۰.أسأَلُكَ يا رَبِّ مِنَ الخَيرِ كُلِّهِ ما عَلِمتُ مِنهُ وما لَم أعلَم «416 »أسأَلُكَ اللّهُمَّ مِن خَيرِ ما سَأَلَكَ مِنهُ عِبادُكَ الصّالِحونَ «417 »يا خَيرَ مَن سُئِلَ وأجوَدَ مَن أعطى «418 »أعطِني سُؤلي في نَفسي وأهلي ووالِدَيَ ووَلَدي وأهلِ حُزانَتي ۱ وإخواني فيكَ «419 »وأرغِد عَيشي«420 » وأظهِر مُرُوَّتي«421 »وأصلِح جَميعَ أحوالي «422 »وَاجعَلني مِمَّن أطَلتَ عُمُرَهُ وحَسَّنتَ عَمَلَهُ «423 »وأتمَمتَ عَلَيهِ نِعمَتَكَ ورَضيتَ عَنهُ «424 »وأحيَيتَهُ حَياةً طَيِّبَةً في أدوَمِ السُّرورِ وأسبَغِ الكَرامَةِ وأتَمِّ العَيشِ «425 » إنَّكَ تَفعَلُ ما تَشاءُ ولا يَفعَلُ ما يَشاءُ غَيرُكَ «426 »
«أسألك» السؤال : استدعاء معرفة أو ما يؤدّي إلى المعرفة ، واستدعاء مال أو ما يؤدّي إلى المال ، والمعنى أطلبك وأستدعي ، والسؤال للمعرفة يكون تارةً للاستعلام ، وتارةً للتبكيت ، كقوله تعالى : «وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ » ، ۲ ولتعرف المسؤول ، والسؤال إذا كان للتعريف تعدّى إلى المفعول الثاني ، تارةً بنفسه وتارةً بالجارّ ، تقول : سألته كذا وسألته عن كذا وبكذا ، و ب «عن» أكثر... وإذا كان السؤال لاستدعاء مال فإنّه يتعدّى بنفسه أو ب «من» نحو : «وَإِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتاعاً فَسْئَلُوهُنَّ مِنْ وَراءِ حِجابٍ » ، ۳«وَسْئَلُوا ما أَنْفَقْتُمْ » ، ۴«وَسْئَلُوا اللّه َ مِنْ فَضْلِهِ » . ۵
«ياربّ من الخير كلّه» الربّ الرئيس والمدبّر كما تقدّم ، والخير ما يرغب فيه الكلّ ، كالعقل والعدل والفضل والشيء النافع ، وضدّه الشرّ ، هذا في الخير المطلق ، وقد يطلق على الخير الإضافي ، كالمال يكون خيرا لزيد وشرّا لعمرو مثلاً ، ويطلق للأعمال الصالحة.
«ما علمت منه وما لم أعلم» فإنّ الإنسان إدراكاته محدودة ، ولأجل ذلك معرفة الخير والشرّ قليلة ، فعسى أن يحبّ شيئا وهو شرّ له أو يكره شيئا وهو خير له ، ولذلك عمّم طلب الخير لما علم ولما لم يعلم.
«أسألك اللّهمّ من خير ما سألك منه عبادك الصالحون» قال الراغب : «الخير والشرّ يقالان على وجهين : أحدهما : أن يكونا اسمين كما تقدّم ۶ ، وهو قوله : «وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ » . ۷ والثاني : أن يكونا وصفين وتقديرهما تقدير أفعل منه ، نحو : هذا خير من ذاك وأفضل ، وقوله : «نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها » ، ۸ وقوله : «وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ » ، ۹ فخيرها هنا يصحّ أن يكون اسما وأن يكون بمعنى أفعل...» . ۱۰ فالمراد هنا هو معنى أفعل منه ، يعني أسألك أفضل ما سألك منه عبادك الصالحون.
«ياخير من سُئل» والخير هنا أيضا بمعنى أفعل منه ؛ لأجل أنّه منتهى مطلب الحاجات وعنده نيل الطلبات ، ولا يبيع نعمه بالأثمان ، ولا يكدّر عطاياه بالامتنان ، ولا يغلق بابه ولا تأخذه سنة ولا نوم ، إلى آخر ما تقدّم من أسمائه الحسنى وصفاته العليا تبارك وتعالى.
