347
البضاعة المزجاة المجلد الرابع

بذلك الأجر الذي هو المودّة.
(وتنجون من عذاب يوم القيامة) إذا علمتم بمقتضاه ولوازمه.
وبناء هذا التفسير على جعل كلمة «ما» موصولة شرطيّة، واللّام للانتفاع، ولا ريب أنّه وجهٌ حسن تامّ في الجمع بين الآيات الواردة في أجر الرسالة، وردّ على بعض متعصّبي إلى أنّ نفي طلب الأجر مطلقاً في هذه الآية بالنسبة إلى الكفّار وأهل النفاق والإنكار، حيث إنّهم لم يقبلوا رسالته، فلم يطلب منهم أجر المودّة.۱
وقوله تعالى في سورة ص: «قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ».
قال الشيخ الطبرسي:
أي على تبليغ الوحي والقرآن والدّعاء إلى اللَّه سبحانه.
«مِنْ أَجْرٍ» أي مال تعطونيه.
«وَمَا أَنَا مِنْ الْمُتَكَلِّفِينَ»۲ لهذا القرآن من تلقاء نفسي. وقيل: معناه أي ما أتيتكم رسولاً من قبل نفسي ولم أتكلّف هذا الإتيان، بل اُمرت به. وقيل: معناه: لست ممّن يتعسّف في طلب الأمر الذي لا يقتضيه العقل،۳ انتهى.
وقوله عليه السلام: (يقول) أي يقول اللَّه عزّ وجلّ:
(متكلّفاً) أي لست متكلّفاً.
(أن أسألكم ما لستُم بأهله) من أجر المودّة وعدم أهليّتهم لذلك يستلزم عدم سؤاله صلى اللَّه عليه وآله عنهم؛ لانتفاء فائدته، ولا شكّ أنّ هذا التفسير أظهر وأوفق لفظاً ومعنىً ممّا عرفت من أقوال المفسّرين.
وقوله: (وما هو إلّا شي‏ء يتقوّله).
قال الفيروزآبادي: «تقوّل قولاً: ابتدعه كذباً».۴
وقوله: (فقال في كتابه - عزّ وجلّ -) في سورة الشورى بعد قوله: «وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْناً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ»: «أَمْ يَقُولُونَ».
قال البيضاوي: «بل يقولون: «افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً»: افترى محمّد بدعوى النبوّة والقرآن».۵

1.راجع: تفسير القرطبي، ج ۱۶، ص ۲۲.

2.ص (۳۸): ۸۶.

3.مجمع البيان، ج ۸، ص ۳۸۰.

4.القاموس المحيط، ج ۴، ص ۴۲ (قول).

5.تفسير البيضاوي، ج ۵، ص ۱۲۹.


البضاعة المزجاة المجلد الرابع
346

والسيّئة عداوتنا أهل البيت».۱
وروى بإسناده عن عمّار الساباطي في قوله تعالى: «مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا»قال: «إنّما الحسنة معرفة الإمام وطاعته، وطاعته [من‏] طاعة اللَّه».۲
وبإسناده عنه عليه السلام قال: «الحسنة ولاية أمير المؤمنين عليه السلام».۳
وبإسناده عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر عليه السلام أنّه سأله عن هذه الآية، فقال: «الحسنة ولاية عليّ عليه السلام، والسيّئة بغضه وعداوته».۴(وهو) أيضاً (قول اللَّه عزّ وجلّ) في سورة سبأ: «قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا للَّهِ‏ِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ»۵.
قال البيضاوي:
أي أيّ شي‏ء سألتكم من أجر على [الرسالة] «فَهُوَ لَكُمْ» والمراد نفي السؤال، كأنّه جعل النبيّ مستلزماً لأحد الأمرين؛ إمّا الجنون وإمّا توقّع نفع؛ لأنّه إمّا أن يكون لغرض، أو غيره، وأيّاً ما كان يلزم أحدهما، ثمّ نفى كلّاً منهما.
وقيل: «ما» موصولة يُراد بها ما سألهم بقوله: «مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً»۶، وقوله: «لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى»۷واتّخاذ السبيل ينفعهم وقرباؤهم قرباؤه،۸ انتهى.
(يقول) اللَّه عزّ وجلّ: (أجر المودّة الذي لم أسألكم غيره) إشارة إلى قوله تعالى: «قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى» وإضافة الأجر إلى المودّة بيانيّة، وضمير «غيره» راجع إلى الأجر.
(فهو) أي ذلك الأجر (لكم) أي لانتفاعكم وصلاح شأنكم وهو أنّه (تهتدون به)أي

1.الشورى (۴۲): ۲۳.

2.تأويل الآيات، ج ۱، ص ۴۱۰، ح ۱۶؛ بحار الأنوار، ج ۲۴، ص ۴۱، ح ۲؛ غاية المرام، ج ۳، ص ۳۰۹، ح ۶.

3.تأويل الآيات، ج ۱، ص ۴۱۱، ح ۱۸؛ بحار الأنوار، ج ۲۴، ص ۴۲، ح ۴؛ غاية المرام، ج ۳، ص ۳۱۰، ح ۸.

4.تأويل الآيات، ج ۱، ص ۴۱۱، ح ۱۹؛ بحار الأنوار، ج ۲۴، ص ۴۲، ح ۵؛ غاية المرام، ج ۳، ص ۳۱۰، ح ۹.

5.تأويل الآيات، ج ۱، ص ۴۱۱، ح ۲۰؛ بحار الأنوار، ج ۲۴، ص ۴۲، ح ۶؛ غاية المرام، ج ۳، ص ۳۱۰، ذيل ح ۹.

6.سبأ (۳۴): ۴۶ و ۴۷.

7.الفرقان (۲۵): ۵۷.

8.تفسير البيضاوي، ج ۴، ص ۴۰۶.

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الرابع
    سایر پدیدآورندگان :
    احمدی جلفایی، حمید ، فاضل البخشایشی، جواد
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
تعداد بازدید : 93294
صفحه از 568
پرینت  ارسال به