بمعنى الذين، كما في قوله: «وَخُضْتُمْ كَالَّذِى خَاضُوا»۱ إن جعل مرجع الضمير في «بنورهم»، أو قصد به جنس المستوقدين، أو الفوج الذي استوقدوا. والاستيقاد: طلب الوقود، والسعي في تحصيلها، وهو سطوع النار وارتفاع لهبها، «فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ» أي النار ما حول المستوقد إن جعلتها متعدّية، وإلّا أمكن أن تكون مسندة إلى «ما» والتأنيث؛ لأنّ ما حوله أشياء وأماكن، أو إلى ضمير النار و«ما» موصولة في معنى الأمكنة نصب على الظرف أو مزيدة، و«حوله» ظرف. «ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ» جواب «لمّا».۲
انتهى كلام البيضاوي.
فلنعد إلى شرح الحديث؛ فلمّا كان المشبّه به أمراً محسوساً ظاهراً لا حاجة فيه إلى توضيحه أشار عليه السلام إلى توضيح المشبّه بقوله: (أضاءت الأرض بنور محمّد صلى اللَّه عليه وآله كما تضيء الشمس).
يحتمل أن يُراد بالأرض ما يعمّ قلوب المؤمنين، والمراد بالنور نور العلم والهداية، وحاصله: أنّ الأرض أشرقت بنور محمّد صلى اللَّه عليه وآله، فلمّا قبض اظلّمت بظلمة النفاق والكفر، وذهب اللَّه بنور هؤلاء المنافقين فهم لا يبصرون.
(فضرب مثل محمّد صلى اللَّه عليه وآله الشمس، ومثل الوصيّ القمر)و
يقال: ضرب فلان مثلاً، أي وصف وبيّن، وعدّى هنا إلى المفعول؛ لتضمّنه معنى جعل. والغرض من هذا التفريع الاستدلال على أنّ المراد بالضوء منها نور محمّد صلى اللَّه عليه وآله، وبيانه: أنّه تعالى مثّل في القرآن الرسول صلى اللَّه عليه وآله بالشمس ونسب إليها الضياء، والوصيّ بالقمر ونسب إليه النور، فعلم من ذلك أنّ الضوء للرسالة، والنور للإمامة، وربّما يستأنس لذلك بما ذكروه من أنّ ما بالذات ضوء وما بالعرض نور، ومن هنا ينسب النور إلى القمر؛ لأنّه يستفيد النور من الشمس، ولمّا كان نور الأوصياء مقتبساً من نور الرسول صلى اللَّه عليه وآله، وعلمهم من علمه، عبّر عن علمهم وكمالهم بالنور، وعن علم الرسول صلى اللَّه عليه وآله بالضياء.
(وهو قول اللَّه۳عزّ وجلّ) في سورة يونس عليه السلام: «هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً».