۰.اللّهُمَّ بِذِمَّةِ الإِسلامِ أتَوَسَّلُ إلَيكَ «277 »وبِحُرمَةِ القُرآنِ أعتَمِدُ عَلَيكَ «278 »وبِحُبِّ النَّبِيِ الاُمِّيِ القُرَشِيِ الهاشِمِيِ العَرَبِيِ التَّهامِيِ المَكِّيِ المَدَنِيِ أرجُو الزُّلفَةَ لَدَيكَ «279 »فَلا توحِشِ استيناسَ إيماني «280 » ولا تَجعَل ثَوابي ثَوابَ مَن عَبَدَ سِواكَ «281 » فَإِنَّ قَوما آمَنوا بِأَلسِنَتِهِم لِيَحقِنوا بِهِ دِماءَهُم فَأَدرَكوا ما أمَّلوا «282 »وإنّا آمَنّا بِكَ بِأَلسِنَتِنا وقُلوبِنا لِتَعفُوَ عَنّا فَأَدرِكنا ما أمَّلنا «283 » وثَبِّت رَجاءَكَ في صُدورِنا «284 »ولا تُزِغ قُلوبَنا بَعدَ إذ هَدَيتَنا«285 »وهَب لَنا مِن لَدُنكَ رَحمَةً ، إنَّكَ أنتَ الوَهّابُ «286 »
«اللّهمّ بذمّة الإسلام أتوسّل إليك» الذمّة والذمام : وهما بمعنى العهد والأمان والضمان والحرمة والحقّ ، أي بعهد الإسلام و بما أنّي مسلم أتوسّل إليك ، فيكون إسلامي وسيلة إليك حتّى تعفو عنّي ، فإنّ المسلم محقون ومحترم ، وفي الحديث : «من قال لا إله إلّا اللّه مخلصا دخل الجنّة» ، ۱ «وكلمة لا إله إلّا اللّه حصني ، فمن دخل حصني أمن من عذابي» ۲ «من شهد ألّا إله إلّا اللّه وجبت له الجنّة» . ۳
«وبحرمة القرآن أعتمد إليك» حرمة القرآن أي تحريمه ، وقيل : الحرمة الحقّ ؛ أي بالحقّ المانع من تحليله ، لعلّ المراد أي باحترام القرآن حيث إنّي حامله وقارئه والعامل به وأعتقد أنّه من عندك ، أعتمد إليك أن تعفو عنّي ، من عمد إليه أي قصده أي أتوسّل إليك بالقرآن . ۴
في حديثٍ : «فإذا التبست عليكم الفتن كقطع اللّيل المظلم ، فعليكم بالقرآن ؛ فإنّه شافعٌ مشفّعٌ وماحلٌ مصدّقٌ ، من جعله أمامه قاده إلى الجنّة ، ومن جعله خلفه ساقه إلى النار ، وهو الدليل يدلّ على خير سبيل ، وهو كتاب فيه تفصيل وبيان وتحصيل ، وهو الفصل ليس بالهزل ، وله ظهر وبطن ، فظاهره حكمة وباطنه علم ، ظاهره أنيق وباطنه عميق ، له تخوم وعلى تخومه تخوم ، لا تُحصى عجائبه ، ولا تبلى غرائبه ، فيه مصابيح الهدى ومنار الحكمة ، ودليل على المعروف لمن عرفه» . ۵
(والأحاديث في القرآن وقراءته كثيرة).
«وبحبّ النبيّ الأُمّي» أي المنسوب إلى أُمّ القرى ، أو المنسوب إلى أُمةٍ أُمّي لا يقرأ ولا يكتب ، أو المنسوب إلى أُمّة ليسوا من أهل الكتاب ، يعني الأُمّي يُطلق على من ليس من أهل الكتاب.
«القرشيّ» : أي المنسوب إلى قريش.
«الهاشمي» : أي من بني هاشم.
«العربيّ» : أي المنسوب إلى العرب .
