299
البضاعة المزجاة المجلد الرابع

قال الجوهري: «التحيّة: المُلك، ويُقال: حيّاك اللَّه، أي ملّكك، والتحيّات للَّه».۱
قال يعقوب: أي المُلك للَّه.
وقال الفيروزآبادي: «التحيّة: السلام. وحيّاه تحيّة، والبقاء، والملك. وحيّاك اللَّه، أي أبقاك، أو ملّكك».۲
وقال: «السلام: السلامة، والبراءة من العيوب».۳
أقول: لعلّ المراد بالسلام هنا السلامة من المكاره والآفات.
(وأهل اُثرة اللَّه) أي أهل مكرمته متلبّساً (برحمته) أو اختاركم وآثركم على غيركم.
قال الفيروزآبادي: «الاُثرة - بالضمّ - : المكرمة المتوارثة، والبقيّة من العلم. وآثره: أكرمه. وآثر: اختار».۴(وأهل دعوة اللَّه بطاعته).
قيل: أي دعاكم إلى الجنّة بسبب أنّكم أطعتموه في موالاة أئمّة الهدى، فقبل أعمالكم. أو أنّكم المقصودون في الدعاء؛ إلى الطاعة لعدم قبولها من غيركم.۵
وأقول: لعلّ المراد أنّكم المنصوبون لدعوة الخلق إلى طاعة اللَّه.
(لا حساب عليكم) يوم القيامة (ولا خوف) من العقاب (ولا حزن) بفوات الثواب؛ إذ العقاب غير واقع عليهم جزماً، والثواب ثابت دائماً أبداً.
(وأنتم أهل الرضا عن اللَّه) أي رضيتم عنه متلبّساً (برضاه عنكم) وهذا إشارة إلى قوله عزّ وجلّ: «رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ»۶.
وقيل: أي إنّما رضيتم عن اللَّه لعلمكم بأنّه رضى عنكم، أو لرضاه عنكم جعلكم راضين عنه.۷
وقال بعض المحقّقين:
رضا العبد عنه تعالى عبارة عن رفع الاختيار. وقيل: هو سكون النفس تحت مجاري القدر. وقيل: هو السرور بمرّ القضاء. والأوّلان تعريف لمبدئه، والأخير

1.الصحاح، ج ۶، ص ۲۳۲۵ (حيا) مع التلخيص.

2.القاموس المحيط، ج ۴، ص ۳۲۲ (حيي).

3.القاموس المحيط، ج ۴، ص ۱۲۹ (سلم).

4.القاموس المحيط، ج ۱، ص ۳۶۲ (أثر) مع التلخيص.

5.قاله العلّامة المجلسي رحمة اللَّه عليه في مرآة العقول، ج ۲۶، ص ۵۴۷.

6.المائدة (۵): ۱۱۹.


البضاعة المزجاة المجلد الرابع
298

وقوله: (شيعتنا أقرب الخلق من عرش اللَّه - عزّ وجلّ - يوم القيامة بعدنا).
المراد بالخلق من يتصوّر في حقّه القرب إلى رحمته تعالى من المؤمنين والصلحاء من هذه الاُمّة وغيرها من الاُمم، والمراد بالعرش العرش الجسماني كما هو الظاهر المتبادر.
وقيل: العرش: الرحمة، سمّيت به لاستقرار المؤمن فيها.۱
وقوله عليه السلام: (عدد من خالفه) أي من فرق المسلمين، أو كلّ من خالفه في الدِّين من أيّ فرقة كان.
وقوله: (يصلّون عليه جماعة).
قيل: أي يدعون ويستغفرون له جماعة، أي مجتمعين أو يأتمّون به في الصلاة، وله ثواب إمام الجماعة، كما ورد: «أنّ صلاة المؤمن وحده جماعة»،۲ ويحتمل أن يكون «جماعة» فاعل «اكتنفته».۳
وقوله: (ليرتع في رياض الجنّة) أي في القيامة. أو المراد أنّه يستوجب بذلك دخولها حتّى كأنّه يرتع فيها. أو المراد رياض القرب والوصال.
وقيل: أو ذكر اللَّه تعالى، ويؤيّده ما رواه العامّة: «إذا مررتم برياض الجنّة فارتعوا»۴ .۵
قال الجزري: «الرتع: الاتّساع وفي الخصب والنّعم، وأراد برياض الجنّة ذكر اللَّه تعالى، وشبّه الخوض فيه بالرتع في الخصب».۶
وقوله: (أنتم أهل تحيّة اللَّه بسلامه) أي يحيّيكم اللَّه في الجنّة متلبّساً بسلامه.
والمراد أنّ الملائكة تسلّم عليكم فيها تحيّة من اللَّه تعالى، قال اللَّه عزّ وجلّ: «وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ»۷، وقال: «وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ»۸، فيقولون: «سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ»۹.

1.ذهب إليه المحقّق المازندراني رحمة اللَّه عليه في شرحه، ج ۱۲، ص ۵۲۷.

2.في الخبر: «إنّ المؤمن وحده جماعة». الكافي، ج ۳، ص ۳۷۱، ح ۲.

3.ذهب إليه العلّامة المجلسي رحمة اللَّه عليه في مرآة العقول، ج ۲۶، ص ۵۴۶.

4.المعجم الكبير للطبراني، ج ۱۱، ص ۷۸؛ كنز العمّال، ج ۱، ص ۴۳۷، ح ۱۸۸۵.

5.القائل هو المحقّق المازندراني رحمة اللَّه عليه في شرحه، ج ۱۲، ص ۵۲۷.

6.النهاية، ج ۲، ص ۱۹۳ (رتع) مع التلخيص.

7.الزمر (۳۹): ۷۳.

8.الرعد (۱۳): ۲۳.

9.الرعد (۱۳): ۲۴.

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الرابع
    سایر پدیدآورندگان :
    احمدی جلفایی، حمید ، فاضل البخشایشی، جواد
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
تعداد بازدید : 73693
صفحه از 568
پرینت  ارسال به