«وأجود من أعطى» والجود : بذل المقتنيات مالاً كان أو علما ، وعن أحمد بن سليمان قال : «سأل رجل أبا الحسن عليه السلام وهو في الطواف ، فقال له : أخبرني عن الجواد ، فقال : إنّ لكلامك وجهين : فإن كنت تسأل عن المخلوق ، فإنّ الجواد الذي يؤدّي ما افترض اللّه (عزّ وجلّ) عليه ، والبخيل من بخل بما افترض اللّه عليه ، وإن كنت تعني الخالق فهو الجواد إن أعطى ، وهو الجواد إن منع ؛ لأنّه إن أعطى عبدا أعطاه ما ليس له وإن منع منع ما ليس له» . ۱۱ والمراد هنا أنّه تعالى أكثر بذلاً ، وفي الصحيفة «تجود على من لو شئت منعته» ، ۱۲ و«سبحانك من جواد ما أوسعك» ، ۱۳ و«امتلأت بفيض جودك أوعية الطلبات» ، ۱۴ وأنّه يعطي من سأله ويعطي من لم يسأله ولم يعرفه ، بل يعطي الجاحدين لربوبيّته كما تقدّم.
«أعطني سؤلي» أي سؤالي ، وسؤلي وسولي بالضمّ مهموزا وعدمه : الحاجة ، وما سألته «في نفسي وأهلي» الأهل : العشيرة وذوو القربى ، وأهل الرجل : زوجته ، وأهل كلّ نبيّ أُمّه ، وأهل البلد والبيت سكّانه ، وأهل الأمر ولاته . ۱۵ والمراد هنا حسب السياق العشيرة أو الزوجة.
«ووالديّ» الأب والأُمّ ، «وولدي» بضمّ الواو وسكون اللّام كلّ من ولّده ، والجمع الأولاد ، ويُطلق على الواحد والجمع والصغير والكبير والمذكّر والمؤنّث .
«وأهل حزانتي» الحزانة كثمامة : عيال الرجل الّذين يتحزّن بأمرهم .
«وإخواني فيك» ، الأخ من جَمَعك وإيّاه صلب أو بطن ، والجمع آخاء وإخوة وأخون وإخوان ، وقيل : الإخوة جمع الأخ من النسب ، والإخوان جمع الأخ من الصداقة ، والأخ كلّ مشارك لغيره في القبيلة أو في الدين أو في الصنعة أو في المعاملة ، وإخواني فيك ؛ أي الأخ في اللّه تعالى ، قال سبحانه : «إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ » . ۱۶
والأحاديث في اختيار الأخ في اللّه تعالى وحقوق الإخوان كثيرة ، ۱۷ وكذا الأحاديث في الدعاء للإخوان بظهر الغيب ، ۱۸ وعن الصادق عليه السلام : «إنّ دعاء المؤمن لأخيه بظهر الغيب مستجاب ، ويدرّ الرزق ، ويدفع المكروه» ، ۱۹ وعن عبد اللّه بن سنان ، قال : «مررت بعبد اللّه بن جندب فرأيته قائما على الصفا وكان شيخا كبيرا ، فرأيته يدعو ويقول في دعائه : اللّهمّ فلان بن فلان ، اللّهمّ فلان بن فلان ، اللّهمّ فلان بن فلان ، ما لم أحصهم كثرةً ، فلمّا سلّم قلت له : يا عبد اللّه ، لم أرَ موقفا قطّ أحسن من موقفك ، إلّا أنّي نقمت عليك خلّة واحدة ، فقال لي : وما الذي نقمت عليّ؟ فقلت له : تدعو للكثير من إخوانك ولم أسمعك تدعو لنفسك شيئا ، فقال لي : ياعبد اللّه ، سمعت مولانا الصادق عليه السلام يقول : من دعا لأخيه المؤمن بظهر الغيب نودي من أعنان السماء : لك ياهذا مثل ما سألت في أخيك ، ولك مئة ألف ضعف مثله ، فلم اُحبّ أن أترك مئة ألف ضعف مضمونة بواحدة لا أدري يُستجاب أم لا» . ۲۰
