311
البضاعة المزجاة المجلد الرابع

وقد تذكر فارسيّتها: من چه نيك، أي أنا ما أجودني»۱ انتهى.
وقد نقل أنّهم لمّا أرادوا لقاءه في النار لم يقدر أحد من الوصول إلى حواليها لشدّة حرّها، فحضر إبليس في صورة رجل، فعلّمهم صنعة المنجنيق، ووضع الحجر فيه بعد تمامه، وألقاه في النار، فاستحسنه نمرود وقومه، ثمّ وضعوا فيه إبراهيم عليه السلام.
وحكى في معارج النبوّة:
أنّ أهل السماوات والأرضين وسكّان الجبال والبحار جميعاً تضرّعوا وقالوا: يا ربّ، ليس في الأرض أحدٌ يعبدك ويوحّدك غيره، فاحفظه، وإن أذنتنا في نصرته نصرناه. قال: أذنتكم، فجاء ملك، فقال: [يا] إبراهيم، أنا موكّل على الرِّياح، فأرسل عليهم الريح العقيم. وجاء آخر فقال: أنا موكّل على الماء، فأغرقهم. وجاء آخر فقال: أنا موكّل على الأرض فأخسفهم. فقال عليه السلام: خلّوا بيني وبين خليلي حتّى يفعل بي ما يشاء؛ إن حفظني فمن فضله وإحسانه، وإن أهلكني فمن التقصير في عبوديّته. ثمّ توسّل بنور ذاته تعالى وقال: توكّلت على اللَّه، فلمّا رمى به تقرّب منه جبرئيل عليه السلام في الهواء، فقال: يا إبراهيم، هل لك حاجة؟ قال: أمّا إليك فلا، قال: لِمَ لا تطلب حاجتك منه، وليست صعوبة أشدّ من هذه؟! فقال: علمه بحالي حسبي من سؤالي، ولمّا خرج عليه السلام بالكلّية عن مقتضى طبيعة الإنسانيّة الطالبة للأسباب أخرج اللَّه النار عن طبيعتها المقتضية للإحراق.۲
وقوله: (فذكر ابان) إلى آخره، كلام البزنطي، والخبر بهذا السند مرسل.
وأشار بقوله: (فاضطربت أسنان إبراهيم عليه السلام من البرد) إلى سرعة إجابة أمره تعالى حتّى بلغت البرودة من أوّل الخطاب إلى الغاية، ثمّ رجعت من آخره إلى الاعتدال.
(حتّى قال اللَّه عزّ وجلّ:«وَسَلَاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ»۳).
قال البيضاوي في تفسير قوله تعالى: «قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلَاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ»: «أي ذات برد وسلام، أي ابردي برداً غير ضارّ. وقيل: نصب سلاماً بفعله، أي وسلّمنا سلاماً عليه».۴

1.القاموس المحيط، ج ۳، ص ۲۱۸ (جنق).

2.نقل عنه المحقّق المازندراني رحمة اللَّه عليه في شرحه، ج ۱۲، ص ۵۳۳ مع التلخيص واختلاف يسير في اللفظ.

3.الأنبياء (۲۱): ۶۹.

4.تفسير البيضاوي، ج ۴، ص ۱۰۰ مع التلخيص.


البضاعة المزجاة المجلد الرابع
310

في النجوم: فكرته في أنّها محدثة مخلوقة مدبّرة، وتعجّبه كيف ذهب على العقلاء ذلك من حالها حتّى عبدوها.
وما رواه العيّاشي بإسناده عن أبي جعفر وأبي عبد اللَّه عليهما السلام أنّهما قالا: «واللَّه ما كان سقيماً وما كذب»،۱ فيمكن أن يحمل على أحد الوجوه التي ذكرناها، ويمكن أن يكون على وجه التعريض بمعنى أنّ كلّ من كتب عليه الموت فهو سقيم وإن لم يكن به سقم في الحال،۲ انتهى.
والباء في قبله «بقدوم» للمصاحبة، أو للتعدية.
وقوله: «إِلَّا كَبِيراً لَهُمْ».
قيل: إنّه كان من الذهب على سرير من فضّة مكلّلاً بالجواهر، وعلى يمينه ستّة وثلاثون صنماً، وكذا على يساره.۳
وقوله: (فلم يجدوا قتلة أعظم من النار).
القِتل - بالكسر - : الهيئة. يُقال: قتله قتلة سوء. والقتلة - بالفتح - : المرّة.
(فجمع له الحطب) على البناء للمفعول.
(واستجادوه).
الضمير للحطب، أو لجمعه. قال الجوهري: «استجدت الشي‏ء: عددته جيّداً».۴
وقال الفيروزآبادي: «جاد وأجاد: أتى بالجيّد. واستجاده: وجده، أو طلبه جيّداً».۵
وحكى صاحب معارج النبوّة أنّ نمرود أمر الصغير والكبير والوضيع والشريف والرّجال والنساء بجمع الحطب يوماً إلى الليل، واجتمع الحطب أربعة فراسخ في أربعة فراسخ، وارتفاعه كارتفاع الجبل، وكان في نواحي كوفة، ورأى أهل الشام لسان النار وسمع صوتها من كان على مسافة يوم وليلة.۶
وقوله: (ووضع إبراهيم عليه السلام في منجنيق).
في القاموس: «المنجنيق - ويكسر الميم - : آلة تُرمى بها الحجارة [كالمنجنوق‏] معرّبة،

1.تفسير العيّاشي، ج ۲، ص ۱۸۴، ح ۴۹.

2.مجمع البيان، ج ۸، ص ۳۱۶ و ۳۱۷ مع التلخيص.

3.قاله المحقّق المازندراني رحمة اللَّه عليه في شرحه، ج ۱۲، ص ۵۳۲ مع اختلاف يسير في اللفظ.

4.الصحاح، ج ۲، ص ۴۶۲ (جود).

5.القاموس المحيط، ج ۱، ص ۲۸۵ (جيد) مع التلخيص.

6.نقل عنه المحقّق المازندراني رحمة اللَّه عليه في شرحه، ج ۱۲، ص ۵۳۲.

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الرابع
    سایر پدیدآورندگان :
    احمدی جلفایی، حمید ، فاضل البخشایشی، جواد
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
تعداد بازدید : 72065
صفحه از 568
پرینت  ارسال به