283
البضاعة المزجاة المجلد الرابع

يَدِي وَقَدِ احْتَجْتُ إِلَيْكَ ، فَأَنْشُدُكَ اللَّهَ أَنْ لَا تَخْذُلَنِي‏۱ وَأَنَا أُوثِقُ لَكَ أَنْ لَا يَخْرُجَ لِي شَيْ‏ءٌ إِلَّا كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ ، وَقَدْ بَعَثَ إِلَيَّ الْمَلِكُ ، وَلَسْتُ أَدْرِي عَمَّا يَسْأَلُنِي .
فَقَالَ : إِنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَسْأَلَكَ عَنْ رُؤْيَا رَآهَا أَيُّ زَمَانٍ هذَا؟ فَقُلْ لَهُ : إِنَ‏۲ هذَا زَمَانُ الْكَبْشِ .
فَأَتَى الْمَلِكَ ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ ، فَقَالَ : لِمَا۳ بَعَثْتُ إِلَيْكَ ، فَقَالَ : إِنَّكَ رَأَيْتَ رُؤْيَا ، وَإِنَّكَ تُرِيدُ أَنْ تَسْأَلَنِي : أَيُّ زَمَانٍ هذَا؟ فَقَالَ لَهُ : صَدَقْتَ ، فَأَخْبِرْنِي أَيُّ زَمَانٍ هذَا؟ فَقَالَ : هذَا زَمَانُ الْكَبْشِ ، فَأَمَرَ لَهُ بِصِلَةٍ ، فَقَبَضَهَا وَانْصَرَفَ إِلى‏ مَنْزِلِهِ ، وَتَدَبَّرَ۴ رَأْيَهُ فِي أَنْ يَفِيَ لِصَاحِبِهِ أَوْ لَا يَفِيَ‏۵ ، فَهَمَّ مَرَّةً أَنْ يَفْعَلَ ، وَمَرَّةً أَنْ لَايَفْعَلَ ، ثُمَّ قَالَ : لَعَلِّي أَنْ لَاأَحْتَاجَ إِلَيْهِ بَعْدَ هذِهِ الْمَرَّةِ أَبَداً ، وَأَجْمَعَ رَأْيَهُ عَلَى الْغَدْرِ وَتَرْكِ‏۶ الْوَفَاءِ ، فَمَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ .
ثُمَّ إِنَّ الْمَلِكَ رَأى‏ رُؤْيَا ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ ، فَنَدِمَ عَلى‏ مَا صَنَعَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَاحِبِهِ ، وَقَالَ بَعْدَ غَدْرٍ مَرَّتَيْنِ : كَيْفَ أَصْنَعُ وَلَيْسَ عِنْدِي عِلْمٌ؟ ثُمَّ أَجْمَعَ رَأْيَهُ عَلى‏ إِتْيَانِ الرَّجُلِ ، فَأَتَاهُ فَنَاشَدَهُ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالى‏ ، وَسَأَلَهُ أَنْ يُعَلِّمَهُ ، وَأَخْبَرَهُ أَنَّ هذِهِ الْمَرَّةَ يَفِي لَهُ‏۷ ، وَأَوْثَقَ لَهُ ، وَقَالَ : لَاتَدَعْنِي عَلى‏ هذِهِ الْحَالِ ، فَإِنِّي لَاأَعُودُ إِلَى الْغَدْرِ ، وَسَأَفِي لَكَ ، فَاسْتَوْثَقَ مِنْهُ .
فَقَالَ : إِنَّهُ يَدْعُوكَ يَسْأَلُكَ عَنْ رُؤْيَا رَآهَا أَيُّ زَمَانٍ هذَا؟ فَإِذَا سَأَلَكَ ، فَأَخْبِرْهُ أَنَّهُ زَمَانُ الْمِيزَانِ» .
قَالَ : «فَأَتَى الْمَلِكَ ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ ، فَقَالَ لَهُ : لِمَ بَعَثْتُ إِلَيْكَ؟ فَقَالَ : إِنَّكَ رَأَيْتَ رُؤْيَا ، وَتُرِيدُ أَنْ تَسْأَلَنِي : أَيُّ زَمَانٍ هذَا؟ فَقَالَ : صَدَقْتَ ، فَأَخْبِرْنِي أَيُّ زَمَانٍ هذَا؟ قَالَ‏۸ : هذَا زَمَانُ الْمِيزَانِ ، فَأَمَرَ لَهُ بِصِلَةٍ ، فَقَبَضَهَا ، وَانْطَلَقَ بِهَا إِلَى الرَّجُلِ ، فَوَضَعَهَا بَيْنَ يَدَيْهِ ، وَقَالَ : قَدْ جِئْتُكَ بِمَا خَرَجَ لِي‏۹ ، فَقَاسِمْنِيهِ ، فَقَالَ لَهُ الْعَالِمُ : إِنَّ الزَّمَانَ الْأَوَّلَ كَانَ زَمَانَ الذِّئْبِ ، وَإِنَّكَ كُنْتَ مِنَ الذِّئَابِ ، وَإِنَّ الزَّمَانَ الثَّانِيَ كَانَ زَمَانَ الْكَبْشِ، يَهُمُّ وَلَا يَفْعَلُ ، وَكَذلِكَ كُنْتَ أَنْتَ تَهُمُّ وَلَاتَفِي ، وَكَانَ هذَا زَمَانَ الْمِيزَانِ ، وَكُنْتَ فِيهِ عَلَى الْوَفَاءِ ، فَاقْبِضْ مَالَكَ ، لَا حَاجَةَ لِي فِيهِ ، وَرَدَّهُ عَلَيْهِ» .

