403
البضاعة المزجاة المجلد الرابع

السقيم، خائف من كشف سريرته، أو من فوات منفعته، مغرورٌ بالدّنيا وزهراتها بجهالة النفس ومموّهاتها.
والغرّ - بالكسر - : الخدعة.
(فاحترسوا من اللَّه عزّ وجلّ).
الاحتراس: التحفّظ، أي تحفّظوا من موجبات عقوبته وخذلانه واستدراجه.
(بكثرة الذِّكر) والدّعاء. قال اللَّه تعالى: «وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ»۱.
(واخشوا منه) أي بأسه وتنكيله.
(بالتّقى): بالتوقّي والتحرّز عن مخالفته.
قال الفيروزآبادي: «اتّقيت الشي‏ء وتقيته تقى وتقيّة وتقاء ككساء: حذرته، والاسم: التقوى».۲
ولعلّ فيه إيماء إلى أنّ الخشية إنّما تحصل بالتّقى.
(وتقرّبوا إليه بالطاعة) ولرسوله ولاُولي الأمر.
وقيل: قد أشار عليه السلام إلى أمرين لابدّ منهما؛ أحدهما التقوى للنجاة من العقوبة الاُخرويّة، والآخر الطاعة للدخول في الرحمة والجنّة.۳(فإنّه قريبٌ مجيب) كأنّه تعليل لما سبق، وحثّ على القيام به؛ فإنّ العبد إذا علم أنّه تعالى قريبٌ يسمع ويرى، وأنّه مجيبٌ يقابل الدّعاء بالإجابة، والسؤال بالعطاء، والطاعة بالقبول والثواب، يبعثه ذلك على ملازمة الذكر والتقوى والطاعة.
ثمّ استشهد لذلك بقوله: (قال اللَّه عزّ وجلّ:«وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي») أقريبٌ أنا أم بعيد؟
«فَإِنِّي قَرِيبٌ».
قال البيضاوي:
أي فقُل لهم: إنّي قريب، وهو تمثيل لكمال علمه بأفعال العباد وأقوالهم، واطّلاعه بأحوالهم بحال من قرب مكانه منهم.
روي أنّ أعرابيّاً قال لرسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله: أقريبٌ ربّنا فنناجيه، أم بعيد فنُناديه؟! فنزلت:

1.قاله المحقّق المازندراني رحمة اللَّه عليه في شرحه، ج ۱۲، ص ۵۶۶.

2.الأنفال (۸): ۴۵.

3.القاموس المحيط، ج ۴، ص ۴۰۱ (وقي) مع التلخيص.


البضاعة المزجاة المجلد الرابع
402

القيام بوظائف الطاعات والخيرات.۱
والحاصل: أنّه من أطاع اللَّه فيما أمره به ونهاه عنه، وعلم أنّه تعالى إنّما يهديه إلى مصالحه ويردّه عن مفاسده.
(واتّخذ قوله دليلاً) على ما يُنجيه، صارفاً عمّا يرديه، مُعرضاً عن الآراء النفسانيّة والأهواء الشهوانيّة والتخيّلات الشيطانيّة.
(هداه) اللَّه - عزّ وجلّ - أو اتّخاذ قوله دليلاً.
(للّتي هي أقوم) أي للطريقة، أو الحالة، أو الملّة التي هي أقوم الطرق، أو الحالات، أو الملل، أو اتّباعها وسلوكها أقوم.
(ووفّقه للرّشاد).
قال الجوهري: «الرّشاد: خلاف الغيّ».۲ والمراد به هنا سنن النبويّة الموصلة إلى السعادة الأبديّة.
(وسدّده).
التسديد: التوفيق للسّداد، وهو الصواب، والقصد من القول والعمل.
(ويسّره للحُسنى) أي وفّقه وهيّأه لتحصيل كلمة الحسنى، وهي الكلمة الدالّة على الحقّ تعالى، أو التوحيد، أو المثوبة الحسنى، أو الخصلة الحسنى.
وقوله: (فإنّ جار اللَّه آمن محفوظ) تعليل لما قبله.
قال الفيروزآبادي: «الجار: المجاور، والذي أجرته من أن يُظلم»۳ انتهى.
وقيل: المراد بجار اللَّه هنا القريب إلى اللَّه بالطاعة، أو من آجره اللَّه من عذابه.۴
وقيل: من لجأ إليه، وتضرّع بين يديه، واعتمد في كلّ الاُمور عليه. ومَن كان كذلك فهو آمن من الآفات، أو الضلالة وموجباتها، محفوظٌ من الغواية وثمراتها.۵(وعدوّه خائف مغرور) أي عدوّ اللَّه، وهو من نكبَ عن منهج القويم، وتشبّث برأيه

1.قاله المحقّق المازندراني رحمة اللَّه عليه في شرحه، ج ۱۲، ص ۵۶۶.

2.الصحاح، ج ۲، ص ۴۷۴ (رشد).

3.القاموس المحيط، ج ۱، ص ۳۹۴ (جور).

4.قاله العلّامة المجلسي رحمة اللَّه عليه في‏غ مرآة العقول، ج ۲۶، ص ۵۹۷.

5.قاله المحقّق المازندراني رحمة اللَّه عليه في شرحه، ج ۱۲، ص ۵۶۶ مع اختلاف يسير في اللفظ.

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الرابع
    سایر پدیدآورندگان :
    احمدی جلفایی، حمید ، فاضل البخشایشی، جواد
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
تعداد بازدید : 72246
صفحه از 568
پرینت  ارسال به