315
البضاعة المزجاة المجلد الرابع

حُرْمَتِي وَابْنَةَ۱ خَالَتِي وَأَنَا مُفْتَدٍ فَتْحَهُ بِجَمِيعِ مَا مَعِي» .
قَالَ : «فَغَضِبَ‏۲ الْمَلِكُ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام عَلى‏ فَتْحِهِ ، فَلَمَّا رَأى‏ سَارَةَ ، لَمْ يَمْلِكْ حِلْمُهُ سَفَهَهُ أَنْ مَدَّ يَدَهُ إِلَيْهَا، فَأَعْرَضَ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام بِوَجْهِهِ عَنْهَا وَعَنْهُ غَيْرَةً مِنْهُ، وَقَالَ: اللَّهُمَّ احْبِسْ يَدَهُ عَنْ حُرْمَتِي وَابْنَةِ خَالَتِي ، فَلَمْ تَصِلْ يَدُهُ إِلَيْهَا ، وَلَمْ تَرْجِعْ إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ : إِنَّ إِلهَكَ هُوَ الَّذِي فَعَلَ بِي هذَا؟ فَقَالَ لَهُ : نَعَمْ ، إِنَّ إِلهِي غَيُورٌ يَكْرَهُ الْحَرَامَ ، وَهُوَ الَّذِي حَالَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ مَا أَرَدْتَ مِنَ الْحَرَامِ ، فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ : فَادْعُ إِلهَكَ يَرُدَّ عَلَيَّ يَدِي ، فَإِنْ أَجَابَكَ فَلَمْ‏۳ أَعْرِضْ لَهَا ، فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام : إِلهِي رُدَّ عَلَيْهِ يَدَهُ لِيَكُفَّ عَنْ حُرْمَتِي» .
قَالَ : «فَرَدَّ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - عَلَيْهِ يَدَهُ ، فَأَقْبَلَ الْمَلِكُ نَحْوَهَا بِبَصَرِهِ ، ثُمَّ عَادَ۴ بِيَدِهِ نَحْوَهَا ، فَأَعْرَضَ إِبْرَاهِيمُ عَنْهُ بِوَجْهِهِ غَيْرَةً مِنْهُ ، وَقَالَ : اللَّهُمَّ احْبِسْ يَدَهُ عَنْهَا» .
قَالَ : «فَيَبِسَتْ يَدُهُ ، وَلَمْ تَصِلْ إِلَيْهَا ، فَقَالَ الْمَلِكُ لِإِبْرَاهِيمَ عليه السلام : إِنَّ إِلهَكَ لَغَيُورٌ ، وَإِنَّكَ لَغَيُورٌ ، فَادْعُ إِلهَكَ يَرُدَّ عَلَيَّ يَدِي ، فَإِنَّهُ إِنْ فَعَلَ لَمْ أَعُدْ ، فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام : أَسْأَلُهُ ذلِكَ عَلى‏ أَنَّكَ إِنْ عُدْتَ لَمْ تَسْأَلْنِي أَنْ أَسْأَلَهُ ، فَقَالَ لَهُ‏۵ الْمَلِكُ : نَعَمْ ، فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام : اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ صَادِقاً فَرُدَّ عَلَيْهِ يَدَهُ ، فَرَجَعَتْ إِلَيْهِ يَدُهُ ، فَلَمَّا رَأى‏ ذلِكَ الْمَلِكُ مِنَ الْغَيْرَةِ مَا رَأى‏ ، وَرَأَى الْآيَةَ فِي يَدِهِ ، عَظَّمَ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام وَهَابَهُ وَأَكْرَمَهُ وَاتَّقَاهُ ، وَقَالَ لَهُ : قَدْ أَمِنْتَ مِنْ أَنْ أَعْرِضَ لَهَا أَوْ لِشَيْ‏ءٍ مِمَّا مَعَكَ ، فَانْطَلِقْ حَيْثُ شِئْتَ ، وَلكِنْ لِي إِلَيْكَ حَاجَةٌ ، فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام : مَا هِيَ؟ فَقَالَ لَهُ : أُحِبُّ أَنْ تَأْذَنَ لِي أَنْ أُخْدِمَهَا قِبْطِيَّةً عِنْدِي جَمِيلَةً عَاقِلَةً تَكُونُ لَهَا خَادِماً» .
قَالَ: «فَأَذِنَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام، فَدَعَا بِهَا، فَوَهَبَهَا لِسَارَةَ، وَهِيَ هَاجَرُ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ عليه السلام، فَسَارَ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام بِجَمِيعِ مَا مَعَهُ ، وَخَرَجَ الْمَلِكُ مَعَهُ يَمْشِي خَلْفَ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام إِعْظَاماً لِإِبْرَاهِيمَ عليه السلام وَهَيْبَةً لَهُ ، فَأَوْحَى اللَّهُ - تَبَارَكَ وَتَعَالى‏ - إِلى‏ إِبْرَاهِيمَ أَنْ قِفْ ، وَلَا تَمْشِ قُدَّامَ الْجَبَّارِ الْمُتَسَلِّطِ وَيَمْشِي هُوَ خَلْفَكَ ، وَلكِنِ اجْعَلْهُ أَمَامَكَ ، وَامْشِ خَلْفَهُ‏۶ وَعَظِّمْهُ وَهَبْهُ ، فَإِنَّهُ مُسَلَّطٌ ، وَلَا بُدَّ مِنْ إِمْرَةٍ فِي الْأَرْضِ، بَرَّةٍ أَوْ فَاجِرَةٍ .
فَوَقَفَ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام ، وَقَالَ لِلْمَلِكِ : امْضِ ؛ فَإِنَّ إِلهِي أَوْحى‏ إِلَيَّ السَّاعَةَ أَنْ أُعَظِّمَكَ وَأَهَابَكَ ،

