بها فدخل أسفلها فبها، واخضرّت في الحال وخرجت من أطرافها وجوانبها أربعة أغصان؛ في واحد منها الرطب، وفي آخر العنب، وفي آخر التين، وفي آخر الرمّان، فأكلا منها حتّى شبعا، ثمّ أخرج عصاه فعادت إلى سيرتها الاُولى.
ثمّ قال له إبراهيم عليه السلام: يا وليّ اللَّه، إنّ لي إليك حاجة؛ اُريد أن تقضيها لي! قال: وما حاجتك؟ قال: تدعو لي، قال: لا تظنّ بي استجابة دعائي؛ فإنّي سألت اللَّه تعالى منذ أربعين سنة ولم يستحب لي حتّى الساعة، قال: وما هي؟ قال: سألته أن يشرّفني برؤية خليله إبراهيم، قال عليه السلام: من أين عرفت إبراهيم حتّى سألت اللَّه لقاءه؟ قال: بينا أنا ذات يوم أمرّ على شاطئ هذا البحر إذ رأيت غلاماً حسن الوجه وله ذؤابتان مرسلتان إلى حقويه وهو ينادي: اللَّهُمَّ شرّفني برؤية إبراهيم خليك، وعجِّل لي ذلك! فقلت له: مَن أنت؟ قال: أنا إسماعيل بن إبراهيم، أشتاق إلى طلعة أبٍ كريم. فقال هوذى: فأنا سألت اللَّه لقاء إبراهيم عليه السلام منذ أربعين سنة لم يستجب لي بعدُ.
فقال عليه السلام: يا هوذى، اعلم أنّي أنا إبراهيم خليل الرحمن، وقد استجاب اللَّه دعاك. ففرح هوذى غاية الفرح، وعانقه، وأظهر كمال الاشتياق والمحبّة وبكيا، وهو أوّل معانة تحقّق بين الأصدقاء، ولم يكن قبل.
ثمّ قال عليه السلام: يا هوذى، وأنا أيضاً أتمنّى طلعة ابني، فادع اللَّه أن يطوي لي الأرض حتّى أسعد بطلعته عاجلاً، فدعا له فاستُجيب حتّى سمع إبراهيم عليه السلام من ساعته صوت إسماعيل عليه السلام، وسمع هو أيضاً صوت أبيه، فالتقيا في ذلك المجلس، واعتنقا وبكيا حتّى ابتلّت الأرض من دموعهما واخضرّت بالنبات.۱
متن الحديث الحادي والتسعين والخمسمائة
۰.عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ رَفَعَهُ ، قَالَ :
كَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ عليهما السلام إِذَا قَرَأَ هذِهِ الْآيَةَ«وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوها»۲يَقُولُ :«سُبْحَانَ مَنْ لَمْ يَجْعَلْ فِي أَحَدٍ مِنْ مَعْرِفَةِ نِعَمِهِ إِلَّا الْمَعْرِفَةَ بِالتَّقْصِيرِ عَنْ مَعْرِفَتِهَا ، كَمَا لَمْ يَجْعَلْ فِي