393
البضاعة المزجاة المجلد الرابع

(ولم يعرفوا من الكتاب إلّا خطّه وزبره) بسكون الباء، أو بضمّتين، جمع زبور.
قال الفيروزآبادي: «الخطّ: الكتب بالقلم وغيره».۱
وقال: «الزبر - بالفتح - : الكتابة. وبالكسر: المكتوب. والزبور: الكتاب بمعنى المزبور، الجمع: زبر»۲ .
(يدخل الداخل) يعني في الدِّين.
(لما يسمع) بتخفيف الميم وكسر اللّام، أو بتشديدها وفتح اللّام.
وقوله: (من حكم القرآن) بيان للموصول على الأوّل.
وكلمة «من» للتبعيض، أو زائدة على الثاني. ولعلّ المراد بحكم القرآن الداعي إلى الدخول فيه، ويحتمل الأعمّ.
(فلا يطمئن جالساً) أي لا يتمّ جلوسه بعد، وهذا كناية عن زمان الدخول.
(حتّى يخرج من الدِّين) فيكون دخوله فيه مقارناً لخروجه عنه؛ لما يرى من عدم عمل أهله به، وجورهم وبدعهم وإنكارهم لأعظم اُصوله.
(ينتقل من دين ملك إلى دين ملك).
فاعل «ينتقل» الداخل في الدِّين. وفيه إيماء إلى ما اشتهر من أنّ الناس على دين ملوكهم.
(فاستدرجهم اللَّه [تعالى‏] من حيث لا يعلمون).
يُقال: استدرجه، أي أدناه منه على التدريج، أي أدناهم اللَّه وقرّبهم من العذاب درجة درجة بالإمهال وإدامة الصحّة وازدياد النعمة من حيث لا يعلمون أنّه استدراج؛ لأنّهم حسبوه تفضيلاً لهم على المؤمنين.
(وإنّ كيده) أي مكره، والمراد جزاؤه لوقوعه في صحبته، من باب المشاكلة.
(متين) أي صلب مستحكم لا يدفع بشي‏ء.
وقيل: إنّما سمّي إنعامه استدراجه بالكيد؛ لأنّه في صورته.۳

1.القاموس المحيط، ج ۲، ص ۳۵۷ (خطط) مع التلخيص.

2.القاموس المحيط، ج ۲، ص ۳۷ (زبر) مع التلخيص.

3.قاله المحقّق المازندراني رحمة اللَّه عليه في شرحه، ج ۱۲، ص ۵۶۳. وفيه: «صحبة» بدل «صورته».


البضاعة المزجاة المجلد الرابع
392

وقوله: (قد اجتمع القوم على الفرقة) إشارة إلى بعض الخصال الذميمة لأهل ذلك الزمان.
والفُرقة - بالضمّ - : الاسم من فارقته مفارقةً وفِراقاً، والمراد هنا مفارقة الحقّ وأهله من أئمّة العدل والمؤتمّين بهم.
(وافترقوا على الجماعة).
لعلّ كلمة «على» بمعنى «عن»، أو بتضمين معنى الاستيلاء والغلبة.
وعلى التقديرين معناه: أنّهم لم يكتفوا بالفرقة من أهل الحقّ وحدها، بل فرّقوا في أنفسهم فرقاً مختلفة؛ فمنهم أشاعرة، ومنهم معتزلة، ومنهم مشبّهة، إلى غير ذلك من الفرق الضالّة.
وفي بعض النسخ المصحّحة: «عن الجماعة» وهو أظهر.
(قد ولّوا) أي أهل ذلك الزمان من الفرق الضالّة المضلّة.
(أمرهم) أي أمر نظام دنياهم.
(وأمر دينهم) المطلوب منهم.
واحتمال عود ضمائر الجمع إلى أهل الكتاب - وهم الفرقة المحقّة - بعيد.
وقوله: (من يعمل فيهم بالمكر والمنكر والرشا والقتل) مفعول ولّوا، أي جعلوه والياً لاُمورهم.
قال الجوهري: «الرشوة: معروفة. والرشوة - بالضمّ - مثله. والجمع: رِشىً ورُشى».۱
وقال الفيروزآبادي: «الرشوة - مثلّثة - : الجعل».۲(كأنّهم أئمّة الكتاب).
ضمير الجمع لأهل الضلالة. وأئمّة الكتاب الراسخين في العلم العالمون ظاهره وباطنه والعاملون بأحكامه. وبالجملة يكون الكتاب إمامهم ومُقتداهم في الاُمور كلّها، ولذا صاروا أئمّة لمَن يأتمّ بهم، فالإضافة من قبيل إضافة المسبّب إلى السبب.
(وليس الكتاب إمامهم)؛ لأنّهم نبذوه وراء ظهورهم.
(لم يبق عندهم من الحقّ إلّا اسمه)؛ إذ تركوا مدلوله ومسمّاه، وأجروا اسمه على ما هو ضدّه ونقيضه.

1.الصحاح، ج ۶، ص ۲۳۵۷ (رشا).

2.القاموس المحيط، ج ۴، ص ۳۳۴ (رشو).

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الرابع
    سایر پدیدآورندگان :
    احمدی جلفایی، حمید ، فاضل البخشایشی، جواد
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
تعداد بازدید : 72293
صفحه از 568
پرینت  ارسال به