303
البضاعة المزجاة المجلد الرابع

شرح‏

السند حسن.
قوله: (إنّ آزر أبا إبراهيم عليه السلام).
قال الفاضل الإسترآبادي:
هذا الحديث صريح في أنّ آزر كان أبا إبراهيم عليه السلام، وقد انعقد إجماع الفرقة المحقّة على أنّ أجداد نبيّنا صلى اللَّه عليه وآله كانوا مسلمين إلى آدم عليه السلام، وقد تواترت عنهم عليهم السلام: «نحن من الأصلاب الطاهرات، والأرحام المطهّرات، لم تدنّسهم الجاهليّة بأدناسها».۱ وفي كتب الشافعيّة كالقاموس وغيره: أنّ آزر كان عمّ إبراهيم عليه السلام وكان أبوه تارخ، ويمكن حمل هذا الحديث على التقيّة بأن يكون هذا مذهب أبي حنيفة،۲ انتهى.
وأقول: يحتمل أن يكون لفظ «آزر» علماً لعمّ إبراهيم عليه السلام ولقباً لأبيه تارخ أيضاً، فلا إشكال.
(كان منجّماً لنمرود).
هو نمرود بن كنعان من أحفاد سام بن نوح.
وقيل: كان بينه وبين نوح آباء، وكان قد ملك الشرق والغرب وادّعى الاُلوهيّة، وأمر بعمل الأصنام على صورته ونشرها على البلاد ليعبدوها، ولم يكن في عهده موحّداً ظاهراً حتّى بعث الخليل.۳(ولم يكن يصدر إلّا عن أمره).
يُقال: صدر عن الشي‏ء كنصر - وقيل: أو كضرب - صدراً وصدوراً، أي رجع.
وقوله: (حتّى يحمل به) على البناء للمفعول. يُقال: خلص فلان إلى فلان - كنصر - خلوصاً، أي وصل إليه، وبلغه.
(ووقع آزر بأهله، فعلقت بإبراهيم عليه السلام).
علقت المرأة - بالكسر - أي حبلت. وفي معارج النبوّة جعلهنّ في المدينة ومنع الرجال

1.راجع: تهذيب الأحكام، ج ۶، ص ۱۱۴، ح ۲۰۱؛ إقبال الأعمال، ج ۳، ص ۱۰۳.

2.قاله المحقّق المازندراني رحمة اللَّه عليه في شرحه، ج ۱۲، ص ۵۳۰ مع التلخيص. وانظر: القاموس المحيط، ج ۱، ص ۳۶۳ (أزر)، وفيه: «تارح» بالحاء.

3.القائل هو المحقّق المازندراني رحمة اللَّه عليه في شرحه، ج ۱۲، ص ۵۲۹.


