359
البضاعة المزجاة المجلد الرابع

في رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله:


أنت الأمين محمّدقرم أغرّ مسود
لمسودين أطاهركرموا وطاب المولد
أنت السعيد من السعو...د تكنفتك الأسعد
من لدن آدم لم يزل‏فينا وصيٌ مرشد
ولقد عرفتك صادقاًوالقول لا يتفنّد
ما زلت تنطق بالصواب‏وأنت طفلٌ أمرد۱
وتحقيق هذه الجملة يقتضي أن تكون الشجرة المباركة المذكورة في هذه الآية هي دوحة التّقى والرضوان وعترة الهدى والإيمان، شجرةٌ أصلها النبوّة، وفرعها الإمامة، وأغصانها التنزيل، وأوراقها التأويل، وخدمها جبرئيل وميكائيل.
وثانيها أنّها مثلٌ ضربه اللَّه للمؤمن، المشكاة نفسه، والزجاجة صدره، والمصباح الإيمان، والقرآن في قلبه، يوقد من شجرة مباركة هي الإخلاص للَّه وحده لا شريك له، فهي خضراء ناعمة كشجرة التفّ بها الشجر، فلا يصيبها الشمس على أيّ حال كانت؛ لا إذا طلعت، ولا إذا غربت، وكذلك المؤمن قد احترز من أن يصيبه شي‏ء من الفتن، فهو بين أربع خِلال؛ إن اُعطي شكر، وإن ابتُلي صبر، وإن حكمَ عدل، وإن قالَ صدق، فهو في سائر الناس كالرجل الحيّ يمشي بين قبور الأموات. «نُورٌ عَلَى نُورٍ»؛ كلامه نورٌ، وعمله نور، ومدخله نور، ومخرجه نور، ومصيره إلى نور يوم القيامة. عن اُبيّ بن كعب.
وثالثها: أنّ مثل القرآن في قلوب المؤمن فكما أنّ هذا المصباح يستضاء به، وهو كما هو لا ينقص، فكذلك [القرآن‏] يهتدى به ويعمل به، فالمصباح هو القرآن، والزجاجة قلب المؤمن، والمشكاة لسانه وفمه، والشجرة المباركة شجرة الوحي «يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِي‏ءُ»؛ يكاد حجج القرآن يتّضح وإن لم يقرأ.
وقيل: يكاد حجج اللَّه على خلقه تضي‏ء لمن تفكّر فيها وتدبّرها، ولو لم ينزل القرآن «نُورٌ عَلَى نُورٍ»؛ يعني أنّ القرآن نورٌ مع سائر الأدلّة قبله، فازدادوا به نوراً على نور. عن الحسن وابن زيد.

1.التوحيد، ص ۱۵۸، ح ۴ مع التلخيص.


البضاعة المزجاة المجلد الرابع
358

والمشبّه‏۱ على أقوال:
أحدها: أنّه مثل ضربه اللَّه تعالى لنبيّه محمّد صلى اللَّه عليه وآله، فالمشكوة صدره، والزجاة قلبه، والمصباح فيه النبوّة «لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ» أي لا يهوديّة ولا نصرانيّة، «يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ» يعني شجرة النبوّة، وهي إبراهيم عليه السلام، يكاد نور محمّد صلى اللَّه عليه وآله يتبيّن للناس ولو لم يتكلّم به، كما أنّ ذلك الزيت يكاد يضي‏ء، ولو لم تمسسه نار، أي تصبه النار. عن كعب وجماعة من المفسّرين.
وقد قيل أيضاً: إنّ المشكوة إبراهيم، والزجاجة إسماعيل، والمصباح محمّد، كما سمّي سراجاً في موضع آخر من شجرة مباركة، يعني إبراهيم؛ لأنّ أكثر الأنبياء من صلبه «لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ»: لا نصرانيّة ولا يهوديّة؛ لأنّ النصارى تصلّى إلى الشرق، واليهود إلى الغرب «يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِى‏ءُ» أي تكاد محاسن محمّد صلى اللَّه عليه وآله تظهر قبل أن يوحى إليه.
«نُورٌ عَلَى نُورٍ» أي نبيّ من نسل نبيّ. عن محمّد بن كعب.
وقيل: إنّ المشكاة عبد المطّلب، والزجاجة عبد اللَّه، والمصباح هو النبيّ «لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ» بل مكّية؛ لأنّ مكّة وسط الدُّنيا. عن الضحّاك.
وروي عن الرضا عليه السلام أنّه قال: نحن المشكاة، والمصباح محمّد صلى اللَّه عليه وآله يهدي اللَّه لولايتنا مَن أحبّ.
وفي كتاب التوحيد لأبي جعفر بن بابويه رحمة اللَّه عليه بالإسناد عن عيسى بن راشد عن أبي جعفر الباقر عليه السلام في قوله: «كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ» قال: نور العلم في صدر النبيّ صلى اللَّه عليه وآله. «الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ»؛ الزجاجة صدر عليّ عليه السلام، صار علم النبيّ صلى اللَّه عليه وآله إلى صدر عليّ علَّم النبيّ عليّاً. «يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ»: نور العلم. «لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ»: لا يهوديّة ولا نصرانيّة. «يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِي‏ءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ»، قال: يكاد العالم من آل محمّد صلى اللَّه عليه وآله يتكلّم بالعلم قبل أن يُسأل. «نُورٌ عَلَى نُورٍ» أي إمام مؤيّد بنور العلم والحكمة في إثر إمام من آل محمّد وذلك من لدن آدم إلى أن تقوم الساعة، فهؤلاء الأوصياء الذين جعلهم اللَّه خلفاء في أرضه وحججه على خلقه، لا تخلو الأرض في كلّ عصر من واحدٍ منهم، ويدلّ عليه قول أبي طالب عليه السلام

1.في المصدر: «في هذا المشبّه والمشبّه به».

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الرابع
    سایر پدیدآورندگان :
    احمدی جلفایی، حمید ، فاضل البخشایشی، جواد
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
تعداد بازدید : 73799
صفحه از 568
پرینت  ارسال به