265
البضاعة المزجاة المجلد الرابع

وقال: الغمرة في الأصل ما يغمرك من الماء ويغطّيك، ثمّ كثر استعماله في الشدّة مطلقاً،۱ والإضافة على تقدير إرادة الماء من الغمرة من قبيل لجين الماء، والوجه الإهلاك، وعلى تقدير إرادة الشدّة منها لامية.
(وبمَن إلّا بكم أظهر اللَّه معالم ديننا) أي مواضع العلوم الدينيّة، وهي الشرائع النبويّة.
(واستصلح ما كان فسد من دنيانا) بسبب فساد الناس وفشوّ الجور والظلم بينهم قبل الوحي وبعد انقطاعه.
(حتّى استبان بعد الجور ذكرنا) أي نكون في عداد المذكورين بالخير والصلاح والشرف والفلاح بعد الكفر والشرّ والفساد قبل بعثة النبيّ صلى اللَّه عليه وآله وبعد قبضه.
وفي بعض النسخ: «الحور» بالحاء المهملة. قال الفيروزآبادي: «الحَور: الرجوع، والنقصان. وبالضمّ: الهلاك، والنقص».۲(وقرّت من رخاء العيش أعيننا).
لا ريب أنّ القوانين العدليّة في العيش قامت بهم - صلوات اللَّه عليهم - وارتفع كلّ ما هو سبب لضيق العيش من الجور والظلم والبغي والقتل والنهب وغيرها ممّا يخلّ بالنظام ويبدّد جمع الأنام.
قال الفيروزآبادي: «الرّخاء - بالفتح - : سعة العيش. رخو ككرم ودعا ورعا ورضى».۳
والظاهر أنّ قوله: (لما ولّيتنا بالإحسان جهدك) تعليل لقوله: «أخرجنا اللَّه من فظاعة تلك الخطرات» وما عطف عليه، و«ما» مصدريّة.
والتولية إمّا بمعنى الاستقبال، والباء للتعدية، أي جعلت الإحسان مستقبلاً إلينا بجهدك. قال الجوهري: «قوله تعالى: «وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا»۴ أي مستقبلها بوجهه».۵
أو بمعنى التقريب، والباء للسببيّة، أي قرّبت إلينا اجتهادك في إرشادنا لإرادتك الإحسان إلينا.

1.. شرح المازندراني، ج ۱۲، ص ۵۱۴.

2.القاموس المحيط، ج ۲، ص ۱۵ (حور) مع التلخيص.

3.القاموس المحيط، ج ۴، ص ۳۳۳ (رخو) مع التلخيص.

4.البقرة (۲): ۱۴۸.

5.الصحاح، ج ۶، ص ۲۵۲۹ (ولى).


البضاعة المزجاة المجلد الرابع
264

قال الجوهري: «أكثر ما يستعمل الإخوان في الأصدقاء، والإخوة في الولادة».۱
ومعناه على النسخة الاُولى ظاهر، وعلى الثانية قيل: معناه: كنت تعاشر من يعصيك ويكفر نعمتك معاشرة الإخوان شفقةً منك عليهم، أو المراد الشفقة على الكفّار والعصاة والاهتمام في هدايتهم، ويحتمل أن يكون المراد المنافقين الذين كانوا في عسكره، وكان يلزمه رعايتهم بظاهر الشرع. وقيل: المراد بالإخوان الخِوان، وهو المائدة التي يؤكل عليها الطعام.۲
قال صاحب النهاية: «الإخوان: لغة قليلة في الخِوان الذي يوضع عليه الطعام عند الأكل».۳
وأقول: يؤيّد هذا التوجيه أنّه وقع في بعض النسخ: «خواناً» بدل «إخواناً»، وكأنّه على النسخة الثانية شبّه أمير المؤمنين عليه السلام بالمائدة في أنّ العصاة والكفّار يأخذون من مائدة علومه فيصيرون مؤمنين.
وقيل: على النسخة الثانية الإخوان بمعنى الأسد،۴ ولم يثبت مجيئه بهذا المعنى، نعم ذكر الجوهري: «الخوان: الأسد»۵ فتأمّل.
(فبمن إلّا بأهل بيتك وبك أخرجنا اللَّه - جلّ وعزّ - من فظاعة تلك الخطرات).
كلمة «من» استفهاميّة. والفظاعة: الشناعة. يُقال: فظع الأمر - ككرم - أي اشتدّت شناعته، وجاوز المقدار في ذلك.
وفي الكلام تقديم وتأخير، أي بمن أخرجنا اللَّه من شناعة تلك الاُمور الخطيرة إلّا بك وبأهل بيتك، ولعلّ المراد بتلك الخطرات المعصية والكفر وتعاون أهلهما، ويحتمل بعيد أن يُراد بها خطرات يوم القيامة؛ لتبادرها وإن لم يسبق لها ذكراً.
(وبمن فرّج عنّا غمرات الكربات).
الغمرة: الشدّة. والكربة - بالضمّ - : الغمّ، والحزن الذي يأخذ بالنفس.
وقيل: الظاهر أنّ فيه حذفاً، وهو الأبكم بقرينة السابق واللّاحق.۶

1.قاله المحقّق المازندراني رحمة اللَّه عليه في شرحه، ج ۱۲، ص ۵۱۴.

2.الصحاح، ج ۶، ص ۲۲۶۴ (أخا).

3.قاله العلّامة المجلسي رحمة اللَّه عليه في مرآة العقول، ج ۲۶، ص ۵۳۱.

4.النهاية، ج ۱، ص ۳۰ (أخا).

5.اُنظر: شرح المازندراني، ج ۱۲، ص ۵۱۴.

6.الصحاح، ج ۵، ص ۲۱۰۹ (خون).

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الرابع
    سایر پدیدآورندگان :
    احمدی جلفایی، حمید ، فاضل البخشایشی، جواد
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
تعداد بازدید : 73807
صفحه از 568
پرینت  ارسال به