وذهب أبو عليّ الجبائي إلى أنّ الواو حذف للجزم، وجعل معنى الآية: إن افتريت ختم على قلبك، ومحى الباطل المفترى، فعلى قوله «وَيُحِقُّ الْحَقَّ» استئناف، ومعناه يظهر الحقّ ويثبته.
«بِكَلِمَاتِهِ»: بالقرآن. وقيل: بصدق رسله بوحيه.۱ وقيل: بنصر دينه بوعده.۲
قال الفيروزآبادي: «حقّه - كمدّه - : غلبه على الحقّ، كأحقّه. والشيء: أوجبه، كأحقّه وحقّقه».۳
أقول: الأنسب بتفسيره عليه السلام أن يُراد بمحو الباطل محق ما قدّره المنافقون في أنفسهم من ردّ الولاية عن أهلها باختناق الحقّ إثبات ما هو الحقّ من ولاية أهل البيت عليهم السلام، نظير قوله تعالى: «يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ»۴.
وقال البيضاوي:
«وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ» الآية استئناف لنفي الافتراء عمّا يقوله بأنّه لو كان مفترى لمحقه إذ من عادته تعالى محو الباطل وإثبات الحقّ بوحيه أو بقضائه أو بوعده بمحق باطلهم وإثبات حقّه بالقرآن أو بقضائه الذي لا مردّ له.۵
وقوله: (يقول: الحقّ لأهل بيتك الولاية)؛ يعني أنّه تعالى أراد بالحقّ الولاية، بأن تكون الولاية خيراً للحقّ.
ويحتمل كونها بدلاً منه، والخبر قوله: «لأهل بيتك».
وفي بعض النسخ: «بقول الحقّ» بالباء الموحّدة.
«إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ»۶.
قيل: أي بضمائر القلوب.۷ فلو علم من قلبه أنّه همَّ بالافتراء العاجلة بالعقوبة، فكيف إذا نطق به وصرّح؟!
وقوله عليه السلام: (ويقول بما ألقوه في صدورهم) إلى آخره، تفسير لذات الصدور، فالظاهر
1.مجمع البيان، ج ۹، ص ۵۰.
2.الشورى (۴۲): ۲۴.
3.ذهب إليه الزمخشري في الكشّاف، ج ۳، ۴۶۸.
4.ذهب إليه السمرقندي في تفسيره، ج ۲، ص ۱۲۷.
5.القاموس المحيط، ج ۳، ص ۲۲۱ (حقق) مع التلخيص.
6.الصفّ (۶۱): ۸.
7.تفسير البيضاوي، ج ۵، ص ۱۲۹ مع التلخيص و اختلاف يسير في اللفظ.