«وأرغد» رغد عيشه : طاب واتّسع ، قال تعالى : «وَكُلا مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما » ، ۲۱ و «فَكُلُوا مِنْها حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً » . ۲۲
«عيشي» العيش : الحياة المختصّة بالحيوان ، وهو أخصّ من الحياة ؛ لأنّ الحياة تقال في الحيوان وفي الباري تعالى وفي الملك ، ويشتقّ منه المعيشة لما يتعيّش منه . ۲۳
«وأظهر مروّتي» ، المروءة كسهولة : مصدر مروء ، والنخوة وكمال الرجولية ، وفي المصباح : «المروءة آداب نفسانية تحمل مراعاتها الإنسان على الوقوف عند محاسن الأخلاق وجميل العادات ، وقد تُقلب الهمزة واوا وتُدغم فيقال : مروءة» . ۲۴
عن أبي عبد اللّه عليه السلام : «المروءة مروءتان : مروءة الحضر ومروءة السفر ، فأمّا مروّة الحضر فتلاوة القرآن ، وحضور المساجد ، وصحبة أهل الخير ، والنظر في الفقه ، وأمّا مروءة السفر فبذل الزاد في غير ما يسخط اللّه ، وقلّة الخلاف على من صحبك ، وترك الرواية عليهم إذا فارقوك» . ۲۵
قال أمير المؤمنين عليه السلام : «لا تتمّ مروءة الرجل حتّى يتفقّه في دين ، ويقتصد في معيشته ، ويصبر على النائبة إذا نزلت به ، ويستعذب مرارة إخوانه» . ۲۶
قال الشهيد رحمه الله : «المروءة تنزيه النفس عن الدناءة الّتي لا تليق بأمثاله كالسخرية ، وكشف العورة الّتي يتأكّد استحباب ستر في الصلاة ، والأكل في الأسواق غالبا» . ۲۷
وروي أنّ الباقر عليه السلام قال يوما لمن حضره : «ما المروّة ؟ فتكلّموا : فقال عليه السلام : المروّة ألّا تطمع فتذلّ ، ولا تسأل فتقلّ ، ولا تبخل فتشتم ، ولا تجهل فتُخصم . فقيل : ومن يقدر على ذلك؟ فقال عليه السلام : من أحبّ أن يكون كالناظر في الحدقة ، والمسك في الطيب ، كالخليفة في يومكم هذا في القَدْر» . ۲۸
يطلب من اللّه سبحانه إظهار مروءته ، ولعلّ المراد توفيق العمل بأوصاف هي المروءة ، كما مرّ في الحديث ، أو أراد أن يكون له لسان صدق في الآخرين.
«وأصلح جميع أحوالي» الصلاح ضدّ الفساد ، وهما مختصّان في أكثر الاستعمال بالأفعال ، وقوبل في القرآن تارةً بالفساد ، وتارة بالسيّئة ، قال : «خَلَطُوا عَمَلاً صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً » ، ۲۹«وَلا تُفْسِدُوا فِي الأَْرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها »۳۰ ... وإصلاح اللّه تعالى الإنسان يكون تارةً بخلقه إيّاه صالحا ، وتارةً بإزالة ما فيه من فساد بعد وجوده ، وتارةً يكون بالحكم له بالصلاح . ۳۱ أي أزل الفساد عنها ، أو حسّن جميع أحوالي ، والحال تُستعمل في اللّغة للصفة التي عليها الموصوف ، وفي تعارف أهل المنطق لكيفية سريعة الزوال نحو حرارة وبرودة . ۳۲ والمعنى : أزل الفساد عن جميع أوصافي وحالاتي.
«واجعلني ممّن أطلت عمره» أي جعلت عمره طويلاً .
«وحسّنت عمله» حسّنه : أي جعله حسنا وزيّنه ، والمراد هنا طلب طول العمر مع العمل بالأعمال الصالحة ومحاسن الأعمال نقيض مساوئها ، يعني أن يطوّل اللّه عمره ويهديه ويوفّقه على الصالحات.
