409
البضاعة المزجاة المجلد الرابع

للحياة الأبديّة، والمؤمن حيّ في الدارين، ووجه تخصيص ما بعد الموت بالحياة ظاهر.
وفي بعض النسخ: «حيّ» بالإدغام.
(وأثبت) على البناء للفاعل بقرينة الفقرات السابقة واللّاحقة.
(عند اللَّه - عزّ ذكره - به الحسنات)؛ ضمير «به» راجع إلى علم القرآن، وفيه دلالة على أنّ ثبوت الحسنات إنّما هو مع العلم بها، لا ما وقع اتّفاقاً، ولا ما عدّه الجاهل حسنة.
وقيل: المراد هنا بالحسنات ما يوجب القرب منه تعالى والثواب عليه.۱
وقال الجوهري: «الحسنة: خلاف السيّئة».۲(ومحى به السيّئات)؛ لأنّ العلم بأنّها سيّئات وموجبة لمقته تعالى سبب لمحوها، أي تركها، وإن اُريد بالمحو إزالة الأثر وإسقاط الثابت فالعلم بها سبب للتوبة الماحية لها على أنّ العلم سبب للحسنات وهي سبب لمحو السيّئات؛ لأنّ الحسنات يذهبن السيّات، فالعلم سبب لمحو السيّئات.
(وأدرك به رضواناً من اللَّه تبارك وتعالى).
الرضوان - بالكسر ويضمّ - مصدر رضى عنه، ورضيه، ضدّ سخط، والعلم سبب لحصوله أوّلاً وبالذات، أو بتوسّط الصالحات.
(فاطلبوا ذلك) أي علم القرآن.
(من عند أهله خاصّة).
أراد بأهله نفسه القدسيّة ومَنْ يحذو حذوه من أولاده أهل بيت العصمة؛ يعني اطلبوا ذلك العلم من عندهم لا من عند المتكلّفين المتصنّعين من أعدائهم ومخالفيهم.
(فإنّهم خاصّة) دون غيرهم.
(نورٌ يُستضاء به) أي بذلك النور.
ولعلّ إتيان النور بلفظ الوحدة للإشعار بأنّهم نورٌ واحد، وأراد به الجنس، وإطلاق النور عليهم إمّا من قبيل الاستعارة والتشبيه في ظهوره بنفسه وإظهاره لغيره، أو حقيقته؛ فإنّهم في الحقيقة أنوارٌ إلهيّة.

1.قاله المحقّق المازندراني رحمة اللَّه عليه في شرحه، ج ۱۲، ص ۵۶۹ مع اختلاف يسير في اللفظ.

2.الصحاح، ج ۵، ص ۲۰۹۹ (حسن).


البضاعة المزجاة المجلد الرابع
408

(فعلّم بالعلم جهله).
قيل: أي جهله بالشي‏ء قبل العلم به، أو مجهوله أو باطله، وهو ضدّ الحقّ المعلوم.۱
وقيل: أي ما جهله ممّا يحتاج إليه في جميع الاُمور، أو كونه جاهلاً قبل ذلك، أو كمل علمه حتّى أقرّ بأنّه جاهل؛ فإنّ غاية كلّ كمال في المخلوق الإقرار بالعجز عن استكماله، والاعتراف بثبوته كما ينبغي للربّ تعالى. أو يُقال: إنّ الجاهل لتساوي نسبة الأشياء إليه؛ لجهله بجميعها يدّعي علم كلّ شي‏ء، وأمّا العالم فهو مميّز بين ما يعلمه وبين ما لا يعلمه، فبالعلم عرف جهله. ولا يخفى جريان الاحتمالات في الفقرتين التاليتين، وأنّ الأوّل أظهر في الجميع بأن يكون المراد بقوله: (وبصّر به) أي بالعلم (عماه)؛ أبصر به ما عمى عنه، أو تبدّلت عماه بصيرة.۲
قال الفيروزآبادي: «بصر به - ككرم وفرح - بصراً وبصارة، ويكسر: صار مبصراً».۳
وقال: «عمى - كرضى - عمى: ذهب بصره كلّه».۴
أقول: المراد بالبصر الإدراك القلبي، وبالعمى الضلالة والجهالة.
(وسمّع به صممه).
قال الفيروزآبادي: «الصمم - محرّكة - : انسداد الاُذن، وثقل السمع. صَمَّ يَصمُّ - بفتحهما - وصَمِمَ بالكسر نادر».۵
أقول: يحتمل قراءة «سمع» بالتخفيف، أي أدرك وأحسّ بالعلم الحاصل من جهة السماع ما كان صمّ عنه قبل حصول ذلك العلم، أو بالتشديد أي بدّل بسبب العلم صَمَمه بكونه سميعاً.
قال الجوهري: «سمّع به: إذا رفعه من الخمول، ونشر ذكره. وسمّعه الصوت وأسمعه».۶(وأدرك به علم ما فات) أي علم ما جهل به قبل فتداركه.
(وحَيي به بعد إذ مات) أي مات قبله بالجهل. أو المراد الموت المعروف؛ فإنّ العلم سبب

1.قاله المحقّق المازندراني رحمة اللَّه عليه في شرحه، ج ۱۲، ص ۵۶۸.

2.قاله العلّامة المجلسي رحمة اللَّه عليه في‏غ مرآة العقول، ج ۲۶، ص ۵۹۹.

3.القاموس المحيط، ج ۱، ص ۳۷۳ (بصر).

4.القاموس المحيط، ج ۴، ص ۳۶۶ (عمى).

5.القاموس المحيط، ج ۴، ص ۱۴۰ (صمم).

6.. الصحاح، ج ۳، ص ۱۲۳۲ (سمع).

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الرابع
    سایر پدیدآورندگان :
    احمدی جلفایی، حمید ، فاضل البخشایشی، جواد
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
تعداد بازدید : 72190
صفحه از 568
پرینت  ارسال به