واتّفق المتأخّرون من المحدّثين والفقهاء والمتكلّمين على ما ذكرنا. وقال بعضهم: إنّه كان مرّتين؛ مرّة بالروح، واُخرى بالجسم.۱
وقيل: قوله عليه السلام: «ثمّ رجع» دلّ بظاهره على أنّ الإسراء وقع إلى بيت المقدس فقط، لا إلى السماء أيضاً. وقال: يمكن حمله على ظاهره، ويكون الإسراء إلى السماء مرّةً اُخرى غير هذه المرّة، ويمكن أيضاً حمله على الاختصار بذكر بعض أجزاء المسافة الذي تطرد [عير ]أهل مكّة إليه شهراً ذاهبة وشهراً جائية؛ لأنّ هذه المسافة كانت مأنوسة عندهم، ومدّة السير فيها معلومة، فإذا علموا بأنّ سيره فيها ذهاباً أو عوداً وقع في بعض [الليل] واُقيم الشاهد على ذلك كان أدفع لإنكاره وأنفع لقبوله بخلاف الاُمور السماويّة؛ فإنّهم لم يعاينوها ولم يشاهدوها.۲
وقوله: (أنّي مررت بعيرٍ لأبي سفيان).
في القاموس: «العير - بالكسر - : القافلة مؤنّثة، أو الإبل تحمل الميرة بلا واحد من لفظها، أو كلّ ما امتير عليه إبلاً كانت أو حميراً أو بغالاً».۳
وقوله: (فقال بعضهم لبعض).
قيل: يحتمل أن يكون السائل بعض المؤمنين، ويدلّ عليه قوله: «فقالوا يا رسول اللَّه» ويؤيّده ما قال بعض العامّة من أنّه ارتدّ بهذا الإخبار جمعٌ من المؤمنين، فقالوا: ما لهذا يدّعي أنّه خرج الليلة إلى الشام ورجع.
ويحتمل أن يكون على سبيل المرافقة والملاينة والقصد إلى تصديقه بعد التبيّن، ولذلك آمن قليلٌ منهم.۴(إنّما جاء بالشام وهو راكب سريع).
الظاهر أنّ المستتر في «جاء» عائد إلى النبيّ صلى اللَّه عليه وآله، و«الشام» منصوب على المفعوليّة، أي أتاه.
وقيل: يحتمل أن يكون منصوباً بنزع الخافض، أي أتى منه.۵
وفي بعض النسخ العتيقة: «إنّما جاءه راكب سريع». قيل: أي جبرئيل، وفيما رواه
1.حكي عن السهيلي. اُنظر: شرح المازندراني، ج ۱۲، ص ۵۲۵.
2.القائل هو المحقّق المازندراني رحمة اللَّه عليه في شرحه، ج ۱۲، ص ۵۲۵ مع اختلاف يسير في اللفظ.
3.القاموس المحيط، ج ۲، ص ۹۸ (عير) مع التلخيص.
4.قاله المحقّق المازندراني رحمة اللَّه عليه في شرحه، ج ۱۲، ص ۵۲۵ مع التلخيص.
5.قاله العلّامة المجلسي رحمة اللَّه عليه في مرآة العقول، ج ۲۶، ص ۵۴۴ مع اختلاف في اللفظ.