1.في بعض نسخ الكافي: «أن تخذلني».

2.في بعض نسخ الكافي والوافي: - «إنّ».

3.في بعض نسخ الكافي: «لِمَ».

4.في الطبعة القديمة والوافي: + «في».

5.هكذا في النسخة وأكثر نسخ الكافي. وفي كلتا الطبعتين: + «له».

6.في بعض نسخ الكافي والوافي: «فترك».

7.في الطبعة القديمة: «منه».

8.في الطبعة القديمة: «فقال».

9.في بعض نسخ الكافي: «إليّ».


البضاعة المزجاة المجلد الرابع
282

لَهُ ابْنٌ لَمْ يَكُنْ يَرْغَبُ فِي عِلْمِ أَبِيهِ ، وَلَا يَسْأَلُهُ عَنْ شَيْ‏ءٍ ، وَكَانَ لَهُ جَارٌ يَأْتِيهِ وَيَسْأَلُهُ وَيَأْخُذُ عَنْهُ ، فَحَضَرَ الرَّجُلَ الْمَوْتُ ، فَدَعَا ابْنَهُ ، فَقَالَ : يَا بُنَيَّ ، إِنَّكَ قَدْ كُنْتَ تَزْهَدُ فِيمَا عِنْدِي ، وَتَقِلُّ رَغْبَتُكَ فِيهِ ، وَلَمْ تَكُنْ تَسْأَلُنِي عَنْ شَيْ‏ءٍ ، وَلِي جَارٌ قَدْ كَانَ يَأْتِينِي وَيَسْأَلُنِي وَيَأْخُذُ مِنِّي وَيَحْفَظُ عَنِّي ، فَإِنِ احْتَجْتَ إِلى‏ شَيْ‏ءٍ فَأْتِهِ ، وَعَرَّفَهُ جَارَهُ ، فَهَلَكَ الرَّجُلُ ، وَبَقِيَ ابْنُهُ .
فَرَأى‏ مَلِكُ ذلِكَ الزَّمَانِ رُؤْيَا ، فَسَأَلَ عَنِ الرَّجُلِ ، فَقِيلَ لَهُ : قَدْ هَلَكَ ، فَقَالَ الْمَلِكُ : هَلْ تَرَكَ وَلَداً؟ فَقِيلَ‏۱ لَهُ : نَعَمْ ، تَرَكَ ابْناً ، فَقَالَ : ائْتُونِي بِهِ ، فَبُعِثَ إِلَيْهِ لِيَأْتِيَ الْمَلِكَ ، فَقَالَ الْغُلَامُ : وَاللَّهِ ، مَا أَدْرِي لِمَا يَدْعُونِي الْمَلِكُ وَمَا عِنْدِي عِلْمٌ ، وَلَئِنْ سَأَلَنِي عَنْ شَيْ‏ءٍ لَأَفْتَضِحَنَّ ، فَذَكَرَ مَا كَانَ أَوْصَاهُ أَبُوهُ بِهِ‏۲ ، فَأَتَى الرَّجُلَ الَّذِي كَانَ يَأْخُذُ الْعِلْمَ مِنْ أَبِيهِ ، فَقَالَ لَهُ : إِنَّ الْمَلِكَ قَدْ بَعَثَ إِلَيَّ يَسْأَلُنِي ، وَلَسْتُ أَدْرِي فِيمَ‏۳ بَعَثَ إِلَيَّ ، وَقَدْ كَانَ أَبِي أَمَرَنِي أَنْ آتِيَكَ إِنِ احْتَجْتُ إِلى‏ شَيْ‏ءٍ .
فَقَالَ الرَّجُلُ : وَلكِنِّي أَدْرِي فِيمَا بَعَثَ إِلَيْكَ ، فَإِنْ أَخْبَرْتُكَ ، فَمَا أَخْرَجَ اللَّهُ لَكَ مِنْ شَيْ‏ءٍ فَهُوَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ ، فَقَالَ : نَعَمْ ، فَاسْتَحْلَفَهُ وَاسْتَوْثَقَ مِنْهُ أَنْ يَفِيَ لَهُ ، فَأَوْثَقَ لَهُ الْغُلَامُ .
