377
البضاعة المزجاة المجلد الرابع

بِصَيَّادٍ قَدْ أَلْقى‏ شَبَكَتَهُ ، فَأَخْرَجَهَا وَلَيْسَ فِيهَا إِلَّا سَمَكَةٌ رَدِيَّةٌ قَدْ مَكَثَتْ عِنْدَهُ حَتّى‏ صَارَتْ رِخْوَةً مُنْتِنَةً ، فَقَالَ لَهُ : بِعْنِي هذِهِ السَّمَكَةَ ، وَأُعْطِيكَ هذَا الْغَزْلَ تَنْتَفِعُ بِهِ فِي شَبَكَتِكَ ، قَالَ : نَعَمْ ، فَأَخَذَ السَّمَكَةَ ، وَدَفَعَ إِلَيْهِ الْغَزْلَ ، وَانْصَرَفَ بِالسَّمَكَةِ إِلى‏ مَنْزِلِهِ .
فَأَخْبَرَ زَوْجَتَهُ الْخَبَرَ ، فَأَخَذَتِ السَّمَكَةَ لِتُصْلِحَهَا ، فَلَمَّا شَقَّتْهَا ، بَدَتْ مِنْ جَوْفِهَا لُؤْلُؤَةٌ ، فَدَعَتْ زَوْجَهَا فَأَرَتْهُ إِيَّاهَا ، فَأَخَذَهَا فَانْطَلَقَ بِهَا إِلَى السُّوقِ ، فَبَاعَهَا بِعِشْرِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ ، وَانْصَرَفَ إِلى‏ مَنْزِلِهِ بِالْمَالِ فَوَضَعَهُ ، فَإِذَا سَائِلٌ يَدُقُّ الْبَابَ ، وَيَقُولُ : يَا أَهْلَ الدَّارِ ، تَصَدَّقُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ عَلَى الْمِسْكِينِ ، فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ : ادْخُلْ ، فَدَخَلَ ، فَقَالَ لَهُ : خُذْ إِحْدَى الْكِيسَيْنِ ، فَأَخَذَ إِحْدَاهُمَا ، وَانْطَلَقَ ، فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ : سُبْحَانَ اللَّهِ بَيْنَمَا نَحْنُ مَيَاسِيرُ إِذْ ذَهَبْتَ بِنِصْفِ يَسَارِنَا ، فَلَمْ يَكُنْ ذلِكَ بِأَسْرَعَ مِنْ أَنْ دَقَّ السَّائِلُ الْبَابَ ، فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ : ادْخُلْ ، فَدَخَلَ فَوَضَعَ الْكِيسَ فِي مَكَانِهِ ، ثُمَّ قَالَ : كُلْ هَنِيئاً مَرِيئاً ، إِنَّمَا أَنَا مَلَكٌ مِنْ مَلَائِكَةِ رَبِّكَ ، إِنَّمَا أَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُوَكَ ، فَوَجَدَكَ شَاكِراً ، ثُمَّ ذَهَبَ» .

شرح‏

السند مجهول.
قوله: (محارفاً).
قال الجوهري: «رجلٌ محارف - بفتح الراي - أي محدود محروم، وهو خلاف قولك: مبارك».۱
وقال الجزري:
المحارف - بفتح الراء - هو المحروم المحدود الذي إذا طلب فلا يُرزق. و[قد ]حُورف كسب فلان: إذا شدّد عليه في معاشه وضيّق كأنّه ميلَ برزقه عنه من الانحراف عن الشي‏ء، وهو الميل عنه.۲
وقوله: (نصلاً من غزل).
قال الفيروزآبادي: «النصل: الغزل قد خرج من المغزل».۳
وقال: «غزلت القطن تغزله، فهو غزل - بالفتح - أي مغزول».۴

1.الصحاح، ج ۴، ص ۱۳۴۲ (حرف).

2.النهاية، ج ۱، ص ۳۷۰ (حرف) مع التلخيص.

