275
البضاعة المزجاة المجلد الرابع

وأقول: يمكن أن ينزّل «يقولّن» منزلة اللّازم، ويكون المقصود النهي عن حقيقة القول. ويحتمل كونه من التقوّل بحذف إحدى التائين. قال الجوهري: «تقوّل عليه: أي كذب».۱
وفي بعض النسخ: «رجالاً» بالنصب. قيل: ولعلّ فيه حينئذٍ حذفاً، أي لا تقولنّ أنتم نعتقد أو نتولّى رجالاً صفتهم كذا وكذا.۲(قد كانت الدُّنيا غمرتهم).
يقال: غمره الماء كنصر غمراً، أي غطّاه. وغمرة الشي‏ء: شدّته، ومزدحمه.
(فاتّخذوا العقار) بالفتح، وهو الأرض، والضياع، والنخل، ومتاع البيت.
(وركبوا أفره الدوابّ).
قال الجزري: «دابّة فارهة، أي نشيطة حادّة قويّة».۳(ولبسوا ألين الثياب).
قال الجوهري: «اللّين: ضدّ الخشونة. وشي‏ء ليّن ولَيْن مخفّف منه».۴
وقوله: (عاراً وشناراً).
العار: كلّ شي‏ء لزم به عيب. والشنار - بالفتح - : أقبح العيب والعار، وأمر المشهور بالشنعة.
(إذا منعتهم) بصيغة المتكلّم، والظرف متعلّق ب «لا تقولنّ»، أو بصيغة الغائبة، والمستتر فيها للدّنيا. و«إذا» ظرف لقوله: «لم يغفر»، أو لمتقدّر. وكذا «صيّرتهم».
(ما كانوا فيه يخوضون) من أمر الدُّنيا، وطلب الزيادة في قسمة الأموال والعطايا.
وأصل الخوض الدخول في الماء، والاقتحام في الغمرات. وقالوا في قوله تعالى: «وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ»۵ أي في الباطل.۶(وصيّرتهم إلى ما يستوجبون).
إن قرئ «صيّرتهم» بصيغة المتكلّم، فالمراد بالموصول ما يستحقّون من التأديب،

1.الصحاح، ج ۵، ص ۱۸۰۷ (قول).

2.قاله العلّامة المجلسي رحمة اللَّه عليه في مرآة العقول، ج ۲۶، ص ۵۳۶.

3.النهاية، ج ۳، ص ۴۴۱ (فره).

4.الصحاح، ج ۶، ص ۲۱۹۸ (لين) مع التلخيص.

5.المدّثر (۷۴): ۴۵.

6.راجع: التبيان، ج ۱۰، ص ۱۸۶؛ مجمع البيان، ج ۱۰، ص ۱۸۷؛ تفسير البيضاوي، ج ۵، ص ۴۱۷.


البضاعة المزجاة المجلد الرابع
274

(ورسول الرّب الأعلى) من إدراك العقول ذاته ونيل الأوهام صفاته، أو من حيث الرتبة والشرف.
(فصدع بالكتاب المبين).
قال الجوهري:
الصّدع: الشقّ. وصدعت الشي‏ء: أي أظهرته، وبيّنته. ويُقال: صدعت بالحقّ: إذا تكلّمت به جهاراً. وقوله تعالى: «فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ»۱. قال الفرّاء: أراد فاصدع بالأمر، أي أظهر دينك.۲
وقال الفيروزآبادي:
قوله تعالى: «فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ» أي شقّ جماعاتهم بالتوحيد، أو أجهر بالقرآن، أو أظهر، أو احكم بالحقّ، وافصل بالأمر، أو اقصد بما تؤمر، أو افرق [به‏] بين الحقّ والباطل.۳
وقال الجوهري: «بانَ الشي‏ء بياناً: اتّضح. وكذلك أبان الشي‏ء فهو مبين. وأبنته أنا: أي أوضحته».۴
وقوله: (فلا تقولنّ رجال).
قيل: الظاهر أنّ قوله: «رجال» فاعل «لا تقولنّ» وما ذكر بعده إلى قوله عليه السلام: «ويقولون» صفات تلك الرجال، وقوله: «ظلمنا ابن أبي طالب» مقول القول، وقوله: «يقولون» تأكيد للقول المذكور في أوّل الكلام، وإنّما أتى به لكثرة الفاصلة بين العامل والمعمول.
ويحتمل أن يكون مقول القول محذوفاً يدلّ عليه قوله: «ظلمنا ابن أبي طالب».
وقال الفاضل الإسترآبادي:
مفعوله محذوف بتقدير الكلام: فلا تقولنّ ما قلتم من طلب التفضيل وغيره (رجال كانت الدُّنيا غمرتهم) في زمن الخلفاء الثلاثة إذا منعتهم ما كانوا يأخذون، وأعطيتهم ما يستوجبون، فيصرفون ما أعطيتهم، ويسألون الزيادة عليه، ويقولون: ظلمنا ابن أبي طالب، انتهى.۵

1.الحجر (۱۵): ۹۴.

2.الصحاح، ج ۳، ص ۱۲۴۱ (صدع) مع التلخيص.

3.القاموس المحيط، ج ۳، ص ۴۹ (صدع).

4.الصحاح، ج ۵، ص ۲۰۸۳ (بين) مع التلخيص.

5.نقله العلّامة المجلسي رحمة اللَّه عليه في مرآة العقول، ج ۲۶، ص ۵۳۶.

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الرابع
    سایر پدیدآورندگان :
    احمدی جلفایی، حمید ، فاضل البخشایشی، جواد
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
تعداد بازدید : 72225
صفحه از 568
پرینت  ارسال به