123
شرح دعاء أبي حمزة الثمالي

شرح دعاء أبي حمزة الثمالي
122

۰.تَتَحَبَّبُ إلَينا بِالنِّعَمِ ونُعارِضُكَ بِالذُّنوبِ «162 »خَيرُكَ إلَينا نازِلٌ وشَرُّنا إلَيكَ صاعِدٌ «162 »ولَم يَزَل ولا يَزالُ مَلَكٌ كَريمٌ يَأتيكَ عَنّا بِعَمَلٍ قَبيحٍ ، فَلا يَمنَعُكَ ذلِكَ أن تَحوطَنا بِنِعَمِكَ ، وتَتَفَضَّلَ عَلَينا بِآلائِكَ «163 »فَسُبحانَكَ ما أحلَمَكَ وأعظَمَك وأكرَمَكَ مُبدِئا ومُعيدا «164 »

«تتحبّب» تحبّب إليه ؛ أي أظهر له المودّة والمحبّة ، فاللّه سبحانه يعطينا النعم كي نحبّه ؛ لأنّ النفس مجبولة بحبّ من أحسن إليها ، فتوالي نعمه تعالى ، تحبّب منه تعالى إلى عباده.
«ونعارضك» أي نقابلك ، من عارض أي أتى بمثل صنيعه وفعل مثل فعله ، وأتى إليه بمثل ما أتى ، يعني نحن نقابلك بدل إحسانك وإنعامك بالذنوب والعصيان.
«خيرك إلينا نازل وشرّنا إليك صاعد» خيره تعالى أنواع نعمه وفضائله وعطاياه المادّية والمعنوية ، وشرّنا أنواع سيّئاتنا ومعاصينا ، قال سبحانه : «ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النّاسِ » ، ۱ والشّر نقيض الخير ؛ وهو اسم جامع لكلّ الرذائل والخطايا ، والجمع شرور.
فسّر صعود الشرّ إليه بقوله : «ولم يزل ولا يزال ملك كريم» ، الكريم ؛ أي سخيّ معطاء ، جمع كرام ، وقيل الكريم من يوصل النفع بلا عوض ، فالكرم هو إفادة ما ينبغي لا لعوض ، والكريم : الصفوح ، قال الراغب : «إذا وصف به الإنسان فهو اسم للأخلاق والأفعال المحمودة الّتي تظهر منه ، ولا يقال كريم حتّى يظهر ذلك منه» ، ۲ وقد مرّ الكلام في معنى الكرم والكريم.
«يأتيك عنّا بعمل قبيح» وهو ما يستقبحه العقل وما يذمّ في الدنيا ويعاقب في الآخرة ، ويمكن أن يكون حسنات العبد وأعماله الصالحة بزعمه قبائح في الواقع ، كما يقال : «حسنات الأبرار سيّئات المقرّبين» ، وفي الدعاء : «إلهي من كانت محاسنه مساوئ ، فكيف لا تكون مساوئه مساوئ ، ومن كانت حقائقه دعاوي ، فكيف لا يكون دعاويه دعاوي» . ۳
«فلا يمنعك ذلك من أن تحوطنا بنعمك» فلا يمنعك الشرور الصاعدة والقبائح الصادرة في مقابل خيرك النازل من أن تحوطنا ، أي تعاهدنا وتحفظنا بنعمك ، أو تحدقنا بنعمك ، قال تعالى : «ذلِكَ بِأَنَّ اللّه َ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَها عَلى قَوْمٍ حَتّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ » ، ۴ وقال تعالى : «ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النّاسِ » . ۵
«وتتفضّل علينا بآلائك» جمع ، ومفرده الألى ، مقصور وتُفتح الهمزة وتكسر : النعمة ، كأفعال ، مثل سبب وأسباب ، لكن أُبدلت الهمزة الّتي هي فاء ألفا ؛ استثقالاً لاجتماع همزتين ، وفي مجمع البحرين : «إنّ الآلاء النعم الظاهرة ، والنعماء هي النعم الباطنة» ، ۶ و في الفروق اللغوية : «الآلاء النعمة الّتي تتلو غيرها ، من قولك : وليه يليه إذا قرب منه ، وقال بعضهم : هو اسم النعمة العظيمة» . ۷
«فسبحانك ما أحلمك وأعظمك وأكرمك» فسبحانك من كلّ نقص ، سبحان اللّه ، إي أُبرئ اللّه من السوء براءةً ، يقال : سبحان من كذا ، تعجّب منه ، ما أحلمك في التأنّي والصفح والعفو عن سيّئات أعمالنا . وأعظمك ؛ أي ما أعظمك في الستر علينا وقبائح أعمالنا ، وفي التفضّل بالنعم الجسام ، وأكرمك ؛ أي ما أكرمك في الإعطاء قبل السؤال ، وتعطي من لا يسألك ولا يعرفك ، «مبدئا ومعيدا» ، أي في ابتداء الإنعام وإعادته.

1.الروم : ۴۱ .

2.مفردات ألفاظ القرآن : ص ۴۲۸ .

3.اُنظر : بحار الأنوار : ج ۹۵ ص ۲۲۵ .

4.الأنفال : ۵۳ .

5.الروم : ۴۱ .

6.مجمع البحرين : ج ۱ ص ۹۷ .

7.الفروق اللغوية : ص ۶ .

  • نام منبع :
    شرح دعاء أبي حمزة الثمالي
    سایر پدیدآورندگان :
    هوشمند، مهدي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 464814
صفحه از 464
پرینت  ارسال به