99
البضاعة المزجاة المجلد الرابع

في السكينة فقيل: إنّ السكينة التي كانت فيه ريح هفافة من الجنّة لها وجه كوجه الإنسان، عن عليّ عليه السلام. وقيل: كان لها جناحان ورأس كرأس الهرّة من الزبرجد والزمرّد، عن مجاهد. وروى ذلك في أخبارنا، وقيل: كان فيه آية يسكنون إليها، عن عطاء. وقيل: روح من اللَّه يكلّمهم بالبيان عند وقوع الاختلاف، عن وهب.
«وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ». قيل: إنّها عصا موسى ورضاض الألواح، عن ابن عبّاس وقتادة والسدي، وهو المروي عن أبي جعفر عليه السلام. وقيل: هي التوراة وشي‏ء من ثياب موسى‏ عليه السلام، عن الحسن. وقيل: كان فيه لوحان أيضاً من التوراة وقفيز من [المنّ‏] الذي كان ينزل عليهم ونعلا موسى وعمامة هارون وعصاه.
هذه أقوال أهل التفسير في السكينة والبقيّة، والظاهر أنّ السكينة أَمَنة وطمأنينة جعلها اللَّه سبحانه فيه ليسكن إليه بنو إسرائيل، والبقيّة جاز أن يكون بقيّة من العلم، أو شيئاً من علامات الأنبياء، وجاز أن يتضمّنهما جميعاً على ما قاله الزجاج.
«تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ» قيل: حملته الملائكة بين السماء والأرض حتّى رآه بنو إسرائيل عياناً، عن ابن عبّاس والحسن. وقيل: لمّا غلب الأعداء على التابوت أدخلوه بيت الأصنام، فأصبحت أصنامهم منكبة، فأخرجوه ووضعوه ناحية من المدينة، فأخذهم وجع في أعناقهم، وكلّ موضع وضعوه فيه ظهر فيه بلاء وموت ووباء، فاُشير عليهم بأن يخرجوا التابوت، فأجمع رأيهم على أن يأتوا به، ويحملوه على عجلة، ويشدّوها إلى ثورين، ففعلوا ذلك، وأرسلوا الثورين، فجاءت الملائكة، وساقوا الثورين إلى بني إسرائيل، فعلى هذا يكون معنى «تحمله الملائكة»: تسوقه، كما تقول: حملتُ متاعي إلى مكّة، ومعناه: كنت سبباً لحمله إلى مكّة.۱

متن الحديث الثامن والتسعين والأربعمائة

۰.عَنْهُ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ فَضَالَةَ بْنِ أَيُّوبَ ، عَنْ يَحْيَى الْحَلَبِيِّ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ :
عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام أَنَّهُ قَرَأَ :«إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى‏ وَآلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ»۲قَالَ :
«كَانَتْ تَحْمِلُهُ فِي صُورَةِ الْبَقَرَةِ» .

1.مجمع البيان، ج ۲، ص ۱۴۴ و ۱۴۵ مع التلخيص واختلاف يسير في اللفظ.

2.البقرة (۲): ۲۴۸.


البضاعة المزجاة المجلد الرابع
98

فأرسل اللَّه تعالى إلى النبيّ الذي مع طالوت قرناً فيه دهن وتنوّراً من حديد، فبعث اللَّه إلى طالوت وقال: إنّ صاحبكم الذي يقتل جالوت يوضع هذا الدّهن على رأسه؛ ليغلي حتّى يسيل من القرن، ولا يتجاوز رأسه إلى وجهه، ويبقى على رأسه‏۱ كهيئة الإكليل، ويدخل في هذا التنوّر فيملأه، فدعا طالوت بني إسرائيل فجرّ بهم فلم يوافقه منهم أحد، فأحضر داود من رعيه، فمرّ في طريقه بثلاثة أحجار، فكلّمته وقلن: خُذنا يا داود، فاقتل جالوت. فأخذهنّ وجعلهنّ في مخلاته، وكان طالوت قد قال: من قتل جالوت زوّجته ابنتي، وأجريت خاتمه في مملكتي.
فلمّا جاء داود وضعوا القرن على رأسه، فغلى حتّى ادّهن منه، ولبس التنوّر فملاءه، وكان داود مسقاماً أزرق مصفاراً، فلمّا دخل في التنوّر تضايق عليه حتّى ملأه، وفرح اشمويل وطالوت وبنو إسرائيل بذلك، وتقدّموا إلى جالوت، وتصفّفوا للقتال، وخرج داود نحو جالوت، وأخذ الأحجار ووضعها في قذافته ورمى بها جالوت، فوقع الحجر بين عينيه، فثقب رأسه وقتله، ولم يزل الحجر يقتل كلّ من أصابه ينفذ منه إلى غيره، فانهزم عسكر جالوت بإذن اللَّه تعالى، ورجع طالوت، فأنكح ابنته داود، وأجرى خاتمه في ملكه،۲ انتهى.
وقال الشيخ الطبرسي:
قيل: كان التابوت هو الذي أنزل اللَّه على اُمّ موسى‏. وقيل: كان التابوت الذي أنزله اللَّه على آدم فيه صور الأنبياء، فتوارث من آدم عليه السلام، وكان في بني إسرائيل يستفتحون به.
وقال قتادة: كان في بريّة التيه خلفه هناك يوشع بن نون تحمله الملائكة إلى بني إسرائيل.
وقيل: كان قدر التابوت ثلاثة أذرع في ذراعين عليه صفائح الذهب، وكان من شمشار، وكانوا يقدّمونه في الحروب ويجعلونه أمام جندهم، فإذا سمع من جوفه أنين زفّ التابوت - أي سار - وكان الناس يسيرون خلفه، فإذا سكن الأنين وقف، فوقفوا بوقوفه.
«فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ». قيل: في التابوت نفسه. وقيل: فيما في التابوت. واختلف

1.في المصدر: - «ليغلي حتّى يسيل - إلى - ويبقى على رأسه».

2.الكامل في التاريخ، ج ۱، ص ۲۱۷ - ۲۲۰ مع التلخيص واختلاف في اللفظ.

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الرابع
    سایر پدیدآورندگان :
    احمدی جلفایی، حمید ، فاضل البخشایشی، جواد
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
تعداد بازدید : 72017
صفحه از 568
پرینت  ارسال به