1.في الطبعة القديمة: - «له».

2.في بعض نسخ الكافي: «وبنت».

3.في بعض نسخ الكافي: «فغصب» بالصاد المهملة.

4.في بعض نسخ الكافي: «لم» بدون الفاء.

5.في الطبعة القديم: «أعاد».

6.في الطبعة القديمة: - «خلفه».


البضاعة المزجاة المجلد الرابع
314

اعْتَزَلُوهَا حَتّى‏ خَمَدَتِ النَّارُ ، ثُمَّ أَشْرَفُوا عَلَى الْحَيْرِ ، فَإِذَا هُمْ بِإِبْرَاهِيمَ عليه السلام سَلِيماً مُطْلَقاً مِنْ وَثَاقِهِ ، فَأُخْبِرَ نُمْرُودُ خَبَرَهُ ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَنْفُوا إِبْرَاهِيمَ عليه السلام مِنْ بِلَادِهِ ، وَأَنْ يَمْنَعُوهُ مِنَ الْخُرُوجِ بِمَاشِيَتِهِ وَمَالِهِ ، فَحَاجَّهُمْ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام عِنْدَ ذلِكَ ، فَقَالَ : إِنْ أَخَذْتُمْ مَاشِيَتِي وَمَالِي ، فَإِنَّ حَقِّي عَلَيْكُمْ أَنْ تَرُدُّوا عَلَيَّ مَا ذَهَبَ مِنْ عُمُرِي فِي بِلَادِكُمْ ، وَاخْتَصَمُوا إِلى‏ قَاضِي نُمْرُودَ ، فَقَضى‏ عَلى‏ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام أَنْ يُسَلِّمَ إِلَيْهِمْ جَمِيعَ مَا أَصَابَ فِي بِلَادِهِمْ ، وَقَضى‏ عَلى‏ أَصْحَابِ نُمْرُودَ أَنْ يَرُدُّوا عَلى‏ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام مَا ذَهَبَ مِنْ عُمُرِهِ فِي بِلَادِهِمْ ، فَأُخْبِرَ بِذلِكَ نُمْرُودُ ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يُخَلُّوا سَبِيلَهُ وَسَبِيلَ مَاشِيَتِهِ وَمَالِهِ وَ أَنْ يُخْرِجُوهُ ، وَقَالَ : إِنَّهُ إِنْ بَقِيَ فِي بِلَادِكُمْ أَفْسَدَ دِينَكُمْ وَأَضَرَّ بِآلِهَتِكُمْ ، فَأَخْرَجُوا إِبْرَاهِيمَ وَلُوطاً مَعَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا - مِنْ بِلَادِهِمْ إِلَى الشَّامِ ، فَخَرَجَ إِبْرَاهِيمُ وَمَعَهُ لُوطٌ لَايُفَارِقُهُ وَسَارَةُ ، وَقَالَ لَهُمْ : «إِنِّى ذاهِبٌ إِلى‏ رَبِّى سَيَهْدِينِ»۱يَعْنِي بَيْتَ الْمَقْدِسِ .
فَتَحَمَّلَ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام بِمَاشِيَتِهِ وَمَالِهِ ، وَعَمِلَ تَابُوتاً ، وَجَعَلَ فِيهِ سَارَةَ ، وَشَدَّ عَلَيْهَا الْأَغْلَاقَ غَيْرَةً مِنْهُ عَلَيْهَا ، وَمَضى‏ حَتّى‏ خَرَجَ مِنْ سُلْطَانِ نُمْرُودَ ، وَصَارَ إِلى‏ سُلْطَانِ رَجُلٍ مِنَ الْقِبْطِ يُقَالُ لَهُ : عَرَارَةُ ، فَمَرَّ بِعَاشِرٍ لَهُ ، فَاعْتَرَضَهُ الْعَاشِرُ لِيَعْشُرَ مَا مَعَهُ ، فَلَمَّا انْتَهى‏ إِلَى الْعَاشِرِ وَمَعَهُ التَّابُوتُ ، قَالَ الْعَاشِرُ لِإِبْرَاهِيمَ عليه السلام : افْتَحْ هذَا التَّابُوتَ حَتّى‏ نَعْشُرَ مَا فِيهِ ، فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام : قُلْ مَا شِئْتَ فِيهِ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ حَتّى‏ نُعْطِيَ عُشْرَهُ وَلَا نَفْتَحَهُ» .
قَالَ‏۲ : «فَأَبَى الْعَاشِرُ إِلَّا فَتْحَهُ» .
قَالَ : «وَغَضِبَ‏۳ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام عَلى‏ فَتْحِهِ ، فَلَمَّا بَدَتْ لَهُ سَارَةُ - وَكَانَتْ مَوْصُوفَةً بِالْحُسْنِ وَالْجَمَالِ - قَالَ لَهُ الْعَاشِرُ : مَا هذِهِ الْمَرْأَةُ مِنْكَ؟ قَالَ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام : هِيَ حُرْمَتِي وَابْنَةُ خَالَتِي ، فَقَالَ لَهُ الْعَاشِرُ : فَمَا دَعَاكَ إِلى‏ أَنْ خَبَيْتَهَا فِي هذَا التَّابُوتِ؟ فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام : الْغَيْرَةُ عَلَيْهَا أَنْ يَرَاهَا أَحَدٌ . فَقَالَ لَهُ الْعَاشِرُ : لَسْتُ أَدَعُكَ تَبْرَحُ حَتّى‏ أُعْلِمَ الْمَلِكَ حَالَهَا وَحَالَكَ» .
قَالَ : «فَبَعَثَ رَسُولًا إِلَى الْمَلِكِ فَأَعْلَمَهُ ، فَبَعَثَ الْمَلِكُ رَسُولًا مِنْ قِبَلِهِ لِيَأْتُوهُ بِالتَّابُوتِ ، فَأَتَوْا لِيَذْهَبُوا بِهِ ، فَقَالَ لَهُمْ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام : إِنِّي لَسْتُ أُفَارِقُ التَّابُوتَ حَتّى‏ تُفَارِقَ رُوحِي جَسَدِي ، فَأَخْبَرُوا الْمَلِكَ بِذلِكَ ، فَأَرْسَلَ الْمَلِكُ : أَنِ احْمِلُوهُ وَالتَّابُوتَ مَعَهُ ، فَحَمَلُوا إِبْرَاهِيمَ عليه السلام وَ التَّابُوتَ وَجَمِيعَ مَا كَانَ مَعَهُ حَتّى‏ أُدْخِلَ عَلَى الْمَلِكِ ، فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ : افْتَحِ التَّابُوتَ ، فَقَالَ لَهُ‏۴ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام : أَيُّهَا الْمَلِكُ ، إِنَّ فِيهِ

1.الصافّات (۳۷): ۹۹.

2.في بعض نسخ الكافي: - «قال».

3.في بعض نسخ الكافي: «وغصب» بالصاد المهملة.

4.في الطبعة القديمة: - «له».

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الرابع
    سایر پدیدآورندگان :
    احمدی جلفایی، حمید ، فاضل البخشایشی، جواد
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
تعداد بازدید : 73781
صفحه از 568
پرینت  ارسال به