45
البضاعة المزجاة المجلد الرابع

أنّه كان الجبال عشرة، وأخبار أهل البيت عليهم السلام في ذلك مستفيضة،۱ وعليه فرّعوا أنّ لو أوصى رجل بجزء ماله أنّه ينصرف إلى العشر.
والظاهر أنّ قوله: (فقطّعهن واخلطهن) تفسير لقوله تعالى: «فَصُرْهُنَّ».
وروت العامّة أيضاً عن ابن عبّاس ومجاهد وابن جبير والحسن: أنّ «صرهنّ إليك» معناه قطّعهنّ،۲ ويحتمل كونه بياناً لحاصل المعنى، فلا ينافي تفسيره بالإمالة والضمّ، كما مرّ.
(كما اختلطت هذه الجيفة في هذه السباع التي أكل بعضها بعضاً) قد مرّ آنفاً ما ينفع في هذا المقام.
قال الفاضل الإسترآبادي:
فيه إشارة إلى أنّ الخلط في الصورتين على نهج واحد، وفيه تنبيه على أنّ اللَّه تعالى قدّر أن لا يصير الأجزاء الأصليّة لحيوان جزء لحيوان آخر، وكأنّه أراد أنّه لا يجب إعادة الفواضل، وفي بعض الأخبار دلالة على إعادتها.۳(فخلّط).
الظاهر أنّه بصيغة المضي، وفاعله «إبراهيم عليه السلام» أي فخلّط بالدقّ ونحوه أجزاء الطيور بعضها في بعض كما اُمِرَ.
ويحتمل كونه بصيغة الأمر من التخليط فيكون تكرار لما سبق لما فيه من المبالغة.
ثمّ شرع عليه السلام في بيان تتمّة الآية بإعادة بعض فقراتها السابقة وقال: «ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً». ويحتمل كون هذه الفقرة من تتمّة البيان.
وفي بعض النسخ: «ثمّ جعل»، فتأمّل.
«ثُمَّ ادْعُهُنَّ».
قال البيضاوي: «أي قُل لهنّ تعالين بإذن اللَّه «يَأْتِينَكَ سَعْياً» ساعيات مسرعات طيراناً أو مشياً».۴

1.التوحيد، ص ۱۳۲، ح ۱۴؛ الخصال، ص ۲۶۴، ح ۱۴۶؛ علل الشرائع، ج ۲، ص ۵۸۶، ح ۳۲.

2.نقل عنهم الرازي في تفسيره، ج ۷، ص ۴۴.

3.نقل عنه المحقّق المازندراني رحمة اللَّه عليه في شرحه، ج ۱۲، ص ۴۲۹.

4.تفسير البيضاوي، ج ۱، ص ۵۶۴.


البضاعة المزجاة المجلد الرابع
44

بصيرته كانت تامّة في غاية الكمال، ولم يكن فيها نقص أصلاً حيث تكمل بمشاهدة العيان - قال: - وإلى ما ذكرنا أشار عليه السلام بقوله (يعني حتّى أرى هذا كما رأيت الأشياء كلّها) حيث دلّ على أنّ مقصوده مجرّد الرؤية، كما في المشبّه به، وانطباق علمه بالمعلوم، فإنّما علمه بالقدرة في الحالين على السواء، وإليه أشار أمير المؤمنين عليه السلام بقوله: «لو كشف الغطاء ما ازددتُ يقيناً»۱ .۲
انتهى كلامه. وفيه نظر يُعرف بأدنى التفات.
«قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنْ الطَّيْرِ».
روى الصدوق رحمة اللَّه عليه في كتاب العيون: «أنّ الطيور الأربعة كانت نسراً وبطّاً وطاووساً وديكاً».۳
وقال بعض المفسّرين: «إنّها كانت طاووساً وديكاً وغراباً وحمامة».۴ ومنهم من ذكر النسر بدل الحمامة.۵«فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ».
في القاموس: «صار الشي‏ء صوراً: أماله، أو هدّه. وصَوِرَ - كفرح - : مال. وصار وجهه يصوره ويصيره: أقبل به، والشي‏ء: قطعه، وفصله».۶
وقال البيضاوي:
معناه: فأمّلهنّ واضممهنّ إليك لتتأمّلها، وتعرف شأنها وحالها، لئلّا يلتبس عليك بعد الإحياء. وقرأ حمزة ويعقوب: «فصِرهنّ» بالكسر، وهما لغتان.
«ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً» أي ثمّ جَزّءهُنّ، وفرّق أجزائهنّ على الجبال التي بحضرتك. قيل: كانت أربعة. وقيل: سبعة، انتهى.۷
أقول: قال بعض مفسّري العامّة: إنّ المراد جميع جبال الدُّنيا بحسب الإمكان،۸ وسيجي‏ء

1.غررالحكم، ص ۱۹۹، ح ۲۰۸۶؛ عيون الحكم والمواعظ، ص ۴۱۵؛ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد، ج ۷، ص ۲۵۳؛ و ج ۱۰، ص ۱۴۲؛ وج ۱۱، ص ۱۷۹.

2.القائل هو المحقّق المازندراني رحمة اللَّه عليه في شرحه، ج ۱۲، ص ۴۲۹ مع اختلاف في اللفظ.

3.عيون أخبار الرضا عليه السلام، ج ۲، ص ۱۷۶، ح ۱.

4.جامع البيان، ج ۳، ص ۸۱.

5.نقله الرازي عن ابن عبّاس في تفسيره، ج‏۷، ص ۴۳.

6.القاموس المحيط، ج ۲، ص ۷۳ (صور) مع التلخيص.

7.تفسير البيضاوي، ج ۱، ص ۵۶۳.

8.اُنظر: تفسير الرازي، ج ۷، ص ۴۶.

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الرابع
    سایر پدیدآورندگان :
    احمدی جلفایی، حمید ، فاضل البخشایشی، جواد
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
تعداد بازدید : 72704
صفحه از 568
پرینت  ارسال به