327
البضاعة المزجاة المجلد الرابع

التفرقة بين المشركين،۱ انتهى.
وقال بعض الأفاضل: إنّ ارتجازه في بعض ما ظفرنا عليه من السير هكذا:


يا ربّ إمّا خرجوا بطالب‏في مقنب من هذه المقانب‏
فاجعلهم المغلوب غير غالب‏وارددهم المسلوب غير السّالب‏
وقال صاحب الكامل في ذكر قصّة بدر: وكان بين طالب ابن أبي طالب وهو في القوم وبين بعض قريش محاورة فقالوا: واللَّه لقد عرفنا أنّ هواكم مع محمّد، فرجع طالب فيمن رجع إلى مكّة. وقيل: إنّه اُخرج كرهاً فلم يوجد في الأسرى ولا في القتلى ولا فيمن رجع إلى مكّة، وهو الذي يقول:


يا ربّ إمّا يعزّزن طالب‏في مقنب من هذه المقانب‏
فليكن المسلوب غير السالب‏وليكن المغلوب غير الغالب‏۲
ثمّ قال الفاضل المذكور: أقول: على ما نقلناه من الكتابين ظهر أنّه لم يكن راضياً بهذه المقالة، وكان يريد ظفر النبيّ صلى اللَّه عليه وآله إمّا لأنّه كان قد أسلم كما تدلّ عليه المرسلة، أو لمحبّة القرابة، فالذي يخطر بالبال في توجيه ما في الخبر أن يكون قوله: «بجعله» بدل اشتمال لقوله «بطالب» أي إمّا تجعل الرسول صلى اللَّه عليه وآله غالباً بمغلوبيّة طالب حال كونه في مقانب عسكر مخالفيه الذين يطلبون الغلبة عليه، بأن تجعل طالباً مسلوب الثياب والسلاح غير سالب لأحد من عسكر النبيّ صلى اللَّه عليه وآله، وبجعله مغلوباً منهم غير غالب عليهم.
وفي النسخة القديمة التي عندنا هكذا:


يا ربّ إمّا يغززن بطالب‏في مقنب من هذه المقانب‏
في مقنب المغالب المحارب‏فاجعله المسلوب غير السالب‏
واجعله المغلوب غير الغالب‏
وهو أظهر، ويوافق ما نقلناه من السِّير. ويؤيّد ما ذكرنا من البيان والتفسير كما لا يخفى،۳ انتهى.

1.قاله المحقّق المازندراني رحمة اللَّه عليه في شرحه، ج ۱۲، ص ۵۴۰ مع التلخيص واختلاف في اللفظ.

2.الكامل في التأريخ، ج ۲، ص ۱۲۱.

3.قاله العلّامة المجلسي رحمة اللَّه عليه في مرآة العقول، ج ۲۶، ص ۵۶۱ و ۵۶۲ مع التلخيص.


البضاعة المزجاة المجلد الرابع
326

والباء على بعض الاحتمالات للتعدية، وعلى بعضها للتقوية، فتدبّر.
(في مقنب من هذه المقانب).
هذه الفقرة صفة لطالب، والمشار إليه بهذه مقانب قريش وعساكرهم.
قال الفيروزآبادي: «المقنب - كمنبر - من الخيل: ما بين الثلاثين إلى الأربعين، أو زُهاء ثلاثمائة».۱
وقال الجزري: «المقنب - بالكسر - : جماعة الخيل والفرسان. وقيل: هو دون المائة».۲
والظرف في قوله: (في مقنب المغالب المحارب) متعلّق بقوله: «تعزّزن»، وكأنّ المراد بالقنب في هذه الفقرة مقنب المسلمين.
(بجعله المسلوب غير السالب).
قيل: الباء للسببيّة، والظرف متعلّق ب «تعزّزن»، والضمير راجع إلى «طالب»، والإضافة إلى الفاعل، والمسلوب: المختلس بصيغة اسم المفعول، والسالب: المختلس بصيغة اسم الفاعل، من السَلَب - بالتحريك - وهو ما يأخذه أحد الفريقين من الآخر في الحرب من ثياب القتيل وآلات الحرب كدرع وسلاح ومركوب وسرح ولجام وغير ذلك، وهما مفعولان لطالب،۳ وقس عليه.
قوله: (وجعله المغلوب غير الغالب).
قال بعض الشارحين:
كلامه ذو وجهين؛ لأنّه يحتمل أن يُراد بالمسلوب والمغلوب أهل الإسلام، وأن يراد بهما أهل الشرك، والثاني هو المراد بدليل قوله: (وفي رواية اُخرى: أنّه كان أسلم) فطلب من اللَّه تعالى العزّة والغَلَبة، بأن يجعل المغلوب من اختلسه الشيطان غير سالب ومختلِس لأهل الإسلام، أو يجعل المغلوب بالهوى غير غالب على أهل الايمان. ولمّا كان المشركون من أهل اللسان فهموا مقصوده وإن كان مفاداً بالتورية، فلذلك اُمروا بردّه؛ لئلّا يفسد عليهم، ويلحق بأهل الإسلام، ويوقع

1.القاموس المحيط، ج ۱، ص ۱۲۰ (قنب) مع التلخيص.

2.النهاية، ج ۴، ص ۱۱۱ (قنب).

3.قاله المحقّق المازندراني رحمة اللَّه عليه في شرحه، ج ۱۲، ص ۵۴۰ مع التلخيص واختلاف في اللفظ.

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الرابع
    سایر پدیدآورندگان :
    احمدی جلفایی، حمید ، فاضل البخشایشی، جواد
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
تعداد بازدید : 73683
صفحه از 568
پرینت  ارسال به