49
البضاعة المزجاة المجلد الرابع

(وذلك في أوّل الشتاء وآخر الخريف) حين بلوغ الشمس أوّل الجدي.
(فلذلك يشتدّ البرد) لكمال سببه في السببيّة من غير مانع من الاقتضاء.
(وكلّما ارتفع هذا هبط هذا، وكلّما هبط ارتفع هذا).
هذا تأكيد لجميع ما تقدّم.
وهاهنا مظنّة سؤال، وهو أنّه يلزم على هذا لأن يكون أيّام الصيف حارّاً دائماً، وأيّام الشتاء بارداً دائماً، وليس كذلك؟!
فأجاب عليه السلام بقوله: (فإذا كان في الصيف يوم بارد، فالفعل في ذلك للقمر)؛ لأنّه بارد رطب كما مرّ، ولذا قالوا: إنّ قوّته وارتفاعه يوجب زيادة البرد والرطوبات، ولا يمكن استناد البرودة حينئذٍ إلى الشمس، ولا إلى المرّيخ؛ لأنّهما حارّان يابسان، ولا إلى زحل نفسه؛ لكونه مغلوباً في الصيف.
(وإذا كان في الشتاء يوم حارّ، فالفعل في ذلك للشمس) لا لزحل؛ لكونه بارد كالقمر، ولا للمرّيخ لكونه مغلوباً حينئذٍ.
وأمّا تأثير الشمس في هذا وتأثير القمر في ذاك دون سائرهما فلزوال المانع من تأثيرهما فيهما ووجوده في غيرهما، هذا الذي ذكر من الجري على هذا التقدير.
([هذا] تقدير العزيز): الغالب بقدرته على كلّ مقدور.
(العليم): المحيط علمه بكلّ معلوم، وبأحوال العباد ومصالحهم، وبأوضاع البلاد وأهلها ومرافقهم.
(وأنا عبد ربّ العالمين).
فيه إظهار للعجز والمسكنة، ودفع لما يتوهّم من استناد التأثيرات إلى الكواكب استقلالاً، من غير استنادها إلى ربٍّ مدبّر لها.
وقيل: لعلّه كان في المجلس من يذهب مذهب الغلاة، أو علم عليه السلام أنّ في قلب السامع‏۱ شيئاً من ذلك، فنفاه، وأذعن بعبوديّته نفسه، وأنّ اللَّه هو ربّ العالمين.۲
واعلم أنّ لبعض الأفاضل هنا تحقيقاً دقيقاً هو كالتفصيل لما أجملناه سابقاً، قال:

1.في المصدر: «الراوي».

2.قاله العلّامة المجلسي رحمة اللَّه عليه في مرآة العقول، ج ۲۶، ص ۳۹۹.


البضاعة المزجاة المجلد الرابع
48

(كلّما ارتفع المرّيخ درجة) من الارتفاع.
(انحطّ زحل درجة) من الانحطاط.
(ثلاثة أشهر) شمسيّة، وهي أربعة وتسعون يوماً تقريباً.
(حتّى ينتهي المرّيخ في الارتفاع) في التسخين، وهو أوان وصول الشمس إلى الانقلاب الصيفي، وبلوغ تسخينها حدّ الكمال.
(وينتهي زحل) حينئذٍ (في الهبوط) من التبريد، ويبلغ غاية النقصان في ذلك.
(فيجلو المريخ) أي ينكشف ويتّضح تسخينه كمال الانكشاف، أو يفارق عن مكانه في الانحطاط، ويبلغ كمال الارتفاع.
قال الجوهري:
الجلاء - بالفتح والمدّ - : الأمر الجليّ، تقول منه: جلا الأمر،۱ أي وضح. والجلاء أيضاً: الخروج من البلد، وقد جلوا عن أوطانهم وجلوتهم أنا، يتعدّى ولا يتعدّى.۲(فلذلك يشتدّ الحرّ)؛ لكمال سببه من غير مانع.
وكما بيَّن عليه السلام سبب الحرارة أراد أن يبيّن سبب البرد، فقال: (فإذا كان آخر الصيف وأوّل الخريف) عند بلوغ الشمس أوّل الميزان، وميلها إلى الجنوب من المعدّل.
(بدأ زحل في الارتفاع) والترقّي في التبريد.
(وبدأ المرّيخ في الهبوط) والتنزّل في التسخين.
(فلا يزالان كذلك) يوماً فيوماً وساعةً فساعة.
(كلّما ارتفع زحل درجة) في التبريد.
(انحطّ المرّيخ درجة) في التسخين.
(حتّى ينتهي المرّيخ في الهبوط) ويصير مغلوباً، ويبلغ تأثيره غاية النقصان.
(وينتهي زحل في الارتفاع) والترقّي في التبريد.
(فيجلو زحل)؛ لأنّه حينئذٍ في حدّ الكمال في اقتضائه.
وفي بعض النسخ: «فيعلو زحل».

1.في المصدر: «جلا لي الخبر» بدل «جلا الأمر».

2.الصحاح، ج ۶، ص ۲۳۰۳ (جلا) مع التلخيص.

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الرابع
    سایر پدیدآورندگان :
    احمدی جلفایی، حمید ، فاضل البخشایشی، جواد
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
تعداد بازدید : 72050
صفحه از 568
پرینت  ارسال به