وفي الصحيفة : «وعمّرني ما كان عمري بذلة في طاعتك ، فإذا كان عمري مرتعا للشيطان ، فاقبضني إليك قبل أن يسبق مقتك إليّ أو يستحكم غضبك عليّ» . ۳۳
وفي أمالي الشيخ رحمه الله عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : «إنّ اللّه تعالى لم يجعل للمؤمنين أجلاً في الموت ، يبقيه ما أحبّ البقاء ، فإذا علم منه أنّه سيأتي بما فيه بوار دينه ، ۳۴ قبضه إليه مكرما» . ۳۵
وعن الصادق ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم السلام ، قال : «قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : طوبى لمن طال عمره ، وحسن عمله فحسن منقلبه إذ رضي عنه ربّه ، وويل لمن طال عمره وساء عمله ، فساء منقلبه إذ سخط عليه ربّه عزّ وجلّ» ، ۳۶ وفيه : «يا عليّ ، طوبى لمن طال عمره وحسن عمل» . ۳۷
«وأتممت عليه نعمتك» تمام الشيء انتهاؤه إلى حدّ لا يحتاج إلى شيء خارج عنه والناقص ، قال عزّ وجلّ : «الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي » ، ۳۸
والنعمة نعمتان : مادّي ممّا يدرك بالحواسّ ، ومعنويّ يُدرك بالعقول ، «وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللّه ِ لا تُحْصُوها » ، ۳۹ فمن أتمّ اللّه عليه نعمه في الحياة الدنيا يجمع له النعم المادّية مع المعنويّة ، ولعلّ المراد في قوله تعالى : «وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي » هو ذلك.
وفي الحديث : «من أصبح وأمسى وعنده ثلاث ، فقد تمّت عليه النعمة في الدنيا : من أصبح وأمسى معافىً في بدنه ، آمنا في سربه ، عنده قوت يومه ، فإن كانت عنده الرابعة فقد تمّت عليه الّنعمة في الدنيا والآخرة ، وهو الإيمان» . ۴۰
«ورضيت عنه» رضا اللّه سبحانه عن عبده هو الفوز العظيم ، قال تعالى : «رَضِيَ اللّه ُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ » ، ۴۱ و «رَضِيَ اللّه ُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولئِكَ حِزْبُ اللّه ِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللّه ِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ » ، ۴۲ و «رَضِيَ اللّه ُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ » ، ۴۳ ورضا اللّه تعالى عن العبد هو أن يراه مؤتمرا لأمره ومنتهيا عن نهيه.
وفي الصحيفة : «بلغني مبالغ من عنيت به وأنعمت على ورضيت عنه» ، ۴۴ «ولا أبلغ رضاك... إلّا بطاعتك» . ۴۵
وفي الحديث : «إنّ موسى عليه السلام قال : ياربّ دلّني على عمل إذا أنا عملته نلت به رضاك ، فأوحى اللّه إليه : يا بن عمران ، أنّ رضائي في كرهك ، ولن تطيق ذلك ، فخرّ موسى ساجدا باكيا ، فقال : ياربّ خصصتني بالكلام ولم تكلّم بشرا قبلي ، ولم تدلّني على عمل أنال به رضاك ، فأوحى اللّه إليه أنّ رضاي في رضاك بقضائي» . ۴۶
ومن وصايا أمير المؤمنين عليه السلام : «ثلاث يبلغن بالعبد رضوان اللّه : كثرة الاستغفار ، وخفض الجانب ، وكثرة الصدقة ». ۴۷
وفيه : «إنّ موسى عليه السلام قال : ياربّ أخبرني عن آية رضاك عن عبدك ، فأوحى اللّه إليه : إذا رأيتني اُهيئ عبدي لطاعتي ، وأصرفه عن معصيتي ، فذلك آية رضاي» . ۴۸
«وأحييته حياةً طيّبة» أصل الطيّب ما تستلذّه الحواسّ وما تستلذّه النفس ، والطعام الطيّب في الشرع ما كان متناولاً من حيث ما يجوز ، وبقدر ما يجوز ، ۴۹ قال تعالى : «مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً » . ۵۰
