بذلك الأجر الذي هو المودّة.
(وتنجون من عذاب يوم القيامة) إذا علمتم بمقتضاه ولوازمه.
وبناء هذا التفسير على جعل كلمة «ما» موصولة شرطيّة، واللّام للانتفاع، ولا ريب أنّه وجهٌ حسن تامّ في الجمع بين الآيات الواردة في أجر الرسالة، وردّ على بعض متعصّبي إلى أنّ نفي طلب الأجر مطلقاً في هذه الآية بالنسبة إلى الكفّار وأهل النفاق والإنكار، حيث إنّهم لم يقبلوا رسالته، فلم يطلب منهم أجر المودّة.۱
وقوله تعالى في سورة ص: «قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ».
قال الشيخ الطبرسي:
أي على تبليغ الوحي والقرآن والدّعاء إلى اللَّه سبحانه.
«مِنْ أَجْرٍ» أي مال تعطونيه.
«وَمَا أَنَا مِنْ الْمُتَكَلِّفِينَ»۲ لهذا القرآن من تلقاء نفسي. وقيل: معناه أي ما أتيتكم رسولاً من قبل نفسي ولم أتكلّف هذا الإتيان، بل اُمرت به. وقيل: معناه: لست ممّن يتعسّف في طلب الأمر الذي لا يقتضيه العقل،۳ انتهى.
وقوله عليه السلام: (يقول) أي يقول اللَّه عزّ وجلّ:
(متكلّفاً) أي لست متكلّفاً.
(أن أسألكم ما لستُم بأهله) من أجر المودّة وعدم أهليّتهم لذلك يستلزم عدم سؤاله صلى اللَّه عليه وآله عنهم؛ لانتفاء فائدته، ولا شكّ أنّ هذا التفسير أظهر وأوفق لفظاً ومعنىً ممّا عرفت من أقوال المفسّرين.
وقوله: (وما هو إلّا شيء يتقوّله).
قال الفيروزآبادي: «تقوّل قولاً: ابتدعه كذباً».۴
وقوله: (فقال في كتابه - عزّ وجلّ -) في سورة الشورى بعد قوله: «وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْناً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ»: «أَمْ يَقُولُونَ».
قال البيضاوي: «بل يقولون: «افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً»: افترى محمّد بدعوى النبوّة والقرآن».۵
1.راجع: تفسير القرطبي، ج ۱۶، ص ۲۲.
2.ص (۳۸): ۸۶.
3.مجمع البيان، ج ۸، ص ۳۸۰.
4.القاموس المحيط، ج ۴، ص ۴۲ (قول).
5.تفسير البيضاوي، ج ۵، ص ۱۲۹.