«التهاميّ» : منسوب إلى تهامة بالكسر ، مكّة وبلاد شمالي الحجاز . ۶
أي بحبيّ لرسول اللّه صلى الله عليه و آله أرجوا الزلفة لديك . الأخبار في حبّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله وأهل بيته كثيرة ، ولا بأس بنقل قليل عن كثير :
«من أوثق عرى الإيمان أن تحبّ في اللّه ، وتبغض في اللّه ، وتعطي في اللّه ، وتمنع في اللّه » . ۷ للمفيد : ص 151 ، اُنظر : بحار الأنوار : ج 66 ص 236 .
«والذي نفسي بيده ، لا يؤمننّ عبد حتّى أكون أحبّ إليه من نفسه وأبويه وأهله وولده والناس أجمعين» . ۸
«من مات على حبّ آل محمّد صلى الله عليه و آله مات شهيدا ، ألا ومن مات على حبّ آل محمّد مات مغفورا له ، ألا ومن مات على حبّ آل محمّد مات تائبا ، ألا ومن مات على حبّ آل محمّد مات مؤمنا مستكمل الإيمان ، ألا ومن مات على حبّ آل محمّد بشّره ملك الموت بالجنّة ، ثمّ منكر ونكير ، ألا ومن مات على حبّ آل محمّد يُزفّ إلى الجنّة ، كما تُزفّ العروس إلى بيت زوجها ، ألا ومن مات على حبّ آل محمّد فُتح له في قبره بابان إلى الجنّة ، ألا ومن مات على حبّ آل محمّد جعل اللّه قبره مزار ملائكة الرحمة ، ألا ومن مات على حبّ آل محمّد مات على السنّة والجماعة ، ألا ومن مات على بغض آل محمّد جاء يوم القيامة مكتوب بين عينيه : آيس من رحمة اللّه ، ألا ومن مات على بغض آل محمّد لم يشمّ رائحة الجنّة» . ۹
عن الرضا عليه السلام : «كن محبّا لآل محمّد صلى الله عليه و آله وإن كنت فاسقا ، ومحبّا لمحبّيهم وإن كانوا فاسقين» . ۱۰
قال سبحانه : «لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ » . ۱۱
قال سبحانه : «قُلْ إِنْ كانَ آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ وَإِخْوانُكُمْ وَأَزْواجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوالٌ اقْتَرَفْتُمُوها وَتِجارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسادَها وَمَساكِنُ تَرْضَوْنَها أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللّه ِ وَرَسُولِهِ وَجِهادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتّى يَأْتِيَ اللّه ُ بِأَمْرِهِ وَاللّه ُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ » . ۱۲
«أرجو الزلفة لديك» الزلفة والزلفى : القربة ، وأزلفه : قرّبه . يعني أنّي بحبيّ لرسولك أرجو القربة لديك.
«فلا توحش استئناس إيماني» لعلّ المراد لا تبدّل الأُنس الحاصل من الإيمان بالوحشة ، فإنّ الإيمان توجب الاطمئنان ورفع التزلزل والاضطراب ، قال سبحانه : «أَلا بِذِكْرِ اللّه ِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ » ، ۱۳ فإذا قطع اللّه ولايته وحبله عنه عاد التزلزل والاضطراب إليه.
والأُنس هو ما بين العبد وبين ربّه ، من أنس العبد به وبكتابه ، يناجي ربّه ويعبده ويعرض عليه حوائجه ، وفي الصحيفة السجّادية : «يا اُنس كلّ مستوحش غريب» ، ۱۴ و«هب لي الأُنس بك» ، ۱۵ بل اجعل سكون قلبي وأُنس نفسي واستغنائي وكفايتي بك وبخيار خلقك ، وفي الدعاء : «واجعل القرآن لنا في ظلم اللّيالي مؤنسا» . ۱۶
فالمراد أنّه بغفران ذنوبي وإعطائك الزلفة لديك يبقى أُنسي بك ، وبعدم الغفران وعدم إعطاء الزلفة يذهب الأ?س ويتبدّل بالاستيحاش والعياذ باللّه .
«ولا تجعل ثوابي ثواب من عبد سواك» من حبط أعماله وكونها : «كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ ماءً »۱۷«وَمَنْ يَكْفُرْ بِالإِْيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ »۱۸ و «لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ » . ۱۹
«فإنّ قوما آمنوا بألسنتهم» بيان لحال المنافقين الذين آمنوا بألسنتهم لحقن دمائهم أو طمعا في الرئاسة أو في المغانم فأدركوا ما أمّلوا.
