ولا بأس بالفصل بين العاطف والمعطوف بالظرف، أو في موضع الرفع بالابتداء وخبره «من قبل»، أو موصولة في موضع الجرّ عطفاً على الافتراء.
(كلّ مثلة).
قال الجزري:
مثلّث بالحيوان، أمثل به مثلاً: إذا قطعت أطرافه، وشوّهت به. ومثّلت بالقتيل: إذا جدعت أنفه، أو اُذنه، أو مذاكيره، أو شيئاً من أطرافه. والاسم: المُثْلة بالضمّ. فأمّا مثّل بالتشديد فهو للمبالغة، انتهى.۱
واحتمال كون «مَثُلة» هنا بفتح الميم وضمّ الثاء بمعنى العقوبة بعيد. حاصل المعنى على ما ذكره بعض الفضلاء:
أنّ هؤلاء الأشقياء الذين يفعلون بعدي تلك الأفعال الشنيعة قد فعل آباؤهم وأسلافهم مثل ذلك بالصالحين في زمن الرسول صلى اللَّه عليه وآله كمحاربة أبي سفيان وأضرابه وتمثيلهم بحمزة وغيره، وإنّما نسب إليهم لرضاهم بفعال هؤلاء، وكونهم على دينهم وطريقتهم، كما نسب اللَّه تعالى إلى اليهود فِعال آبائهم في مواضع من القرآن. ويحتمل أن يكون المراد فعال هؤلاء في بدو أمرهم حتّى غلبوا بذلك على الناس واستقرّ أمرهم، انتهى.۲
وقيل: كأنّه إشارة إلى ما فعلوا به عليه السلام وبسلمان وأبي ذرّ والمقداد۳ وأضرابهم من الصالحين بعد قبض الرسول صلى اللَّه عليه وآله.۴
وقال ابن ميثم: «هو إشارة إلى زمن بني اُميّة الكائن قبل زمن [من] يخبر عنهم».۵(وسمّوا صدقهم على اللَّه فرية).
ضمير «صدقهم» للصالحين. والفِرية - بالكسر - : الكذب. وقال الجوهري: «هم اسم من قولك: افتراه، إذا اختلقه».۶
1.قاله العلّامة المجلسي رحمة اللَّه عليه فيغ مرآة العقول، ج ۲۶، ص ۵۹۴.
2.النهاية، ج ۴، ص ۲۹۴ (مثل).
3.في المصدر: + «وعمّار».
4.القائل هو المحقّق المازندراني رحمة اللَّه عليه في شرحه، ج ۱۲، ص ۵۶۴.
5.شرح نهج البلاغة لابن ميثم، ج ۳، ص ۲۰۱، ذيل الخطبة ۱۴۶.
6.الصحاح، ج ۶، ص ۲۴۵۴ (فرا) مع اختلاف في اللفظ.