قال الجوهري:
بهت الرجل - بالكسر - : إذا دهش وتحيّر. وبُهِت بالضمّ مثله. وأفصح منهما بُهِتَ، كما قال تعالى: «فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ»؛ لأنّه يقال: رجلٌ مبهوت، ولا يُقال: باهت ولا بَهيت.۱
وقوله تعالى: «فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ * فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ».
كذا في سورة الصافّات. وفي نسخ الكتاب: «ونظر» بالواو.
وقال الشيخ الطبرسي رحمة اللَّه عليه:
اختلف في معناه على أقوال:
أحدها: أنّه عليه السلام نظر في النجوم واستدلّ بها على وقت حمّى كانت تعتوره، فقال: إنّي سقيم، أراد أنّه قد حضر وقت علّته وزمان نوبتها، فكأنّه قال: إنّي سأسقم لا محالة، وحان الوقت [الذي] يعتريني فيه الحمّى، وقد يسمّى المشارف للشيء باسم الداخل فيه، قال اللَّه تعالى: «إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ»۲، وليس نظره في النجوم على حسب ما ينظره المنجّمون طلباً للأحكام.
وثانيها: أنّه نظر في النجوم كنظرهم؛ لأنّهم كانوا يتعاظمون علم النجوم، فأوهمهم أنّه يقول بمثل قولهم، فقال عند ذلك: إنّي سقيم، فتركوه ظنّاً منهم أنّ نجمه يدلّ على سقمه، ويجوز أن يكون اللَّه علّمه بالوحي أنّه يسقمه في وقت مستقبل، وجعل العلامة على ذلك إمّا طلوع نجم على وجه مخصوص، أو اتّصاله بآخر على وجه مخصوص، فلمّا رأى إبراهيم عليه السلام تلك الأمارة قال: إنّي سقيم، تصديقاً لما أخبره اللَّه تعالى.
وثالثها: أنّ معناه: نظر في النجوم نظر تفكّر، فاستدلّ بها كما قصّه اللَّه في سورة الأنعام على كونها محدثة غير قديمة ولا آلهة، وأشار بقوله: إنّي سقيم، إلى أنّه في حال مهلة النظر، وليس على يقين من الأمر ولا شفاء من العلم، وقد يسمّى الشكّ بأنّه سقم، كما يسمّى العلم بأنّه شفاء. عن أبي مسلم، وهو ضعيف.
ورابعها: أنّ معنى قوله: «إِنِّي سَقِيمٌ»، أي سقيم القلب، أو الرأي، حزناً من إصرار [القوم] على عبادة الأصنام، وهي لا تسمع ولا تبصر، ويكون على هذا معنى نظره