267
البضاعة المزجاة المجلد الرابع

وعجز عن المدافعة عن نفسه وعرضه عزيز عنده يدفع عنه ما يوجب ضعفه وعجزه، ويجلب إليه ما يوجب قوّته وعزّه.
(وثمال فقرائنا).
في القاموس: «ثمال - ككتاب - : الغياث الذي يقوم بأمر قومه. وكمنزل: الملجأ. وثملهم: أطعمهم، وسقاهم، وقام بأمرهم».۱(وعماد عظمائنا) في الحال والشرف والمال؛ لأنّ بقاء عظمتهم به عليه السلام وبنصره كبقاء الخيام والبيوت بالعمود. قال الفيروزآبادي: «العمود: معروف، كالعِماد بالكسر».۲(يجمعنا من الاُمور عدلك).
كلمة «من» بمعنى «في» كما قيل‏۳ في قوله تعالى: «أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنْ الْأَرْضِ»۴، وفي قوله عزّ وجلّ: «إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ»۵.
ويحتمل كونها للتبعيض، أي عدلك سبب لاجتماع اُمورنا وعدم تفرّقنا في جميع الاُمور أو من بين سائر الاُمور، أو هو يحيط بجميعنا في جميع الاُمور والخيرات الدينيّة والدنيويّة، والحاصل: أنّه لولا عدلك لانتثرت اُمورنا، وتفرّق جمعنا.
(ويتّسع لنا في الحقّ تأنّيك) أي تثبّتك في الاُمور ومداراتك فيها وعدم مبادرتك في الحكم علينا بما نستحقّه سبب لتوسعة الحقّ علينا وعدم تضيّق الاُمور بنا؛ إذ الحاكم إذا كان عجولاً غضوباً يبطل نظامه ونظام الرعيّة، ويضيق عليهم اُمورهم.
(فكنت لنا اُنساً إذا رأيناك).
الاُنس - بالضمّ وبالتحريك - : ضدّ الوحشة، والحمل للمبالغة، أو يراد من الاُنس الأنيس، ولعلّ سبب الاُنس به أنّه عليه السلام كان في غاية الكمال في الإنسانيّة، فكانت القلوب تأنس إليه، وتفرح بمشاهدته.
(ولولا أنّ الأمر الذي نخاف عليك منه) من الموت، أو القتل، أو المغلوبيّة من الأعداء.

1.القاموس المحيط، ج ۳، ص ۳۴۴ (ثمل) مع التلخيص.

2.القاموس المحيط، ج ۱، ص ۳۱۷ (عمد) مع التلخيص.

3.راجع: تفسير البغوي، ج ۴، ص ۳۴۱؛ تفسير القرطبي، ج ۳، ص ۹۰؛ و ج ۱۸، ص ۹۷.

4.فاطر (۳۵): ۴۰.

5.الجمعة (۶۲): ۹.


البضاعة المزجاة المجلد الرابع
266

وقيل: أو بمعنى الإعطاء، من قولهم: أوليت معروفاً، أي أعطيته.۱ وفيه نظر.
قال البيضاوي في تفسير قوله تعالى: «فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا»۲: «أي فلنمكنّنك من استقبالها، من قولك: ولّيته كذا: إذا صيّرته والياً. أو فلنجعلنّك تلي جهتها» انتهى.۳
وقال الجوهري:
الجَهد والجُهد: الطاقة. قال الفرّاء: الجُهد - بالضمّ - : الطاقة؛ والجَهد - بالفتح - من قولك: أجهد جهدك في هذا الأمر، أي ابلغ غايتك. ولا يُقال: أجهد جُهدك. والجَهْد؛ المشقّة،۴ انتهى.
والمراد بالجهد هنا الاجتهاد في جميع الاُمور المتعلّقة بالدّين أو الدُّنيا بقرينة المقام وحذف المتعلّق.
(ووفيت لنا بجميع عهدك).
العهد: الوصيّة، والموثّق، ورعاية الحرمة، والأمان، والذمّة، والحفاظ، والمعرفة. ولعلّ المراد هنا جميع ما اُمِرَ عليه السلام بتبليغه وإرشاده إلى الاُمّة.
(فكنت شاهد من غاب عنّا).
قيل: هو النبيّ صلى اللَّه عليه وآله، أي تشهد له علينا بما جاء به، أو المراد بالشاهد الحاضر يعني أنّك قائم مقامه.۵(وخلف أهل البيت لنا).
يحتمل قراءة «خلّف» بالتشديد فعل ماض من التخليف على أن يكون معطوفاً على «شاهد»، ويراد بأهل البيت حينئذٍ النبيّ وفاطمة عليهما السلام. قال الجوهري:
الخَلْف والخَلَف: ما جاء من بعد، يُقال: هو خَلف سوء من أبيه، وخَلَف صدق من أبيه - بالتحريك - : إذا قام مقامه. قال الأخفش: هما سواء منهم من يحرّك ومنهم من يسكّن فيهما جميعاً إذا أضاف.۶(وكنت عزّ ضعفائنا) أي سبب عزّهم؛ فإنّ الذي ضعف حاله وقلّ ماله من مواليه عليهم السلام

1.لم نعثر على قائله.

2.البقرة (۲): ۱۴۴.

3.تفسير البيضاوي، ج ۱، ص ۴۲۰.

4.الصحاح، ج ۲، ص ۴۶۰ (جهد) مع التلخيص.

5.قاله المحقّق المازندراني رحمة اللَّه عليه في شرحه، ج ۱۲، ص ۵۱۵ مع التلخيص.

6.الصحاح، ج ۴، ص ۱۳۵۴ (خلف).

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الرابع
    سایر پدیدآورندگان :
    احمدی جلفایی، حمید ، فاضل البخشایشی، جواد
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
تعداد بازدید : 73800
صفحه از 568
پرینت  ارسال به