وقال: الغمرة في الأصل ما يغمرك من الماء ويغطّيك، ثمّ كثر استعماله في الشدّة مطلقاً،۱ والإضافة على تقدير إرادة الماء من الغمرة من قبيل لجين الماء، والوجه الإهلاك، وعلى تقدير إرادة الشدّة منها لامية.
(وبمَن إلّا بكم أظهر اللَّه معالم ديننا) أي مواضع العلوم الدينيّة، وهي الشرائع النبويّة.
(واستصلح ما كان فسد من دنيانا) بسبب فساد الناس وفشوّ الجور والظلم بينهم قبل الوحي وبعد انقطاعه.
(حتّى استبان بعد الجور ذكرنا) أي نكون في عداد المذكورين بالخير والصلاح والشرف والفلاح بعد الكفر والشرّ والفساد قبل بعثة النبيّ صلى اللَّه عليه وآله وبعد قبضه.
وفي بعض النسخ: «الحور» بالحاء المهملة. قال الفيروزآبادي: «الحَور: الرجوع، والنقصان. وبالضمّ: الهلاك، والنقص».۲(وقرّت من رخاء العيش أعيننا).
لا ريب أنّ القوانين العدليّة في العيش قامت بهم - صلوات اللَّه عليهم - وارتفع كلّ ما هو سبب لضيق العيش من الجور والظلم والبغي والقتل والنهب وغيرها ممّا يخلّ بالنظام ويبدّد جمع الأنام.
قال الفيروزآبادي: «الرّخاء - بالفتح - : سعة العيش. رخو ككرم ودعا ورعا ورضى».۳
والظاهر أنّ قوله: (لما ولّيتنا بالإحسان جهدك) تعليل لقوله: «أخرجنا اللَّه من فظاعة تلك الخطرات» وما عطف عليه، و«ما» مصدريّة.
والتولية إمّا بمعنى الاستقبال، والباء للتعدية، أي جعلت الإحسان مستقبلاً إلينا بجهدك. قال الجوهري: «قوله تعالى: «وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا»۴ أي مستقبلها بوجهه».۵
أو بمعنى التقريب، والباء للسببيّة، أي قرّبت إلينا اجتهادك في إرشادنا لإرادتك الإحسان إلينا.
1.. شرح المازندراني، ج ۱۲، ص ۵۱۴.
2.القاموس المحيط، ج ۲، ص ۱۵ (حور) مع التلخيص.
3.القاموس المحيط، ج ۴، ص ۳۳۳ (رخو) مع التلخيص.
4.البقرة (۲): ۱۴۸.
5.الصحاح، ج ۶، ص ۲۵۲۹ (ولى).