3.القاموس المحيط، ج ۴، ص ۵۷ (نصل) مع التلخيص.

4.القاموس المحيط، ج ۴، ص ۲۴ (غزل) مع التلخيص.


البضاعة المزجاة المجلد الرابع
376

الملحفة، أو ما تغطّي به ثيابها من فوق كالملحفة، أو هو الخمار».۱
وقوله: (مُثّل لك) على بناء المفعول. يُقال: مثّلت له كذا تمثيلاً: إذا صوّرت مثاله، كأنّه ينظر إليه.
وقوله: (لا أعلمه)؛ الشكّ من الراوي.
وقوله: (بتثبيطها عبدي).
ثبّطه عن الأمر تثبيطاً: إذا شغله عنه، وعوّقه، وبطّأه عنه.
ووجه كون ترك الذنب أهون وأسهل من طلب التوبة أنّ النفس قبل ارتكابه أشدّ صفاءً منها بعده، ولا ريب أنّ العبادة مع صفاء النفس أسهل وأنفع من العبادة مع ظلمتها، على أنّ للتوبة أسباباً وشرائط قد لا يتحصّل، فليس كلّ من طلب التوبة وجدها.
وفي هذا الحديث دلالة على أنّ للشياطين تصرّفات غريبة في إغواء بني آدم وإضلاله، فيجب لكلّ أحد وإن بلغ غاية العبادة التيقّظ والتحرّز عن مكرهم وحيلهم.
وقيل: دلَّ هذا الحديث على أنّ من دلّ مؤمناً وهداه ونجّاه عن الضلالة فهو من أهل الجنّة، وإن كان فاسقاً آكلاً أموال الناس حراماً،۲ انتهى، فليتأمّل.

متن الحديث الرابع والثمانين والخمسمائة

۰.أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زُرَارَةَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ :
عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام ، قَالَ :
«كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ رَجُلٌ عَابِدٌ ، وَكَانَ مُحَارَفاً لَايَتَوَجَّهُ إِلى‏۳ شَيْ‏ءٍ ، فَيُصِيبَ فِيهِ شَيْئاً ، فَأَنْفَقَتْ عَلَيْهِ امْرَأَتُهُ حَتّى‏ لَمْ يَبْقَ عِنْدَهَا شَيْ‏ءٌ ، فَجَاعُوا يَوْماً مِنَ الْأَيَّامِ ، فَدَفَعَتْ إِلَيْهِ نَصْلًا مِنْ غَزْلٍ ، وَقَالَتْ لَهُ : مَا عِنْدِي غَيْرُهُ ، انْطَلِقْ‏۴ فَبِعْهُ ، وَاشْتَرِ لَنَا شَيْئاً نَأْكُلْهُ .
فَانْطَلَقَ بِالنَّصْلِ الْغَزْلِ‏۵ لِيَبِيعَهُ ، فَوَجَدَ السُّوقَ قَدْ غُلِقَتْ ، وَوَجَدَ الْمُشْتَرِينَ قَدْ قَامُوا وَانْصَرَفُوا ، فَقَالَ : لَوْ أَتَيْتُ هذَا الْمَاءَ ، فَتَوَضَّأْتُ مِنْهُ ، وَصَبَبْتُ عَلَيَّ مِنْهُ ، وَانْصَرَفْتُ ، فَجَاءَ إِلَى الْبَحْرِ وَإِذَا هُوَ

1.القاموس المحيط، ج ۱، ص ۴۷ (جلب).

2.قاله المحقّق المازندراني رحمة اللَّه عليه في شرحه، ج ۱۲، ص ۵۵۵.

3.هكذا في النسخة وبعض نسخ الكافي. وفي كلتا الطبعتين: «في».

4.في بعض نسخ الكافي: «فانطلق».

5.في بعض نسخ الكافي: - «الغزل».

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الرابع
    سایر پدیدآورندگان :
    احمدی جلفایی، حمید ، فاضل البخشایشی، جواد
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
تعداد بازدید : 72192
صفحه از 568
پرینت  ارسال به