(عرفتم البدع) بمعرفة من ترك الرشد؛ فإنّه أخذ بضدّه وهو البدع.
وعرفتم (التكلّف) بمعرفة ناقض الميثاق؛ فإنّه يتكلّف الوفاء بالميثاق ويتصنّع به، ويتعرّض لما لا يعنى وادّعى ما لا ينبغي، فإذا عرفته عرفت تكلّفه.
(ورأيتم الفرية على اللَّه وعلى رسوله) بمعرفة من نبذ الكتاب؛ لأنّه من أهل الفرية عليهما، ورأيتم (التحريف لكتابه) بمعرفة مَن حرّفه؛ لأنّ معرفته بمعرفة تحريفه.
(ورأيتم كيف هدى اللَّه مَن هدى) كأنّه ناظر إلى قوله: «ولن تعرفوا الضلالة» إلى قوله: «الذي تعدّى»، والمراد بمن هدى من هداه اللَّه وأرشده إلى ما لابدّ له في نظامه وبقائه واستقامته، وبصّره بطريق معرفته ومعرفة أوليائه، ووفّقه للعمل بسنّته.
والحاصل: أنّه لا يعرف الكتاب، ولا يمكن العمل به وحفظه إلّا بمعرفة حَمَلته ومعرفة مخالفيهم وأعدائهم المضيّعون له المتّصفون به، ولا تُعرف الهداية إلّا بمعرفة أهلها ومعرفة الضلالة وأهلها؛ فإنّ الأشياء إنّما تُعرف بأضدادها، وعلامة معرفتها التمييز بينها وبين معارضاتها ومخالفاتها.
(فلا يجهلنّكم) على بناء النهي من التجهيل.
قال الجوهري: «التجهيل: أن تنسبه إلى الجهل».۱ ولعلّ المراد هنا: لا يجعلنّكم منسوباً إلى الجهل.
(الذين لا يعلمون) الكتاب والسنّة، أو الذين ليس لهم حقيقة العلم بجهلهم وضلالتهم.
(إنّ علم القرآن).
قيل المراد علم القرآن والسنّة، ولم يذكرها؛ لأنّ علمها علم القرآن، وهي مفسّرة له في الحقيقة.
(ليس يعلم ما هو إلّا من ذاق طعمه) فعرف حقيقته وكيفيّته وأنواعه كما تعرف المذوقات وكيفيّاتها وأنواعها بالذوق.
وفيه استعارة تمثيليّة، أو مكنيّة وتخييليّة.۲