فَقَالَ : إِنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَسْأَلَكَ عَنْ رُؤْيَا رَآهَا أَيُّ زَمَانٍ هذَا؟ فَقُلْ لَهُ : هذَا زَمَانُ الذِّئْبِ .
فَأَتَاهُ الْغُلَامُ ، فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ : هَلْ تَدْرِي لِمَا۴ أَرْسَلْتُ إِلَيْكَ؟ فَقَالَ : أَرْسَلْتَ إِلَيَّ تُرِيدُ أَنْ تَسْأَلَنِي عَنْ رُؤْيَا رَأَيْتَهَا أَيُّ زَمَانٍ هذَا؟ فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ : صَدَقْتَ ، فَأَخْبِرْنِي أَيُّ زَمَانٍ هذَا؟ فَقَالَ لَهُ : زَمَانُ الذِّئْبِ ، فَأَمَرَ لَهُ بِجَائِزَةٍ ، فَقَبَضَهَا الْغُلَامُ ، وَانْصَرَفَ إِلى‏ مَنْزِلِهِ ، وَأَبى‏ أَنْ يَفِيَ لِصَاحِبِهِ ، وَقَالَ : لَعَلِّي لَا أُنْفِدُ هذَا الْمَالَ ، وَلَا آكُلُهُ حَتّى‏ أَهْلِكَ ، وَلَعَلِّي لَا أَحْتَاجُ ، وَلَا أُسْأَلُ عَنْ مِثْلِ هذَا الَّذِي سُئِلْتُ عَنْهُ ، فَمَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ .
ثُمَّ إِنَّ الْمَلِكَ رَأى‏ رُؤْيَا ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ يَدْعُوهُ ، فَنَدِمَ عَلى‏ مَا صَنَعَ ، وَقَالَ : وَاللَّهِ مَا عِنْدِي عِلْمٌ آتِيهِ بِهِ ، وَمَا أَدْرِي كَيْفَ أَصْنَعُ بِصَاحِبِي ، وَقَدْ غَدَرْتُ بِهِ وَلَمْ أَفِ لَهُ ، ثُمَّ قَالَ : لآَتِيَنَّهُ عَلى‏ كُلِّ حَالٍ ، وَلَأَعْتَذِرَنَّ إِلَيْهِ ، وَلَأَحْلِفَنَّ لَهُ ، فَلَعَلَّهُ يُخْبِرُنِي .
فَأَتَاهُ ، فَقَالَ‏۵ : إِنِّي قَدْ صَنَعْتُ الَّذِي صَنَعْتُ ، وَلَمْ أَفِ لَكَ بِمَا كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ ، وَتَفَرَّقَ مَا كَانَ فِي

1.في بعض نسخ الكافي: «قيل».

2.في بعض نسخ الكافي: - «به».

3.في بعض نسخ الكافي: «فيما».

4.هكذا في النسخة وأكثر نسخ الكافي. وفي كلتا الطبعتين: «لم».

5.هكذا في النسخة وبعض نسخ الكافي. وفي كلتا الطبعتين: + «له».

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الرابع
    سایر پدیدآورندگان :
    احمدی جلفایی، حمید ، فاضل البخشایشی، جواد
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
تعداد بازدید : 93081
صفحه از 568
پرینت  ارسال به