279
البضاعة المزجاة المجلد الرابع

وضمير التأنيث في قوله: (وجعل الثواب عنده عنها) راجع إلى المنازل. ولعلّ المراد بها الأعمال التي توصل إليها.
وقيل: لعلّ كلمة «عن» بمعنى «من» للتبعيض.۱(فاستتمّوا نِعَم اللَّه عزّ ذكره).
في القاموس: «استتمّه: جعله تماماً. واستتمّ النعمة: سأل إتمامها».۲
والمراد بالنعم ما أنعم اللَّه من الإقرار بالتوحيد والرسالة والولاية وغيرها من النِعَم الدينيّة والدنيويّة.
(بالتسليم لقضائه) أي الانقياد له، وعدم استثقاله وإن خفي سرّه، والشكر على نعمائه.
قال الجوهري: «النعمة: اليد، والصنيعة، والمنّة، وما أنعم به عليك، وكذلك النعمى، فإن فتحت النون مددت نقلت النعماء والنعيم مثله».۳(فمن لم يرض بهذا) أي بالتسليم بالقضاء، والشكر على النعماء.
(فليس منّا) أي من أهل ديننا وسنّتنا في الدُّنيا.
(ولا إلينا) أي ولا يرجع إلينا في الآخرة.
(وإنّ الحاكم) منّا أو الحاكم الكامل في الحكومة، والمآل واحد.
(يحكم بحكم اللَّه)؛ فمن لم يرض بحكمه فليس من حزب ذلك الحاكم، فالفاء للتعليل.
(ولا خشية عليه من ذلك).
قيل: أي لا يخشى على الحاكم العدل - أي الإمام - أن يترك حكم اللَّه، ولا يجوز أن يظنّ ذلك به، أو لا يخشى الحاكم بسبب العمل بحكم اللَّه من أحد، أو أن يكون معاقباً بذلك عند اللَّه.۴
وقيل: أي لا خشية على الحاكم من عدم الرضا بحكمه؛ إذ ضرره يعود إلى التارك، لا إليه.۵

1.قاله العلّامة المجلسي رحمة اللَّه عليه في مرآة العقول، ج ۲۶، ص ۵۳۷.

2.القاموس المحيط، ج ۴، ص ۸۳ (تمم) مع التلخيص.

3.الصحاح، ج ۵، ص ۲۰۴۱ (نعم).

4.قاله العلّامة المجلسي رحمة اللَّه عليه في مرآة العقول، ج ۲۶، ص ۵۳۸.

5.قاله المحقّق المازندراني رحمة اللَّه عليه في شرحه، ج ۱۲، ص ۵۱۹.


البضاعة المزجاة المجلد الرابع
278

والنسب، بل بالعمل والطاعة والزهادة.
قال الفيروزآبادي: «زهد فيه - كمنع وسمع وكرم - ضدّ رغب، زهداً وزهادة، أو الزهادة في الدُّنيا والزهد في الدِّين».۱(وفيما أصبحتم فيه راغبين).
قيل: أي انظروا فيما أصبحتم وصرتم راغبين فيه، هل يشبه ما رأيتم وعهدتم ممّا تقدّم ذكره، أو انظروا أيّهما أصلح لأن يرغب فيه.۲
وقيل: أي انظروا أيضاً فيما أصبحتم فيه راغبين هل هو ذاك الذي أصبتم في كتاب اللَّه؛ يعني ليس هو بذاك وإنّما هو الدُّنيا وزهرتها.۳
وقيل: أي انظروا أيضاً في الحالة والطريقة التي أصبحتم اليوم فيه راغبين، وادّعيتم غير سنّة الأوّلين، وهو التفاوت في الانصباء بالحسب والنسب.۴
وبالجملة أحوالكم في هذا اليوم على خلافها في عهد النبيّ صلى اللَّه عليه وآله، حيث إنّ ما أصبتم في عهده صلى اللَّه عليه وآله من العطيّة، وما لم تصيبوا منها وتركتموه عنده إنّما كان باعتبار العمل للَّه والطاعة له ولرسوله، لا باعتبار الحسب والنسب، وكذا ما أنفقتموه في الجهاد من أموالكم وأنفسكم كان لأجل زهادتكم في الدُّنيا، واليوم صرتم راغبين في طلب الزيادة والميل إلى الدُّنيا وترك الزهد فيها، فانظروا في التفاوت بين الحالتين، واختاروا ما هو خيرٌ لكم وأبقى، انتهى.۵(فسارعوا إلى منازلكم التي اُمرتم) في الدُّنيا (بعمارتها) بالأعمال الصالحة، والرفض عن زهرات الدُّنيا وزينتها الفانية؛ فإنّ السرعة إليها تستلزم السرعة إلى الأسباب المؤدّية إليها.
وقوله: (العامرة) بالجرّ صفة ل «منازلكم».
(التي لا تخرب) عمارتها.
وقوله: (وحضّكم عليها).
قال في النهاية: «الحضّ على الشي‏ء: الحثّ عليه».۶

1.قاله العلّامة المجلسي رحمة اللَّه عليه في مرآة العقول، ج ۲۶، ص ۵۳۷.

2.القاموس المحيط، ج ۱، ص ۲۹۸ (زهد) مع اختلاف في اللفظ.

3.قاله المحقّق الفيض رحمة اللَّه عليه في الوافي، ج ۲۶، ص ۷۷، ذيل ح ۲۵۳۷۲.

4.اُنظر: شرح المازندراني، ج ۱۲، ص ۵۱۹.

5.النهاية، ج ۱، ص ۴۰۰ (حضض) مع التلخيص.

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الرابع
    سایر پدیدآورندگان :
    احمدی جلفایی، حمید ، فاضل البخشایشی، جواد
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
تعداد بازدید : 72102
صفحه از 568
پرینت  ارسال به