(وقرآن قد بيّنه) أي أوضح ظاهره، بل باطنه أيضاً لأهله، وعرّف محكمه ومتشابهه ومطلقه ومقيّده وعامّه وخاصّه وسائر ما فيه.
(ليعلم العباد ربّهم إذ جهلوه) تعليل للبعث.
وقيل: في ذكر الربّ توبيخ لهم على الغفلة؛ إذ جهل المربوب بربّه دليل واضح على حمقه.۱(وليقرّوا به إذ جحدوه).
قال الفيروزآبادي: «الإقرار: الإذعان للحقّ».۲
وقال: «جحده حقّه وبحقّه - كمنعه - جحداً وجحوداً: أنكره مع علمه».۳(وليثبتوه بعد إذ أنكروه).
في القاموس: «أثبته: عرفه حقّ المعرفة».۴
وفيه: «أنكره، أي جهله».۵
وقيل: الظاهر أنّ المراد بالعلم هنا العلم التصوّري، وبالإقرار التصديق بوجوده، وبالإثبات الإقرار بوجوده لساناً، ففيه إشعار بأنّ العباد قبل البعثة لكونهم داخلين في الجهالة لم يدخل في قلوبهم تصوّر الصانع فضلاً عن الآخرين.
ويحتمل أن يُراد بالعلم العلم لصفاته، وبالإقرار التصديق بوجود ذاته، وبالإثبات إثباتهما على نحو ما نطقت به [السنّة و] الشرع؛ إذ بمجرّد معرفة الذات والصفات بدون معرفة وجه الارتباط بينهما لا يتحقّق معرفة الصانع والتوحيد المطلق.۶(فتجلّى لهم سبحانه في كتابه) أي ظهر وانكشف لهم في القرآن.
(من غير أن يكونوا رأوه) بالبصر، بل بما ينبّههم عليه في كتابه من قصص الأوّلين وما حلَّ بهم من النقمات بمخالفة الرسل ومن يحذو حذوهم، كما سينبّه عليه، وتحقيقه ما ذكره بعض المحقّقين من أنّ معناه انكشف لهم في كتابه عن الحجب المظلمة الطبيعيّة
1.قاله المحقّق المازندراني رحمة اللَّه عليه في شرحه، ج ۱۲، ص ۵۶۰.
2.القاموس المحيط، ج ۲، ص ۱۱۶ (قرر).
3.القاموس المحيط، ج ۱، ص ۲۸۰ (جحد).
4.القاموس المحيط، ج ۱، ص ۱۴۵ (ثبت).
5.القاموس المحيط، ج ۲، ص ۱۴۸ (نكر).
6.القائل هو المحقّق المازندراني رحمة اللَّه عليه في شرحه، ج ۱۲، ص ۵۶۰.