297
البضاعة المزجاة المجلد الرابع

وقيل: التسهّل إمّا من السهولة بمعنى اليُسر وعدم المشقّة، أو من السّهل بمعنى الحقير الدنيّ والرديّ.
فعلى الأوّل يكون قوله: «اُمورهم» عبارة عن الاُمور التكليفيّة من الطاعات والقربات التي صارت موجبة لحصول ما يشاهدونه بعد كشف الغطاء من وصل ما بينه تعالى وبين المؤمن، ويؤيّد قوله عليه السلام: (ولانت لهم طاعتهم).
وعلى الثاني عبارة عن اُمورهم التي تخالف اُمور المؤمنين من الركون إليها، وغاية الاهتمام إلى جمع زخارفها الفانية وما يتعلّق بها ممّا يمنع من الوصول إلى درجة المؤمن، فالضمير في «لهم» و«اُمورهم» عائد إلى الناظرين، وعوده إلى المؤمنين بعيد،۱ انتهى.
(ولانت لهم طاعتهم).
اللّين: ضدّ الخشونة. يُقال: إنّ الشي‏ء يلين ليناً، أي لانت للناظرين طاعة المؤمنين.
وعلى ما قلنا فهذا كالتأكيد للأوّل. وعلى ما قيل يكون بالطاعة الأمر والنهي، أي كانوا كالمجبورين في تلك الطاعات، ولذلك اقتضت الحكمة عدم كشف الغطاء تحقيقاً لمعنى التكليف.
(ولو نظروا إلى مردود الأعمال من اللَّه عزّ وجلّ) أي الأعمال التي ردّت ولم تُقبل مع كونها صالحة كاملة ظاهراً؛ لفسادها باطناً.
(لقالوا: ما يتقبّل اللَّه من أحد عملاً) وهذا هو الذي أوقف المؤمن بين الخوف والرجاء.
وقوله: (كلّ مؤمنة حوراء عيناء) أي في الواقع، أو في الجنّة. ويؤيّد الأوّل قوله: (كلّ مؤمن صدّيق).
قال الجوهري: «الصدّيق، مثال الفسيّق: الدائم التصديق، ويكون الذي يصدّق قوله بالعمل».۲
أقول: لعلّ المراد أنّهم عند اللَّه منهم.
وقيل: أي ينزلون في الجنّة منازل الصدّيقين، ويكونون في درجاتهم.۳ وكأنّ هذا القائل خصّص الصدّيق بالنبيّ صلى اللَّه عليه وآله والوصيّ.

1.لم نعثر على قائله.

2.الصحاح، ج ۴، ص ۱۵۰۶ (صدق).

3.قاله العلّامة المجلسي رحمة اللَّه عليه في مرآة العقول، ج ۲۶، ص ۵۴۶.


البضاعة المزجاة المجلد الرابع
296

«اللَّهُ وَلِىُّ الَّذِينَ آمَنُوا»۱، والأوّل أظهر.
وقوله: (كفر أحدهما)؛ لأنّه إن كان صادقاً فقد كفر أخوه بعداوته، وإن كان كاذباً فقد كفر القائل بالافتراء على أخيه.
ولعلّ المراد بالكفر هنا الكفر الذي يتّصف به أصحاب الكبائر، وهو الكفر في الفروع بترك أوامر اللَّه تعالى وعدم رعاية حقوق الاُخوّة، لا الكفر الذي ينافي أصل الإيمان.
وقوله: (لا يقبل اللَّه) إلى آخره، تعليل للكفر؛ فإنّه إذا لم يقبل منه عملاً لأجل تلك الحالة فهو كافر، أو له وللخروج من الولاية أيضاً.
وقوله: (في تثريب).
التثريب: التعيير، والتأنيب، والاستقصاء في اللؤم.
وقوله: (نصيحة) بدل أو بيان لقوله «عملاً»، أو مفعول له للتثريب، أي لا يقبل عملاً من أعماله إذا عيّره على وجه النصيحة، فكيف بدونها.
وقيل: يحتمل أن يكون المراد أن يعيّره؛ لكون ذلك المؤمن نصح للَّه، ولا يخفى بُعده من العبارة.۲(ولو كشف الغطاء) بالكسر، أي ما يغطّى به (عن الناس).
(فنظروا إلى وصل ما بين اللَّه - عزّ وجلّ - وما بين المؤمن).
الوصل: ضدّ الهجران، والمراد هنا الروابط المعنويّة من القُرب والمحبّة والرحمة والهداية وغيرها.
(خضعت للمؤمنين رقابهم).
الخضوع: التطامن، والتواضع، والسكون، وفعله كمنع، والمراد هنا غاية التواضع وإظهار الذلّ والمسكنة كما هو المتعارف من فعل الناس بالنسبة إلى الملوك وأمثالهم.
(وتسهّلت لهم اُمورهم).
الضمير الأوّل للناظرين، والثاني للمؤمنين. ولعلّ المراد أنّه سهّلت لهم اُمور المؤمنين من إعانتهم وقضاء حوائجهم وخدمتهم.

1.البقرة (۲): ۲۵۷.

2.القائل العلّامة المجلسي رحمة اللَّه عليه في مرآة العقول، ج ۲۶، ص ۵۴۵.

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الرابع
    سایر پدیدآورندگان :
    احمدی جلفایی، حمید ، فاضل البخشایشی، جواد
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
تعداد بازدید : 93100
صفحه از 568
پرینت  ارسال به