۰.تَقَدَّسَت أسماؤُكَ ، وجَلَّ ثَناؤُكَ ، وكَرُمَ صَنائِعُكَ وفِعالُكَ «165 »أنتَ إلهي أوسَعُ فَضلاً وأعظَمُ حِلما مِن أن تُقايِسَني بِفِعلي وخَطيئَتي «166 »فَالعَفوَ العَفوَ سَيِّدي سَيِّدي سَيِّدي «167 » اللّهُمَّ اشغَلنا بِذِكرِكَ «168 » وأعِذنا مِن سَخَطِكَ وأجِرنا مِن عَذابِكَ «169 »وَارزُقنا مِن مَواهِبِكَ «170 »
«تقدّست أسماؤك» قال السيّد في رياض السالكين في شرح الدعاء الأوّل : «أي تطهّرت ونُزّهت أسماؤه عن العيوب والنقائص ، فما ظنّك بذاته العليا ، أو تنزّهت عن الإلحاد فيها بالتأويلات الرائعة ، وعن إطلاقها على غيره بوجه يشعر بتشاركهما فيه ، أو هي مفحمة ، كما في قوله تعالى : «تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالإِْكْرامِ » ، ۱ وفائدة هذا التوسيط سلوك سبيل الكناية ، كما يقال : ساحة فلان بريئة عن المثالب» . ۲
«وجلّ ثناؤك» الثناء : المدح ، أي جلّ مدحك عن مدحنا وثنائنا ؛ لأنّ إدراكنا لا يصل إلى معرفتك ومعرفة أوصافك ومدائحك.
«وكرم صنائعك» الصنائع جمع الصنيعة ؛ أي الإحسان ، يقال : ما أحسن صنيع اللّه عندك ؛ أي إحسانه ، وهو صنيعي ؛ أي الذي اصطنعته وربّيته وخرجته ، كرم صنائعك ؛ أي نفس وعزّ إحسانك «وفعالك».
«أنت إلهي أوسع فضلاً وأعظم حلما من أن تقايسني بفعلي وخطيئتي» تقايسني : أي تقدّرني ، من قايس الشيء بغيره ، وعلى غيره يقيسه قيسا : قدّره على مثاله . يعني أنت في فضلك الواسع وحلمك العظيم لا تقدّرني على مثال فعالي وخطاياي .
«فالعفو» أي أسأل منك العفو ، أو قسني بالعفو ، فيكون منصوبا بنزع الخافض ، وفي الدعاء السابع والأربعين من الصحيفة : «ولا تقايسني بعظيمات الجرائر» ، بعد ذكره معنى قاس يقيس ، قال : أي لاتجعل عقوبتي بمقدار عظيمات الجرائر.
«اللّهمّ اشغلنا بذكرك» من قراءة القرآن والأذكار من التهليل والتحميد والدعاء والثناء ، حتّى نشتغل بها بدل الملاهي وذكر الدنيا والمعاصي والمشتهيات وما يُنسي الآخرة ونذكر الدنيا ، أو المراد ذكر اللّه تعالى عند المعاصي والشهوات والغضب ، قال سبحانه : «إِذا مَسَّهُمْطائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا » . ۳
«وأعذنا من سخطك» السخط ضدّ الرضا ، قيل : هو لا يكون إلّا من الكبرياء والعظماء دون الأكفّاء والنظراء ، والغضب يُستعمل في الفريقين ، قال الراغب : «السخط : الغضب الشديد المقتضي للعقوبة ، قال سبحانه «وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْها إِذا هُمْ يَسْخَطُونَ » » . ۴
«وأجرنا من عذابك» الجوار بالكسر : العهد والأمان ، وأن تعطي رجلاً ذمّة فيكون بها جارك فتجره ، تقول العرب : هو في جواري ؛ أي في عهدي وأماني ، قال الراغب : «ولمّا استعظم حقّ الجارّ عقلاً وشرعا ، عبّر عن كلّ من يعظّم حقّه أو يستعظم حقّ غيره بالجار ، قال تعالى : «وَالْجارِ ذِي الْقُرْبى وَالْجارِ الْجُنُبِ »۵ يقال : استجرته فأجارني ، وعلى هذا قوله تعالى : «وَإِنِّي جارٌ لَكُمْ » ، ۶ وقال عزّ وجلّ : «وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجارُ »۷ » . ۸
«وارزقنا من مواهبك» الموهبة بفتح الهاء : العطية ، وربّما أطلقوها على الموهوب ، والجمع مواهب ، وبكسرها اسم من وهب له مالاً ، فالمال موهوب والمُوهِب والموهبة اسم ، وفي الدعاء السابع والأربعين : «وأجزل لي قسم المواهب من نوالك... وسق كرائم مواهبك إليّ».