.
(وغصص الشجا تكسر صوته).
قال الفيروزآبادي: «الغصّة - بالضمّ - : الشجا. الجمع: غصص. وما اعترض في الحلق فأشرق. وأغصّ علينا الأرض: ضيّقها».۱
وقال:
شجاه: حزنه. وأشجاه: قهره، وغلبه، وأوقعه في حزن. والشجا: ما اعترض في الحلق من عظم ونحوه. شجي - كرضى - شجىً، ومفازة شجواء: صعبة.۲
أقول: إضافة الغصص إلى الشجا على بعض هذه المعاني بيانيّة، وعلى بعضها لاميّة. و«تكسر» - من الكسر، أو من التكسير - للمبالغة.
وقوله: (إعظاماً) مفعول ل «أجابه» حتّى يكون فعلاً لفاعل الفعل المعلّل به، لا ل «يقطع» ولا ل «عال» لاختلاف الفاعل.
(لخطر مرزئته) أي لعظم مصيبته.
والخطر - بالتحريك وتقديم المعجمة - : القدر، والمنزلة، والرفعة والإشراف على الهلاك.
والمرزئة - بفتح الميم وتقديم المهملة وهمز اللّام - : المصيبة.
والضمير راجع إلى أمير المؤمنين عليه السلام، ويحتمل بعيداً إرجاعه إلى القائل، وكذا ضمير «فجيعته» في قوله: (ووحشته)۳ أي همّه أو خوفه، والضمير للقائل (من كون فجيعته)أي من حصول مصيبة ووقوعها.
والفجيعة: المصيبة. ويقال: فجعه - كمنعه - : إذا أوجعه. وتفجّع: توجّع للمصيبة. ولعلّ تلك المرزئة والمصيبة لكون ذلك القائل عالماً بقرب زمان شهادته عليه السلام، أو لما رآه من اختلاف أصحابه عليه السلام ورجوع أكثرهم عنه.
وقوله: (ثمّ شكا إليه) أي إلى اللَّه تعالى.

1.القاموس المحيط، ج ۲، ص ۳۱۰ (غصص) مع التلخيص.

2.القاموس المحيط، ج ۴، ص ۳۴۷ (شجو) مع التلخيص.

3.في كلتا الطبعتين والمتن الذي ضبطه الشارح رحمة اللَّه عليه سابقاً: «ووحشة».


البضاعة المزجاة المجلد الرابع
260

وقوله: (السؤال عمّا كنّا فيه) عطف على الموقف.
(ثمّ يشهد بعضنا على بعض) بما صدر منه من رعاية الحقوق بالنسبة إلى الخالق والمخلوق، ولما كانت الشهادة في الدُّنيا قد يقع على خلاف الواقع لغرض من الأغراض بخلاف الآخرة.
قال: (فلا تشهدوا اليوم) أي في الدُّنيا (بخلاف ما أنتم شاهدون) به (غداً) أي في الآخرة.
واستعمل اسم الفاعل هنا للاستقبال.
وقيل: «شاهدون» في موضع «تشهدون»، عدل عنه تصويراً لما يقع بصورة الواقع.
(فإنّ اللَّه - عزّ وجلّ - لا يخفى عليه خافيةٌ) أي سريرة.
قال الفيروزآبادي: «الخافية: ضدّ العلانية، والشي‏ء الخفي، كالخافي».۱(ولا يجوز عنده إلّا مناصحة الصدور في جميع الاُمور).
مناصحة الصدور: خلوصها عن غشّ النفاق، بأن يضمر فيها خلاف ما يظهر، أو نصح الإخوان لا بمجرّد اللّسان بل نصحاً مستقرّاً في الصدور، وهذه المناصحة في جميع الاُمور دينيّة كانت أو دنيويّة، شهادة كانت أو عبادة.
وقيل: هذه الفقرة تعليل لقوله: «فلا تشهدوا» إلى آخره، تقريره: أنّ شهادة الآخرة من صميم القلب قطعاً، وشهادة الدُّنيا إذا كانت بخلافه كانت بمجرّد اللسان مع مخالفة القلب، واللَّه سبحانه عالم بما في القلوب لا يخفى عليه خافية، فلا يجوز عنده من الشهادة منّا لا يوافق القلب، بل هي نفاق وشهادة زور.۲
وقوله: (وقد عال الذي في صدره) أي اشتدّ وتفاقم.
وفي بعض النسخ: «وقد عاله» أي غلبه، وثقل عليه، وأهمّه.
قال الفيروزآبادي: «عال أمرهم: اشتدّ وتفاقم. والشي‏ء فلاناً: غلبه، وثقل عليه، وأهمّه».۳ انتهى.
والمراد بالذي في صدره اشتداد حزنه من ضعف الدِّين وأهله، وتشتّت أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام واختلاف كلمتهم.

1.القاموس المحيط، ج ۴، ص ۳۲۴ (خفي).

2.قاله المحقّق المازندراني رحمة اللَّه عليه في شرحه، ج ۱۲، ص ۵۱۴.

3.. القاموس المحيط، ج ۴، ص ۲۲ (عول) مع التلخيص.

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الرابع
    سایر پدیدآورندگان :
    احمدی جلفایی، حمید ، فاضل البخشایشی، جواد
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
تعداد بازدید : 93224
صفحه از 568
پرینت  ارسال به