وفي الصحيفة : «فأحيني حياةً طيّبةً تنتظم بما أُريد ، وتبلغ ما أُحبّ من حيث لا آتي ما تكره ، ولا أرتكب ما نهيت عنه» ۵۱ جمع في هذا الدعاء الحياة الطيّبة من جميع أنحائها في الدنيا ، وفسّرت الآية الشريفة بالحياة الأُخروية أو البرزخيّة أو الدنيويّة ، ولا وجه للتخصيص ، بل يستفاد من الآية الكريمة قاعدة كلّية للحياة الطيّبة ، وهي أنّ من كان مؤمنا وعمل صالحا ، أي من كان يجعل اللّه تعالى حياته طيّبة ، فإنّه بإيمانه يعرف الحقّ والباطل فيترك الباطل ويتعلّق قلبه بربّه ، فلا يريد ولا يحبّ إلّا اللّه وقربه ، ولا يخاف إلّا سخطه وبعده ، ويرضى برضاه ، ويجد في نفسه من البهاء والكمال والقوّة والعزّة واللذّة والسرور ما لا يقدّر بقدر ، وليت هذه الحياة الجديدة المختصّة بمنفصلة عن الحياة القديمة المشتركة ، وإن كانت غيرها فإنّما الاختلاف بالمراتب لا العدد . ۵۲
«في أدوم السرور» السرور ما ينكتم من الفرح ، قال تعالى : «وَلَقّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً » ، ۵۳ والسرور بالضمّ : لذّة في القلب عند حصول النفع ، أو توقّعه ، أو اندفاع ضرّ ، وهو والفرح ، والحبور : أُمور متقاربة ، ولكنّ السرور هو الخالص المنكتم ، والحبور ما يُرى أثره في ظاهر البشرة ، هما تستعملان في المحمود ، وأمّا الفرح فهو ما يورث أشرا أو بطرا ، ولذلك يُذمُّ ، فالسرور والحبور يكونان عن القوّة الفكرية ، والفرح يكون عن القوّة الشهوية . ۵۴ يسأل اللّه سبحانه وتعالى الحياة الطيّبة في أدم السرور ، بألّا يعترض ما يشوّشها من السيّئات والمكاره ، والدنيا دار بالبلاء محفوفة ، فهو في الحقيقة يسأل العافية والاستلذاذ من الحياة الطيّبة.
«وأسبغ الكرامة» سبغ الشيء سبوغا : تمّ فطال في الأرض ، وسبغ النعمة والمعاش : اتّسعا ، وأسبغ اللّه عليه النعمة : أتمّها ، وأسبغ فلان الوضوء : أبلغه مواضعه ، والكرامة : من كَرُم يكرُم كرامة نفس وعزّ ، وكلّ شيء شرف في بابه ، فإنّه يوصف بالكرم ، والتكريم أن يوصل إلى الإنسان إكرام ، أي نفع لا يلحقه فيه غضاضة ، أو أن يجعل ما يوصل إليه شيئا كريما.
«وأتمّ العيش» قد مرّ الكلام في العيش ، يطلب إتمامه بألّا يكون فيه نقص فيما يعيش.
«إنّك تفعل ما تشاء ولا يفعل ما يشاء غيرك» أي لك القدرة الكاملة الغير المحدودة ، قال سبحانه : «قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللّه ِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ » ، ۵۵ و «يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ وَاللّه ُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ » ، ۵۶ و «إِنَّ الأَْرْضَ للّه ِِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ » ، ۵۷ إلى غير ذلك من الآيات الشريفة.
1.الحزانة : عِيال الرجل الّذي يتحزن لهم (مجمع البحرين : ج ۱ ص ۳۹۸) .
2.التكوير : ۸ .
3.الأحزاب : ۵۳ .
4.الممتحنة : ۱۰ .
5.النساء : ۳۲ ، اُنظر : مفردات ألفاظ القرآن : ص ۲۵۰ .
6.إشارة إلى ما قدّمه من معنى الخير كما ذكرناه، وقال: إنّ الخير يطلق على المال وعلى المال الكثير .
7.آل عمران : ۱۰۴.
8.البقرة : ۱۰۶.
9.البقرة : ۱۸۴.
10.مفردات ألفاظ القرآن : ص ۱۶۰.
11.الكافي : ج ۴ ص ۳۸ ، التوحيد : ص ۳۷۳ ، تحف العقول : ص ۴۰۸ ، اُنظر : بحار الأنوار : ج ۴ ص ۱۷۲ ، و ج ۱۰ ص ۲۴۶ ، و ج ۵۴ ص ۱۱۶ .
