401
البضاعة المزجاة المجلد الرابع

مرادفة «بعد» كما قيل في قوله تعالى: «عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ»۱.
(وقد أبلغ اللَّه - عزّ وجلّ - إليكم بالوعد).
الإبلاغ: الإيصال، والباء زائدة، أو للتبعيض، كما قيل في قوله تعالى: «عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ»۲.
وفي بعض النسخ: «بالوعيد». قال الجوهري: «الوعد يستعمل في الخير والشرّ. يُقال: وعده خير، أو وعده شرّاً، وإذا اُسقط الخير والشرّ قالوا في الخير وعد وعِدة، وفي الشرّ إيعاد ووعيد».۳(وفصّل لكم القول) في المبدأ والمعاد والحلال والحرام وغيرها.
و«فصّل» من التفصيل، وهو الإظهار، والتمييز، والتقطيع، أو من الفصل.
(وعلّمكم السنّة) وهي الطريقة الشرعيّة والسيرة النبويّة الداعية إلى كلّ خير والزاجرة عن كلّ شرّ.
(وشرّع لكم المناهج) أي سنَّ وبيّن السّبل الواضحة والطرق المستقيمة. ويحتمل أن يُراد بالمناهج أهل البيت عليهم السلام.
(ليزيح العلّة) تعليل للأفعال السابقة؛ أي ليزيل عذر العباد في المعصية.
قال الجوهري: «زاح الشي‏ء يزيح زَيْحاً، أي بَعُدَ، وذهب. وأزاحه غيره».۴(وحثّ) أي رغّب.
(على الذِّكر) بالقلب واللِّسان في جميع الأحوال، سيما في موارد الأمر والنهي.
(ودلَّ على النجاة)؛ أي طريق النجاة من شدائد الآخرة وعقوباتها.
(وإنّه من انتصح للَّه)؛ الظاهر كسر «إنّ» على الابتداء، والضمير للشأن. ويحتمل فتحها عطفاً على النجاة.
قال الجوهري: «انتصح فلان، أي قبِلَ النصيحة. يُقال: انتصحني، فإنّي لك ناصح».۵
وقيل: نصيحة اللَّه عبارة عن إرادة الخير للعباد، وطلبه منهم، وقبول تلك النصيحة هو

1.المؤمنون (۲۳): ۴۰.

2.الإنسان (۷۶): ۶.

3.الصحاح، ج ۲، ص ۵۵۱ (وعد) مع التلخيص و اختلاف في اللفظ.

4.الصحاح، ج ۱، ص ۳۷۱ (زيج).

5.الصحاح، ج ۱، ص ۴۱۱ (نصح).


البضاعة المزجاة المجلد الرابع
400

وعدم الغفلة من أمر الآخرة بالأمل في الدُّنيا، ولذلك فرّع عليه قوله: (فلا يلهينّكم)أي لا يشغلنّكم.۱(الأمل): الرجاء في زخارف الدُّنيا وحطامها.
(ولا يطولنّ عليكم الأجل) هو بالتحريك غاية الوقت في الموت، ومدّة عمر الشي‏ء.
ولما كان الأمل ولوقع طول الأجل تابعين لحبّ الدُّنيا الذي هو رأس كلّ خطيئة وموجبين للغفلة عن الآخرة، قال: (فإنّما أهلك من كان قبلكم) من الاُمم السالفة والقرون الماضية.
(أمد أملهم) أي غاية رجائهم حيث جعلوه بعيداً.
والأمد - محرّكة - : الغاية، والمُنتهى.
(وتغطمة الآجال عنهم) أي أملوا اُموراً طويلة المدى تقصر عنها آجالهم، أو كناية عن الغفلة عنها.
(حتّى نزل بهم الموعود الذي تردّ) على البناء للمفعول.
(عنه المعذرة).
المراد بالموعود الموت؛ أي لا تقبل فيه معذرة معتذر. والمعذرة - بكسر الذال - مصدر عذره يعذره عذراً، وبتثلّثها اسم من الإعذار.
(وترفع) بضمّ التاء.
(عنه التوبة) أي تنسدّ بابها عند نزوله.
(وتحلّ معه القارعة والنقمة).
«تحلّ» من الحلول، وهو النزول، وفعله كنصر. والقارعة: الداهية، وهي الشديدة من شدائد الدهر.
وقيل: المصيبة التي تقرع، أي تلقى بشدّة وقوّة.۲
والنقمة: العقوبة. والظاهر أنّ الضمائر للموصول، وكلمة «عن» للمجاوزة، أو للتعليل، أو

1.قاله المحقّق المازندراني رحمة اللَّه عليه في شرحه، ج ۱۲، ص ۵۶۵.

2.قاله العلّامة المجلسي رحمة اللَّه عليه في‏غ مرآة العقول، ج ۲۶، ص ۵۹۶.

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الرابع
    سایر پدیدآورندگان :
    احمدی جلفایی، حمید ، فاضل البخشایشی، جواد
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
تعداد بازدید : 72266
صفحه از 568
پرینت  ارسال به