وقد تذكر فارسيّتها: من چه نيك، أي أنا ما أجودني»۱ انتهى.
وقد نقل أنّهم لمّا أرادوا لقاءه في النار لم يقدر أحد من الوصول إلى حواليها لشدّة حرّها، فحضر إبليس في صورة رجل، فعلّمهم صنعة المنجنيق، ووضع الحجر فيه بعد تمامه، وألقاه في النار، فاستحسنه نمرود وقومه، ثمّ وضعوا فيه إبراهيم عليه السلام.
وحكى في معارج النبوّة:
أنّ أهل السماوات والأرضين وسكّان الجبال والبحار جميعاً تضرّعوا وقالوا: يا ربّ، ليس في الأرض أحدٌ يعبدك ويوحّدك غيره، فاحفظه، وإن أذنتنا في نصرته نصرناه. قال: أذنتكم، فجاء ملك، فقال: [يا] إبراهيم، أنا موكّل على الرِّياح، فأرسل عليهم الريح العقيم. وجاء آخر فقال: أنا موكّل على الماء، فأغرقهم. وجاء آخر فقال: أنا موكّل على الأرض فأخسفهم. فقال عليه السلام: خلّوا بيني وبين خليلي حتّى يفعل بي ما يشاء؛ إن حفظني فمن فضله وإحسانه، وإن أهلكني فمن التقصير في عبوديّته. ثمّ توسّل بنور ذاته تعالى وقال: توكّلت على اللَّه، فلمّا رمى به تقرّب منه جبرئيل عليه السلام في الهواء، فقال: يا إبراهيم، هل لك حاجة؟ قال: أمّا إليك فلا، قال: لِمَ لا تطلب حاجتك منه، وليست صعوبة أشدّ من هذه؟! فقال: علمه بحالي حسبي من سؤالي، ولمّا خرج عليه السلام بالكلّية عن مقتضى طبيعة الإنسانيّة الطالبة للأسباب أخرج اللَّه النار عن طبيعتها المقتضية للإحراق.۲
وقوله: (فذكر ابان) إلى آخره، كلام البزنطي، والخبر بهذا السند مرسل.
وأشار بقوله: (فاضطربت أسنان إبراهيم عليه السلام من البرد) إلى سرعة إجابة أمره تعالى حتّى بلغت البرودة من أوّل الخطاب إلى الغاية، ثمّ رجعت من آخره إلى الاعتدال.
(حتّى قال اللَّه عزّ وجلّ:«وَسَلَاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ»۳).
قال البيضاوي في تفسير قوله تعالى: «قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلَاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ»: «أي ذات برد وسلام، أي ابردي برداً غير ضارّ. وقيل: نصب سلاماً بفعله، أي وسلّمنا سلاماً عليه».۴
1.القاموس المحيط، ج ۳، ص ۲۱۸ (جنق).
2.نقل عنه المحقّق المازندراني رحمة اللَّه عليه في شرحه، ج ۱۲، ص ۵۳۳ مع التلخيص واختلاف يسير في اللفظ.
3.الأنبياء (۲۱): ۶۹.
4.تفسير البيضاوي، ج ۴، ص ۱۰۰ مع التلخيص.