والحاصل: أنّ من عرف عظمة اللَّه وجلاله فينبغي له أن يعدّ حقيراً فيما ظهر من عظمته تعالى، أو يعلم أنّ العظمة مختصّة به تعالى، وأمّا غيره فإنّما يعدّ عظيماً بما أعاره اللَّه - عزّ وجلّ - من العظمة، فلا يجوز تعظيم أحد عليه، أو يُقال: إنّ غيره تعالى إنّما يكتسب العظمة بالتذلّل له والتواضع بين يديه والتقرّب إليه، فغاية العظمة والعزّة في العباد منوطة بنهاية التواضع والتذلّل منهم، ومن عرف قدرة اللَّه علم أنّه لا تكون السلامة إلّا بالانقياد له في جميع الاُمور.
(فلا ينكرون أنفسهم بعد حدّ المعرفة).
قال الفيروزآبادي: «نكر الأمر - كفرح - وأنكره: جهله».۱
وقال: «الحدّ: منتهى الشيء، وتمييّز الشيء عن الشيء».۲
ولعلّ المراد لا يجهلون أنفسهم ومعايبها وعجزها بعدما عرفوها، أو لا يجهلون أنّ اللّائق بحالهم التواضع والمذلّة والاستسلام بعد معرفة عظمة اللَّه وجلاله وقدرته.
وفي بعض النسخ: «فلا يتذكّرون أنفسهم بعد حدّ المعرفة» ولعلّ المراد بالتذكّر التزكّي.
(فلا تنفروا) بضمّ الفاء وكسرها، من النفار - بالكسر - والنفور، وهو الاستكراه، والتباعد عن الحقّ.
(نفار الصحيح من الأجرب) أي من به علّة الجرب.
(والبارئ) بهمز اللّام.
(من ذي السقم).
قال الفيروزآبادي: «برأ المريض بُرءاً - بالضمّ - ككرم وفرح: نَقَه. وأبرأه اللَّه فهو بارئ وبرئ».۳
وقال: «السقم - كجبل وقفل - : المرض».۴
ولمّا كانت هناك اُمور مطلوبة يتحقّق وجودها واستقرارها باُمور مطلوبة اُخر وبها يتمّ
1.القاموس المحيط، ج ۲، ص ۱۴۸ (نكر) مع التلخيص.
2.القاموس المحيط، ج ۱، ص ۲۸۶ (حدد).
3.القاموس المحيط، ج ۱، ص ۸ (برأ) مع التلخيص.
4.القاموس المحيط، ج ۴، ص ۱۲۹ (سقم) مع التلخيص.