فَاطْلُبُوا ذلِكَ مِنْ عِنْدِ أَهْلِهِ خَاصَّةً ، فَإِنَّهُمْ خَاصَّةً نُورٌ يُسْتَضَاءُ بِهِ ، وَأَئِمَّةٌ يُقْتَدى بِهِمْ ، وَهُمْ عَيْشُ الْعِلْمِ وَمَوْتُ الْجَهْلِ ، هُمُ الَّذِينَ يُخْبِرُكُمْ حُكْمُهُمْ عَنْ عِلْمِهِمْ ، وَصَمْتُهُمْ عَنْ مَنْطِقِهِمْ ، وَظَاهِرُهُمْ عَنْ بَاطِنِهِمْ ، لَايُخَالِفُونَ الدِّينَ ، وَلَايَخْتَلِفُونَ فِيهِ ، فَهُوَ بَيْنَهُمْ شَاهِدٌ صَادِقٌ ، وَصَامِتٌ نَاطِقٌ، فَهُمْ مِنْ شَأْنِهِمْ شُهَدَاءُ بِالْحَقِّ ، وَمُخْبِرٌ صَادِقٌ لَايُخَالِفُونَ الْحَقَّ وَلَايَخْتَلِفُونَ فِيهِ ، قَدْ خَلَتْ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ سَابِقَةٌ۱ ، وَمَضى فِيهِمْ مِنَ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - حُكْمٌ صَادِقٌ ، وَفِي ذلِكَ ذِكْرى لِلذَّاكِرِينَ ، فَاعْقِلُوا الْحَقَّ إِذَا سَمِعْتُمُوهُ عَقْلَ رِعَايَةٍ ، وَلَاتَعْقِلُوهُ عَقْلَ رِوَايَةٍ ؛ فَإِنَّ رُوَاةَ الْكِتَابِ كَثِيرٌ ، وَرُعَاتَهُ قَلِيلٌ ، وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ» .
شرح
السند مجهول.
قوله: (بذي قار).
في القاموس: «ذو قار: اسم۲ موضع بين الكوفة وواسط».۳
وقوله: (بالحقّ) هو كلّ ما اُوحي إليه وجاء به، أو القرآن، أو هداية الخلق وإرشادهم.
(ليخرج عباده من عبادة عباده إلى عبادته).
المستتر في «يخرج» راجع إلى اللَّه تعالى، أو إلى محمّد صلى اللَّه عليه وآله. والأوّل أنسب بالسياق، والفرض أنّ الخلق قبل بعثته صلى اللَّه عليه وآله كانوا يعبدون غيره تعالى كعزير وعيسى والملائكة والشمس والقمر والأصنام أيضاً تغليباً، أو يتّبعون الشياطين والطواغيت، كقوله عزّ وجلّ: «لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ».
وفي النهج: «من عبادة الأوثان إلى عبادته، ومن طاعة الشيطان إلى طاعته».۴(ومن عهود عباده إلى عهوده).
العهد: الوصيّة، والأمان، والذمّة، والحفاظ، ورعاية الحرمة. ولعلّ المراد بعهود العباد ما قرّروه بينهم وتعاهدوا عليه ممّا فيه سخط الربّ - تبارك وتعالى - كعهود الاُمراء والسلاطين من أهل الجور، أو الشياطين، أو المضلّين، ويعهد اللَّه - عزّ وجلّ - كلّ ما قرّره عليهم ممّا فيه رضاه تعالى.