البضاعة المزجاة المجلد الرابع
302

قَالَ: «فَلَمَّا وَضَعَتْ أُمُّ إِبْرَاهِيمَ ، أَرَادَ آزَرُ أَنْ يَذْهَبَ بِهِ إِلى‏ نُمْرُودَ لِيَقْتُلَهُ، فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ: لَاتَذْهَبْ بِابْنِكَ إِلى‏ نُمْرُودَ فَيَقْتُلَهُ، دَعْنِي أَذْهَبْ بِهِ إِلى‏ بَعْضِ الْغِيرَانِ أَجْعَلْهُ فِيهِ حَتّى‏ يَأْتِيَ عَلَيْهِ أَجَلُهُ، وَلَاتَكُونَ أَنْتَ الَّذِي تَقْتُلُ ابْنَكَ، فَقَالَ لَهَا: فَامْضِي بِهِ».
قَالَ : «فَذَهَبَتْ بِهِ إِلى‏ غَارٍ ، ثُمَّ أَرْضَعَتْهُ ، ثُمَّ جَعَلَتْ عَلى‏ بَابِ الْغَارِ صَخْرَةً ، ثُمَّ انْصَرَفَتْ عَنْهُ» .
قَالَ : «فَجَعَلَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - رِزْقَهُ فِي إِبْهَامِهِ ، فَجَعَلَ يَمَصُّهَا فَيَشْخُبُ لَبَنُهَا ، وَجَعَلَ يَشِبُّ فِي الْيَوْمِ كَمَا يَشِبُّ غَيْرُهُ فِي الْجُمْعَةِ ، وَيَشِبُّ فِي الْجُمْعَةِ كَمَا يَشِبُّ غَيْرُهُ فِي الشَّهْرِ ، وَيَشِبُّ فِي الشَّهْرِ كَمَا يَشِبُّ غَيْرُهُ فِي السَّنَةِ ، فَمَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَمْكُثَ ، ثُمَّ إِنَّ أُمَّهُ قَالَتْ لِأَبِيهِ : لَوْ أَذِنْتَ لِي حَتّى‏ أَذْهَبَ إِلى‏ ذلِكَ الصَّبِيِّ فَعَلْتُ ، قَالَ : فَافْعَلِي ، فَذَهَبَتْ فَإِذَا هِيَ بِإِبْرَاهِيمَ عليه السلام ، وَإِذَا عَيْنَاهُ تَزْهَرَانِ كَأَنَّهُمَا سِرَاجَانِ» .
قَالَ : «فَأَخَذَتْهُ فَضَمَّتْهُ إِلى‏ صَدْرِهَا وَأَرْضَعَتْهُ ، ثُمَّ انْصَرَفَتْ عَنْهُ ، فَسَأَلَهَا آزَرُ عَنْهُ ، فَقَالَتْ : قَدْ وَارَيْتُهُ فِي التُّرَابِ ، فَمَكَثَتْ تَفْعَلُ ، فَتَخْرُجُ فِي الْحَاجَةِ ، وَتَذْهَبُ إِلى‏ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام فَتَضُمُّهُ إِلَيْهَا۱ وَتُرْضِعُهُ ثُمَّ تَنْصَرِفُ ، فَلَمَّا تَحَرَّكَ أَتَتْهُ كَمَا كَانَتْ تَأْتِيهِ ، فَصَنَعَتْ بِهِ كَمَا كَانَتْ تَصْنَعُ ، فَلَمَّا أَرَادَتِ الِانْصِرَافَ أَخَذَ بِثَوْبِهَا ، فَقَالَتْ لَهُ : مَا لَكَ؟ فَقَالَ لَهَا : اذْهَبِي بِي مَعَكِ ، فَقَالَتْ لَهُ : حَتّى‏ أَسْتَأْمِرَ أَبَاكَ» .
قَالَ : «فَأَتَتْ أُمُّ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام آزَرَ ، فَأَعْلَمَتْهُ الْقِصَّةَ ، فَقَالَ لَهَا : ائْتِينِي بِهِ ، فَأَقْعِدِيهِ عَلَى الطَّرِيقِ ، فَإِذَا مَرَّ بِهِ إِخْوَتُهُ دَخَلَ مَعَهُمْ وَلَايُعْرَفُ» .
قَالَ : «وَكَانَ إِخْوَةُ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام يَعْمَلُونَ الْأَصْنَامَ ، وَيَذْهَبُونَ بِهَا إِلَى الْأَسْوَاقِ وَيَبِيعُونَهَا» .
قَالَ : «فَذَهَبَتْ إِلَيْهِ، فَجَاءَتْ بِهِ حَتّى‏ أَقْعَدَتْهُ عَلَى الطَّرِيقِ ، وَمَرَّ إِخْوَتُهُ فَدَخَلَ مَعَهُمْ ، فَلَمَّا رَآهُ أَبُوهُ وَقَعَتْ عَلَيْهِ الْمَحَبَّةُ مِنْهُ، فَمَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ» .
قَالَ : «فَبَيْنَمَا إِخْوَتُهُ يَعْمَلُونَ يَوْماً مِنَ الْأَيَّامِ الْأَصْنَامَ إِذْ أَخَذَ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام الْقَدُومَ ، وَأَخَذَ خَشَبَةً فَنَجَرَ مِنْهَا صَنَماً لَمْ يَرَوْا قَطُّ مِثْلَهُ ، فَقَالَ آزَرُ لِأُمِّهِ : إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ نُصِيبَ خَيْراً بِبَرَكَةِ ابْنِكِ هذَا» .
قَالَ : «فَبَيْنَمَا هُمْ كَذلِكَ إِذَا أَخَذَ إِبْرَاهِيمُ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ - الْقَدُومَ ، فَكَسَرَ الصَّنَمَ الَّذِي عَمِلَهُ ، فَفَزِعَ أَبُوهُ مِنْ ذلِكَ فَزَعاً شَدِيداً ، فَقَالَ لَهُ : أَيَّ شَيْ‏ءٍ عَمِلْتَ؟ فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام : وَمَا تَصْنَعُونَ بِهِ؟ فَقَالَ آزَرُ : نَعْبُدُهُ ، فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام : «أَ تَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ» فَقَالَ آزَرُ لِأُمِّهِ : هذَا الَّذِي يَكُونُ ذَهَابُ مُلْكِنَا عَلى‏ يَدَيْهِ» .

1.في بعض نسخ الكافي: «إلى صدرها» بدل «إليها».

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الرابع
    سایر پدیدآورندگان :
    احمدی جلفایی، حمید ، فاضل البخشایشی، جواد
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
تعداد بازدید : 73671
صفحه از 568
پرینت  ارسال به