«وأنّا آمنّا بك بألسنتنا وقلوبنا» لا لغرض دنيويّ ، بل آمنّا بقلوبنا وصدّقنا بألسنتنا لتعفو عنّا فأدركنا أملنا من عفوك .
«وثبّت رجاءك في صدورنا» بعفوك عنّا وإعطائك ما أمّلنا .
«ولا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا» الزيغ : الميل عن الاستقامة ، وفيه وجوه :
أوّلها : أن يكون المراد بالآية ربّنا لا تشدد علينا المحنة في التكليف ولا تشقّ علينا ، فيقضي بنا إلى زيغ قلوبنا بعد الهداية .
وثانيها : إنّ ذلك دعاء بالتثبيت على الهداية وإمدادهم بالألطاف الّتي معها يستمرّون على الإيمان ، فكأنّهم قالوا : لا تخل بيننا وبين نفوسنا وتمنعنا ألطافك فنزيغ ونضلّ .
وثالثها : ما ذكر الجبّاني وهو أنّ المعنى لا تزغ قلوبنا عن ثوابك ورحمتك .
ورابعها : لا تبتلنا بما لا نحتمله من الفقر والمرض و... حتّى نزيغ .
خامسها : أي لا تزغ قلوبنا بارتكاب أعمال تورث الزيغ ، قال سبحانه : «فَلَمّا زاغُوا أَزاغَ اللّه ُ قُلُوبَهُمْ »۲۰ . ۲۱
«وهب لنا من لدنك رحمة إنّك أنت الوهاب» .
1.التوحيد : ص ۲۷ ، مكارم الأخلاق : ص ۳۱۰ ، اُنظر : بحار الأنوار : ج ۸ ص ۲۵۹ .
2.الأمالي للصدوق : ص ۳۰۶ ، روضة الواعظين : ۴۲ ، اُنظر : بحار الأنوار : ج ۶۵ ص ۹۵ .
3.الكافي : ج ۲ ص ۵۲۰ ، المحاسن : ج ۱ ص ۳۳ ، اُنظر : بحار الأنوار : ج ۶۵ ص ۹۵ .
4.اُنظر : سفينة البحار «في القرآن وفضله» .
5.الكافي : ج ۲ ص ۵۹۹ ، النوادر للراوندي : ص ۱۴۴ ، اُنظر : بحار الأنوار : ج ۷۴ ص ۱۳۴ .
6.اُنظر : معجم البلدان : ج ۱ في المقدمة ، وج ۲ : في «تهامة».
7.الكافي : ج ۲ ص ۱۲۵ ، المحاسن : ج ۱ ص ۲۶۳ ، الأمالي للصدوق : ص ۶۷۴ ، تحف العقول : ص ۳۶۲ ، روضة الواعظين : ص ۴۱۷ ، الزهد للكوفي : ص ۱۷ ، الأمالي
8.مجمع البيان : ج ۳ ص ۷۲ ، بحار الأنوار : ج ۲۲ ص ۸۸ .
9.تفسير الكشّاف : ج ۳ ص ۸۲ ، عنه العمدة : ص ۵۴ ، المناقب لابن المغازلي : ص ۱۳۶ ـ ۱۳۷ ، ذخائر العقبى : ص ۱۸ ، وينابيع المودّة : ص ۱۹۲ ، نقل عنهم الطرئف : ص ۱۵۹ ، اُنظر : بحار الأنوار : ج ۲۳ ص ۲۳۳ .
10.الدعوات : ص ۲۸ ، بحار الأنوار : ج ۶۶ ص ۲۵۳ .
11.الحجر : ۷۲ .
12.التوبة : ۲۴ .
13.الرعد : ۲۸ .
14.الصحيفة السجّادية : الدعاء ۱۶.
15.المصدر السابق : الدعاء ۲۱ .
16.المصدر السابق : الدعاء ۴۲ .
17.النور : ۳۱ .
18.المائدة: ۵ .
19.الزمر : ۶۵ .
20.الصف : ۵ .
21.اُنظر : الأمالي للسيد المرتضى : ص ۱۱۴ و ۱۱۵ ، بحار الأنوار : ج ۵ ص ۱۹۳ .