395
البضاعة المزجاة المجلد الرابع

(وأدانوا لغير اللَّه).
«أدانوا» من باب الافعال، أو الافتعال. قال الجوهري: «أدان فلان إدانة: إذا باع إلى أجل فصار له عليهم دينٌ. يُقال‏۱ : أدني عشرة دراهم، وأدّان: استقرض، وهو افتعل».۲
ولعلّ المراد هنا أنّهم عبدوا غيره تعالى، أو أمروا بطاعة غيره؛ فإنّ من عمل للَّه وأطاعه أو أمر غيره بطاعة اللَّه فهو دين عليه تعالى يؤدّيه إليه وقت الحاجة، ومن عمل لغيره وكَلَه إلى ذلك الغير. ولا يبعد إرادة الحقيقة، أي معاملتهم في الإقراض والاستقراض ليس لطاعة اللَّه، بل لغرض آخر، كما يشاهد من أبناء هذا الزمان.
وفي بعض النسخ العتيقة: «وكانوا لغير اللَّه».
وقوله: (خربة من الهدى) بفتح الخاء وكسر الراء.
قال الجوهري: «الخراب: ضدّ العمارة. وقد خرب الموضع [بالكسر] فهو خرب، ودار خربة».۳(فقرّاؤها وعمّارها) جمع القارئ والعامر، والضمير لمساجد، والإضافة في الأوّل لأدنى ملابسة.
وقال الفيروزآبادي: «عَمَر اللَّه منزلك عمارة، وأعمره: جعله آهلاً. والرجل ماله وبيته عمارة وعموراً: لزمه»۴ انتهى.
وقيل: لعلّ المراد بالقرّاء العلماء، وبالعمّار العبّاد، أو أعمّ منهم وممّن سعى في عمارة المساجد وترويجها.۵(أخائب خلق اللَّه وخليقته).
«أخائب» جمع أخيب. والخلق في الأصل مصدر، ثمّ استعمل بمعنى الناس. والخليقة: الطبيعة، والخلائق. ولعلّ المراد بهما هنا غير الناس، أو البهائم.
(من عندهم جرت الضلالة) أي خرجت وصدرت.

1.في المصدر: «تقول منه».

2.الصحاح، ج ۵، ص ۲۱۱۷ (دين) مع التلخيص.

3.الصحاح، ج ۱، ص ۱۱۹ (حزب).

4.القاموس المحيط، ج ۲، ص ۹۵ (عمر).

5.ذهب إليه المحقّق المازندراني رحمة اللَّه عليه في شرحه، ج ۱۲، ص ۵۶۴.


البضاعة المزجاة المجلد الرابع
394

ثمّ أشار إلى متعلّق الاستدراج بقوله: (بالأمل والرجاء)؛ العطف للتفسير، أي بأن أعطاهم ما يأملون ويرجون من أمتعة الدُّنيا وزخارفها.
وقال [بعض‏] الفضلاء: يحتمل أن يكون المراد أنّه تعالى وكَلَهم إلى أملهم ورجائهم، ولم يعذّبهم، ولم يبتليهم؛ لينصرفوا عنهما. قال: ويحتمل أن يكون بالأمل حالاً عن ضمير المفعول في استدراجهم، أو خبراً لمبتدأ محذوف، أي هم مشغولون بهما.۱(حتّى توالدوا بالمعصية) والكفر، فصارت جبليّاً لأولادهم غالباً، كما يشاهد في أولاد سائر الكفّار.
(ودانوا بالجور) أي جعلوه دينهم.
والدين - بالكسر - : العادة، والعبادة، والشأن.
(والكتاب لم يضرب عن شي‏ء منه صفحاً).
الواو للحال، و«يضرب» على البناء للفاعل من الإضراب، وهو الإعراض. وضمير «منه» راجع إلى الجور. و«صفحاً» مصدر، أو، حال، أو مفعول له؛ أي والحال أنّ الكتاب لم يعرض عن بيان شي‏ء من الجور إعراضاً أو معرضاً.
ويجوز قراءة «لم يضرب» على بناء المجرّد؛ يُقال: ضربت عنه صفحاً: إذا أعرضت عنه، وتركته، أي لم يدفع البيان عن شي‏ء منه، كما قال عزّ وجلّ: «أَفَنَضْرِبُ عَنكُمْ الذِّكْرَ صَفْحاً»۲.
وقال بعض الشارحين في شرح هذا الكتاب: أي الكتاب لم يصرفهم عن شي‏ء من أفراد الجور صرفاً لتماديهم في الغيّ وعدم انتفاعهم به.۳(ضُلّالاً) جمع ضالّ.
(تائهين) أي متحيّرين في طريق الضلالة. يُقال: تاه في الأرض يتيه تيهاً: إذا ذهب متحيّراً.
(قد دانوا بغير دين اللَّه) أي اتّخذوا غير دين اللَّه ديناً.

1.قاله العلّامة المجلسي رحمة اللَّه عليه في‏غ مرآة العقول، ج ۲۶، ص ۵۹۳ مع اختلاف في اللفظ.

2.الزخرف (۴۳): ۵.

3.قاله المحقّق المازندراني رحمة اللَّه عليه في شرحه، ج ۱۲، ص ۵۶۴.

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الرابع
    سایر پدیدآورندگان :
    احمدی جلفایی، حمید ، فاضل البخشایشی، جواد
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
تعداد بازدید : 72278
صفحه از 568
پرینت  ارسال به