۰.اللّهُمَّ إنّي أجِدُ سُبُلَ المَطالِبِ إلَيكَ مُشرَعَةً «29 » ومَناهِلَ الرَّجاءِ إلَيكَ مُترَعَةً ۱ «30 » وَالِاستِعانَةَ بِفَضلِكَ لِمَن أمَّلَكَ مُباحَةً «31 »وأبوابَ الدُّعاءِ إلَيكَ لِلصّارِخينَ مَفتوحَةً «32 »
«اللّهمّ» قيل معناه يا اللّه ، فأُبدل من الياء في أوّله الميمان في آخره ، وخُصّ بدعاء اللّه . وقيل : تقديره يا اللّه أمّنا بخير ، مركّب تركيب حيّهلاً . ۲
السبيل : الطريق الذي فيه سهولة ، ويقال لسالكه سابل ، ويُستعمل السبيل لكلّ ما يُتوصّل إلى شيء خيرا كان أو شرّا ، كما أنّ الطريق هو السبيل الذي يُطرق بالأرجل ، أي يُضرب . كما أنّ السراط بالسين : الطريق المستسهل ، أصله من سرطت الطعام أي ابتلعته ، وبالصاد : الطريق المستقيم . في المفردات ، وفي مجمع البيان : السراط ؛ أي الطريق المستوي عن الاعوجاج ، والسراط لغةً في الصراط ، ۳ وأتي جمعا باعتبار تعدّد المطالب.
«مشرعة» بضمّ الميم وسكون الشين المعجمة وفتح الراء ؛ أي مفتوحة ، والمعنى ، يا اللّه ، كلّما أريد الوصول إلى بابك لحاجةٍ أجد سبل المطالب ـ المطالب جمع مطلب يكون مصدرا أو اسم مكان ، أي موضع الطلب ، والظاهر هنا الأوّل ـ أي طريق الطلب إلى بابك مفتوحة ، وذلك بسعة رحمته وكرمه لا يغلق بابه ولا يخيّب آمله ولا يردّ سائله ، كما في زيارة أمين اللّه : «وسبل الراغبين إليك شارعة ، وأعلام القاصدين إليك واضحة». ۴
«ومناهل الرجاء» المنهل بالفتح : المورد ، وهو عين ماء ترده الإبل في المراعي ، وتسمّى المنازل الّتي في المفاوز على طريق السفّار مناهل ؛ لأنّ فيها ماء ، وما كان على غير الطريق لا يُسمّى منهلاً. ۵
«ومناهل الرجاء إليك» ۶ أي رجاء العبد السائر إليك له مناهل بعد منهل منك يرد عليها عطشانا ، ويصدر عنها ريّانا ، أو شبّه آمال الداعين الراحلين إليه تعالى بالمسافر في طريق سيره إليه سبحانه ، يرد على منهل حسب حوائجهم وآمالهم ، ويصدرون بالنيل إلى مقاصدهم ، والمناهل مترعة مملوءةً لا تنقص بشرب الواردين.
يعني : إنّي أجد مناهل الرجاء إليك مملوءة ، فمن عمل عمل الراجي من التوبة عن السيّئات وإتيان الصالحات ، لنال ما أراد ولشمله فضلك ورحمتك الواسعة .
«مترعة» أي مملوّة ، مِن أترع الإناء ملأ ، وأترعت الحوض إذا ملأته .
«والاستعانة بفضلك لمن أمّلك مباحة» أي أجد الاستعانة بفضلك . «لمن أمّلك» ، أي رجاك من التفعيل ، لعلّ ذلك إشارة إلى رجائه وأنّه تعالى أباح الاستعانة بفضله . الأمل ـ بالتحريك ـ : الرجاء وهو ضدّ اليأس ، وطول الأمل مذموم كما يأتي في محلّه.
«وأبواب الدّعاء إليك» الباب يقال لمدخل الشيء ، وأصل ذلك مداخل الأمكنه ، كباب المدينة والدار ، وجمعه أبواب ، ويُطلق على كلّ شيء يتوصّل به إلى غيره ، ومنه الحديث : «أنا مدينة العلم وعليّ بابها» ، ۷ الإرشاد : ج 1 ص 33 ، الاختصاص : ص 238 ، الفصول المختارة : ص 135 ، الأمالي للطوسي : ص 559 ، الثاقب في المناقب : ص 120 ، الخرائج والجرائح : ج 2 ص 545 ، المناقب لابن شهر آشوب : ج 1 ص 314 ، الصراط المستقيم : ج 1 ص 100 ، بحار الأنوار : ج 10 ص 145 . وأتى جمعا ؛ لتعدّده حسب الحوائج أو حسب الأسباب والوسائل لحاجةٍ واحدة .
«للصارخين مفتوحة» الاستصراخ : الصياح باستعانة وجدّ وشدّة ، والصراخ : الصوت الشديد والاستغاثة ، والصارخ : المغيث ، والمستغيث ضدّ ، والمراد هنا الثاني ، يعني : وجدت أبواب الدعاء للصارخين مفتوحة.
1.المناهل : جمع المنهل ؛ وهو المشرَب ، والموضع الذي فيه المشرَب . ومُترَعة من التَّرَع : الامتلاء (القاموس المحيط : ج ۴ ص ۶۱ ، و ج ۳ ص ۹) .
2.مفردات ألفاظ القرآن : ص ۲۲ ، الإتقان في علوم القرآن : ج ۱ ص ۴۴۵ ، مجمع البيان : ج ۲ ص ۴۲۷ في تفسير قوله تعالى : «قُلِ اللَّهُمَّ مَــلِكَ الْمُلْكِ» ، وكذا الكشّاف : وسائر التفاسير ، واُنظر : رياض السالكين : ج ۱ ص ۴۵۴ شرح الدعاء الأوّل .
3.اُنظر : مفردات ألفاظ القرآن : ص۲۳۰ مجمع البيان : ج۱ ص ۶۵ ، الكشّاف : ج ۱ ص ۶۷ في تفسير سورة الحمد .
4.اُنظر : المصباح للكفعمي : ص ۴۸۱.
5.اُنظر : مجمع البحرين : ج ۴ ص ۳۸۱.
6.في نسخة «لديك» .
7.حديث مشهور ، اُنظر : الأمالي للصدوق : ص ۴۲۵ ، تحف العقول : ص ۴۳۰ ، الغارات : ج ۱ ص ۳۴ ، المناقب للكوفي : ج ۲ ص ۵۵۸ ، شرح الأخبار : ج ۱ ص ۸۹ ،