ثمّ اعلم أنّ الأخبار من طرق الخاصّة والعامّة مستفيضة في نزول هذه الآية في مودّة أهل البيت عليهم السلام، ولنذكر طرفاً منها؛ ذكر أبو حمزة الثمالي، عن السدّي، أنّه قال: اقتراف الحسنة المودّة لآل محمّد صلى اللَّه عليه وآله.۱
وصحَّ عن الحسن بن عليّ عليهما السلام أنّه خطب الناس، فقال في خطبته: «إنّا من أهل البيت الذين افترض اللَّه مودّتهم على كلّ مسلم» فقال: «قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْناً»؛ فاقتراف الحسنة مودّتنا أهل البيت.۲
وروى إسماعيل بن عبد الخالق عن أبي عبد اللَّه عليه السلام أنّه قال: «إنّها نزلت فينا أهل البيت أصحاب الكساء».۳(وهو قول اللَّه عزّ وجلّ) في سورة القصص: «مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا»۴ذاتاً ووصفاً وقدراً.
والظاهر إرجاع الضمير في قوله: «وهو قول اللَّه» إلى من تولّى الأوصياء من آل محمّد، ويحتمل إرجاعه إلى تولّيهم. وعلى هذا التفسير والمآل واحد؛ أي المراد بالحسنة فيها أيضاً مودّة الأوصياء عليهم السلام؛ يعني أنّها نزلت فيها، أو هي الفرد الكامل من الحسنة التي يشترط قبول سائر الحسنات بها، فكأنّها منحصرة فيها.
ولعلّ معنى قوله: «فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا» أنّ تلك المودّة مستلزمة لسائر الولايات الواجبة والمندوبة من ولايات الأنبياء وسائر الأوصياء وغيرهم، وهذا المجموع خيرٌ من الأوّل؛ لاشتماله عليه وعلى غيره.
وقوله: (يدخله الجنّة) إشارة إلى ثمرة هذه الحسنة، وكونه بياناً لقوله: خيرٌ منها، بعيد كما لا يخفى.
وقد روى محمّد بن العبّاس في تفسيره بإسناده عن أبي عبد اللَّه الجدلي، عن أمير المؤمنين عليه السلام، قال: قال: «هل تدري ما الحسنة التي من جاء بها هم من فزع يومئذٍ آمنون، ومن جاء بالسيّئة كُبَّتْ وجوههم في النار؟» قلت: لا، قال: «الحسنة مودّتنا أهل البيت،