397
البضاعة المزجاة المجلد الرابع

ولا بأس بالفصل بين العاطف والمعطوف بالظرف، أو في موضع الرفع بالابتداء وخبره «من قبل»، أو موصولة في موضع الجرّ عطفاً على الافتراء.
(كلّ مثلة).
قال الجزري:
مثلّث بالحيوان، أمثل به مثلاً: إذا قطعت أطرافه، وشوّهت به. ومثّلت بالقتيل: إذا جدعت أنفه، أو اُذنه، أو مذاكيره، أو شيئاً من أطرافه. والاسم: المُثْلة بالضمّ. فأمّا مثّل بالتشديد فهو للمبالغة، انتهى.۱
واحتمال كون «مَثُلة» هنا بفتح الميم وضمّ الثاء بمعنى العقوبة بعيد. حاصل المعنى على ما ذكره بعض الفضلاء:
أنّ هؤلاء الأشقياء الذين يفعلون بعدي تلك الأفعال الشنيعة قد فعل آباؤهم وأسلافهم مثل ذلك بالصالحين في زمن الرسول صلى اللَّه عليه وآله كمحاربة أبي سفيان وأضرابه وتمثيلهم بحمزة وغيره، وإنّما نسب إليهم لرضاهم بفعال هؤلاء، وكونهم على دينهم وطريقتهم، كما نسب اللَّه تعالى إلى اليهود فِعال آبائهم في مواضع من القرآن. ويحتمل أن يكون المراد فعال هؤلاء في بدو أمرهم حتّى غلبوا بذلك على الناس واستقرّ أمرهم، انتهى.۲
وقيل: كأنّه إشارة إلى ما فعلوا به عليه السلام وبسلمان وأبي ذرّ والمقداد۳ وأضرابهم من الصالحين بعد قبض الرسول صلى اللَّه عليه وآله.۴
وقال ابن ميثم: «هو إشارة إلى زمن بني اُميّة الكائن قبل زمن [من‏] يخبر عنهم».۵(وسمّوا صدقهم على اللَّه فرية).
ضمير «صدقهم» للصالحين. والفِرية - بالكسر - : الكذب. وقال الجوهري: «هم اسم من قولك: افتراه، إذا اختلقه».۶

1.قاله العلّامة المجلسي رحمة اللَّه عليه في‏غ مرآة العقول، ج ۲۶، ص ۵۹۴.

2.النهاية، ج ۴، ص ۲۹۴ (مثل).

3.في المصدر: + «وعمّار».

4.القائل هو المحقّق المازندراني رحمة اللَّه عليه في شرحه، ج ۱۲، ص ۵۶۴.

5.شرح نهج البلاغة لابن ميثم، ج ۳، ص ۲۰۱، ذيل الخطبة ۱۴۶.

6.الصحاح، ج ۶، ص ۲۴۵۴ (فرا) مع اختلاف في اللفظ.


البضاعة المزجاة المجلد الرابع
396

(وإليهم تعود) وزرها؛ لعود الفروع إلى الاُصول، ورجوع كلّ بدعة إلى مبدعها ومخترعها من غير أن ينقص شي‏ء من أوزار من عمل بهما وسلك سبيلهما.
(فحضور مساجدهم والمشي إليها كفرٌ باللَّه العظيم).
الباء صلة للكفر، وكونه للقسم بعيد. ولعلّ المراد بالكفر هنا الكفر في الفروع.
(إلّا من مشى إليها وهو عارف بضلالتهم)؛ لابدّ من ارتكاب تجوّز في المستثنى منه، أو تقدير في المستثنى ليصحّ الاستثناء.
(فصارت مساجدهم من فعالهم على ذلك النحو) المذكور.
والظاهر أنّ الظرف حال من الفعال.
وقوله: (ولا يقسمون الفي‏ء)؛ يعني على الوجه المعهود في الشرع.
قال الجوهري: «الفي‏ء: الخراج، والغنيمة».۱(ولا يوفون بذمّة) أي عهد للَّه ولرسوله وللمؤمنين.
وقوله: (يدعون القتيل منهم) من الدّعاء بمعنى التسمية، وكونه من الادّعاء محتمل بعيد.
(على ذلك) أي على تلك العقائد المذكورة الباطلة، والأعمال القبيحة الفاسدة، من عدم القسمة للفي‏ء، وعدم الوفاء بالعهد، ونحوها.
(شهيداً) مصادفاً درجة الشهادة.
(قد أتوا اللَّه بالافتراء) عليه وعلى رسوله.
وفي بعض النسخ: «فدانوا اللَّه».
(والجحود) أي الإنكار للحقّ وأهله.
(ومن قبل) بالبناء على الضمّ، أي من قبل هذا.
(ما مثّلوا بالصالحين) هو من قبيل قوله تعالى: «وَمِنْ قَبْلُ مَا فَرَّطتُمْ فِي يُوسُفَ»۲، فيحتمل أن تكون كلمة «ما» مزيدة، أو مصدريّة في موضع النصب عطفاً على مفعول «أتوا».
وقيل: متعلّق بالتمثيل.۳

1.الصحاح، ج ۱، ص ۶۳ (فيأ).

2.يوسف (۱۲): ۸۰.

3.قاله العلّامة المجلسي رحمة اللَّه عليه في‏غ مرآة العقول، ج ۲۶، ص ۵۹۴.

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الرابع
    سایر پدیدآورندگان :
    احمدی جلفایی، حمید ، فاضل البخشایشی، جواد
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
تعداد بازدید : 72275
صفحه از 568
پرینت  ارسال به