411
البضاعة المزجاة المجلد الرابع

أهل العلم عليهم السلام، أو أنّهم يأخذون بحكم الدِّين كما يؤخذ بحكم الشاهد الصادق.
(وصامت ناطق).
قيل: صامت بالنسبة إلى من لم يعرفه، حيث إنّ النطق معه عبث ناطق بالنسبة إلى من عرفه أعني أهل الذِّكر عليهم السلام. وقد روي عن الصادق عليه السلام في حديث طويل أنّه قال بعد وصف القرآن بما وصف: «ذلك القرآن فاستنطقوه فلن ينطق لكم أخبركم عنه، وفيه علم ما مضى وعلم ما يأتي إلى يوم القيامة، وحكم ما بينكم، وبيان ما أصبحتم فيه تختلفون، فلو سألتموني عنه لعلّمتكم».۱
وقيل: كونه صامتاً ناطقاً لأنّه لا ينطق بنفسه، بل لابدّ له من مترجم، فهو صامت في الصورة، [هو] وفي المعنى أنطق الناطقين؛ لأنّ الأوامر والنواهي والآداب كلّها مبنيّة عليه ومتفرّعة [عنه‏].۲(فهم من شأنهم شهداء بالحقّ).
الشأن: الخطب، والأمر، والحال. ولعلّ كلمة «من» للتعليل والسببيّة، أي أنّهم لأجل شأنهم الرفيع شهداء للَّه تعالى على الناس بالحقّ الذي أنزله إليهم.
وقيل: يعني أنّهم بسبب أطوارهم الحسنة وأخلاقهم الجميلة شهداء بالحقّ، أي على الحقّ، أو على الدين الذي يدعون إليه، والحاصل أنّ شؤونهم وأعمالهم وأخلاقهم تشهد بحقّيّة أقوالهم.۳(ومخبر صادق).
قيل: هو عطف على الحقّ، والمراد به الرسول أو اللَّه عزّ وجلّ، وفيه إيماء إلى أنّ من خالفهم فهو منكر للرسالة أو الاُلوهيّة، ويعضده روايات اُخر.۴
أقول: يمكن أن يتكلّف ويُقال: إنّه معطوف على قوله: «بالحقّ» بأن يُراد من يصدر منه الإخبار والصدق مع قطع النظر عن الوحدة.

1.قاله المحقّق الفيض رحمة اللَّه عليه في الوافي، ج ۲۶، ص ۸۸، ذيل ح ۲۵۳۷۵.

2.قاله المحقّق المازندراني رحمة اللَّه عليه في شرحه، ج ۱۲، ص ۵۷۰. وانظر: الكافي، ج ۱، ص ۶۱، ح ۷.

3.قاله العلّامة المجلسي رحمة اللَّه عليه في‏غ مرآة العقول، ج ۲۶، ص ۶۰۰.

4.قاله المحقّق المازندراني رحمة اللَّه عليه في شرحه، ج ۱۲، ص ۵۷۰.


البضاعة المزجاة المجلد الرابع
410

(هم الذين يخبركم حكمهم) بضمّ الحاء وسكون الكاف (عن علمهم).
الخطاب للعلماء؛ لأنّهم يعلمون أنّ حكمهم لكونه في غاية المتانة والإحكام، لا يمكن دفعه في مقام المناظرة، وبذلك يحصل لهم العلم الإجمالي بأنّ علومهم في غاية الكمال لا يبلغها عقول غيرهم، وذلك - كما يعلم الفصحاء - إعجاز القرآن، ولا يقدرون على العلم بتفاصيله، ولا على الإتيان بمثله.
(وصمتهم عن منطقهم) أي يخبرهم سكوتهم عن اللغو والباطل عن حسن منطقهم؛ فإنّ لصمتهم وقتاً وهيئة وحالة تكون قرائن دالّة على حسن منطقهم إذا نطقوا، وعلى أنّ سكوتهم ليس إلّا لمصلحة دعتهم إليه.
وقيل: إنّما يخبر صمتهم عن منطقهم لأنّ صمت العارف أبلغ من نطق غيره.۱
وقيل: أي يخبركم عن نطقهم وإدراكهم للحقّ، كما روي أنّ الصمت من علامات التفقّه، وأنّه باب من أبواب الحكمة،۲ وذلك لأنّ الفقه والحكمة لا يتمّان إلّا بالتفكّر وهو لا يتمّ إلّا بالصمت، ويحتمل أن يُراد بالنطق التكلّم بالحقّ باعتبار أنّ الصامت عن اللّغو محترز عن الإفراط والتفريط طالب للتوسّط - وهو التكلّم بالحقّ - أو عمّا لا ينفع، ويلزمه عادةً التعرّض لما ينفع.۳(وظاهرهم عن باطنهم) إذ استقامة الباطن وتخلّقه بالأخلاق الفاضلة والعقائد الحقّة موجب لاستقامة الظاهر، فالثاني دليل على الأوّل دلاله الأثر على المؤثّر.
(لا يخالفون الدِّين) أي في أمرٍ من اُموره، وحكمٍ من أحكامه؛ لأنّهم أربابه وقوّامه.
(ولا يختلفون فيه) أي لا يخالف بعضهم بعضاً في شي‏ء من اُموره، فحكم الأوّل وقوله مثل حكم الآخر وقوله، وبالعكس.
(فهو بينهم شاهد صادق).
ويحتمل عود الضمير إلى عدم المخالفة والاختلاف في الدِّين، أو إلى القرآن، أو إلى الدِّين، وكل منهما شاهد صدق للَّه - عزّ وجلّ - بما أنزله على رسوله، وأنّ الحاكم في الدِّين

1.قاله المحقّق الفيض رحمة اللَّه عليه في الوافي، ج ۲۶، ص ۸۸، ذيل ح ۲۵۳۷۵.

2.اُنظر: الكافي، ج ۱، ص ۳۶، ح ۴؛ قرب الإسناد، ص ۳۶۹، ح ۱۳۲۱.

3.قاله المحقّق المازندراني رحمة اللَّه عليه في شرحه، ج ۱۲، ص ۵۶۹.

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الرابع
    سایر پدیدآورندگان :
    احمدی جلفایی، حمید ، فاضل البخشایشی، جواد
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
تعداد بازدید : 72085
صفحه از 568
پرینت  ارسال به