12.الصحيفة السجّادية : الدعاء ۴۵ .
13.المصدر السابق : الدعاء ، ۴۷ .
14.المصدر السابق : الدعاء ۴۶ .
15.اُنظر : مجمع البحرين : ج ۱ ص ۱۲۸ ، العين : ج ۴ ص ۸۹ .
16.الحجرات : ۱۰ .
17.اُنظر : بحار الأنوار : ج ۷۴ ، و سفينة البحار ومستدركها .
18.اُنظر : بحار الأنوار : ج ۹۳ ص ۳۸۲ .
19.الكافي : ج ۲ ص ۵۰۷ ، قرب الإسناد : ص ۶ ، اُنظر : بحار الأنوار : ج ۹۰ ص ۳۸۳ .
20.فلاح السائل : ص ۴۳ ، بحار الأنوار : ج ۹۰ ص ۲۹۰ .
21.البقرة : ۳۵ .
22.البقرة : ۵۸ .
23.اُنظر : مفردات ألفاظ القرآن : ص ۳۵۳ .
24.المصباح المنير : ص ۲۶۷ .
25.الأمالي للمفيد: ص۴۴، دعائم الإسلام: ج۱ ص۳۴۶، تحف العقول: ص ۳۷۴، اُنظر: بحار الأنوار: ج ۷۳ ص۳۱۳.
26.تحف العقول : ص ۲۲۳ ، اُنظر : بحار الأنوار : ج ۷۵ ص ۶۳.
27.الدروس الشرعيّة : ج ۲ ص ۱۲۵.
28.تحف العقول : ص ۲۹۳ ، اُنظر : بحار الأنوار : ج ۷۵ ص ۱۷۲.
29.التوبة : ۱۰۲.
30.الأعراف : ۵۶ .
31.اُنظر : مفردات ألفاظ القرآن : ص ۲۸۴.
32.اُنظر : المصدر السابق : ص ۱۳۸ .
33.الصحيفة السجّادية : الدعاء ۲۰.
34.أي هلاك دينه .
35.الأمالي للطوسي : ص ۳۰۵ ، اُنظر : بحار الأنوار : ج ۵ ص ۱۴۰.
36.الأمالي للصدوق : ص ۱۱۱ ، روضة الواعظين : ص ۴۷۵ ، بحار الأنوار : ج ۷۷ ص ۱۱۳ ، وج ۷۱ ص ۱۷۲ و ۱۷۳ ، و ج ۶۹ ص ۴۰۰ .
37.بحار الأنوار : ج ۷۷، ص ۴۸ .
38.المائدة : ۳ .
39.إبراهيم : ۳۴ .
40.الكافي : ج ۸ ص ۱۴۸ ، تحف العقول : ص ۳۶ ، اُنظر : بحار الأنوار : ج ۷۹ ص ۱۳۹ ـ ۱۴۰ .
41.المائدة : ۱۱۹.
42.المجادلة : ۲۲.
43.البيّنة : ۸ .
44.الصحيفة السجّادية : الدعاء ۴۷.
45.المصدر السابق : الدعاء ۴۷.
46.الدعوات : ص ۱۶۴ ، بحار الأنوار : ج ۱۳ ص ۳۵۸.
47.كشف الغمّة : ج ۳ ص ۴۱ ، بحار الأنوار : ج ۷۵ ص ۸۱ .
48.أعلام الدين : ص ۲۸۳ ، بحار الأنوار : ج ۶۷ ص ۲۶.
49.اُنظر : مفردات ألفاظ القرآن : ص ۳۰۸.
50.النحل : ۹۷.
51.الصحيفة السجّادية : الدعاء ۱۴۷.
52.خلاصة من كلام الأُستاذ العلّامة في الميزان في تفسير القرآن : ج ۱۲ ص ۳۶۶ ـ ۳۶۷ في تفسير الآية الكريمة.
53.الإنسان : ۱۱ ، اُنظر : مفردات ألفاظ القرآن : ص ۲۲۸.
54.أقرب الموارد : ج ۲ ص ۶۵۶.
55.آل عمران: ۷۳ .
56.آل عمران : ۷۴ .
57.الأعراف : ۱۲۸ .