(وذلك في أوّل الشتاء وآخر الخريف) حين بلوغ الشمس أوّل الجدي.
(فلذلك يشتدّ البرد) لكمال سببه في السببيّة من غير مانع من الاقتضاء.
(وكلّما ارتفع هذا هبط هذا، وكلّما هبط ارتفع هذا).
هذا تأكيد لجميع ما تقدّم.
وهاهنا مظنّة سؤال، وهو أنّه يلزم على هذا لأن يكون أيّام الصيف حارّاً دائماً، وأيّام الشتاء بارداً دائماً، وليس كذلك؟!
فأجاب عليه السلام بقوله: (فإذا كان في الصيف يوم بارد، فالفعل في ذلك للقمر)؛ لأنّه بارد رطب كما مرّ، ولذا قالوا: إنّ قوّته وارتفاعه يوجب زيادة البرد والرطوبات، ولا يمكن استناد البرودة حينئذٍ إلى الشمس، ولا إلى المرّيخ؛ لأنّهما حارّان يابسان، ولا إلى زحل نفسه؛ لكونه مغلوباً في الصيف.
(وإذا كان في الشتاء يوم حارّ، فالفعل في ذلك للشمس) لا لزحل؛ لكونه بارد كالقمر، ولا للمرّيخ لكونه مغلوباً حينئذٍ.
وأمّا تأثير الشمس في هذا وتأثير القمر في ذاك دون سائرهما فلزوال المانع من تأثيرهما فيهما ووجوده في غيرهما، هذا الذي ذكر من الجري على هذا التقدير.
([هذا] تقدير العزيز): الغالب بقدرته على كلّ مقدور.
(العليم): المحيط علمه بكلّ معلوم، وبأحوال العباد ومصالحهم، وبأوضاع البلاد وأهلها ومرافقهم.
(وأنا عبد ربّ العالمين).
فيه إظهار للعجز والمسكنة، ودفع لما يتوهّم من استناد التأثيرات إلى الكواكب استقلالاً، من غير استنادها إلى ربٍّ مدبّر لها.
وقيل: لعلّه كان في المجلس من يذهب مذهب الغلاة، أو علم عليه السلام أنّ في قلب السامع۱ شيئاً من ذلك، فنفاه، وأذعن بعبوديّته نفسه، وأنّ اللَّه هو ربّ العالمين.۲
واعلم أنّ لبعض الأفاضل هنا تحقيقاً دقيقاً هو كالتفصيل لما أجملناه سابقاً، قال: