131
شرح دعاء أبي حمزة الثمالي

شرح دعاء أبي حمزة الثمالي
130

۰.اللّهُمَّ اغفِر لِحَيِّنا ومَيِّتِنا «180 » شاهِدِنا وغائِبِنا «181 »ذَكَرِنا واُنثانا «182 »صَغيرِنا وكَبيرِنا «183 » حُرِّنا ومَملوكِنا «184 »كَذِبَ العادِلونَ ۱ بِاللّه ِ وضَلّوا ضَلالاً بَعيدا وخَسِروا خُسرانا مُبينا «185 »اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ «186 » وَاختِم لي بِخَيرٍ «189 »وَاكفِني ما أهَمَّني مِن أمرِ دُنيايَ وآخِرَتي «187 »ولا تُسَلِّط عَلَيَ مَن لا يَرحَمُني «188 »وَاجعَل عَلَيَ مِنكَ واقِيَةً باقِيَةً «189 » ولا تَسلُبني صالِحَ ما أنعَمتَ بِهِ عَلَيَ «190 »وَارزُقني مِن فَضلِكَ رِزقا واسِعا حَلالاً طَيِّبا «191 »

«اللّهمّ اغفر» اللّهمّ ، قال الراغب : «قيل معناه يااللّه ، فأُبدل من الياء في أوّله الميمان في آخره ، وخُصّ بدعاء اللّه ، وقيل : تقديره يااللّه أمنّا بخير ، مركّب تركيب حيهلا» . ۲
قال في الأقرب : «اللّهمّ يستعمل أوّلاً للنداء ، وأصله يااللّه ، سقط حرف النداء وعُوّض عنه ميم مشدّدة ، نحو : اللّهمّ ارحمني ، وثانيا لتمكين الجواب في نفس السامع ، كقولك : اللّهمّ نعم» . ۳
أي اللّهمّ اجعل لنا ما يصوننا من الدنس والعصيان لحيّنا وميّتنا ، وشاهدنا وغائبنا ، ذكرنا وأُنثانا ، صغيرنا وكبيرنا ، حرّنا وعبدنا ، دعا عليه السلام لجميع المؤمنين حيّا وميّتا ، وشاهدا وغائبا ، ذكرا وأُنثى ، والصغير والكبير ، والحرّ والعبد.
«كذب العادلون باللّه وضلّوا ضلالاً بعيدا» العادل : اسم فاعل ، جمع عدول ، كشاهد ونهود ، والعدل ضدّ الجور ، والمثل والنظير ، عدل فلان بربّه : أشرك .
أي كذب الذين يجعلون للّه تعالى مثلاً ونظيرا ، وضلّوا عن الحقّ ضلالاً بعيدا عن الحقّ ، وخسروا في عملهم هذا خسرانا مبينا ، قال ابن الأثير : «تكرّر ذكر العدل بالكسر والفتح في الحديث... ومنه حديث علي : كذب العادلون بك إذ شبّهوك أصنامهم » . ۴ قال سبحانه : «وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللّه ِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً » ، ۵ وقال : «وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللّه ِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآْخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً »۶«إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللّه ِ قَدْ ضَلُّوا ضَلالاً بَعِيداً » ، ۷ وقال «وَمَنْ يَعْصِ اللّه َ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً » . ۸
«اللّهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد واختم لي بخير» وفي الدعاء : «اللّهمّ اختم بعفوك أجلي» ، ۹ وفي الدعاء : «واختم لنا بالتي هي أحمد عاقبة» ۱۰ يطلب من اللّه تعالى أن يختم عمره بخير ، وهو العفوّ ، أو كما في القرآن الكريم حاكيا عن يوسف ـ على نبيّنا وآله وعليه السلام ـ : «تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصّالِحِينَ » ، ۱۱ وقال تعالى : «الَّذِينَ تَتَوَفّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمْ » ، ۱۲ ولعلّ الكلّ يرجع إلى أمرٍ واحد.
«واكفني ما أهمّني من أمر دنياي وآخرتي» الهمّ : الحزن الذي يذيب الإنسان ، وأهمّني كذا ، أي حمّلني على أنّ أهمّ به.
يطلب عليه السلام من اللّه تعالى أن يكفيه ما أهمّه بتسبيب الأسباب والهداية إلى وجوه الفلاح وتوفيق العمل بما يرفعه أو يدفعه.
«ولا تسلّط عليّ من لا يرحمني» السلاطة : التمكّن من القهر ، يطلب عليه السلام ألّا يسلّط عليه من لا يرحمه ، لا عدم السلطة مطلقا ، ولعلّ ذلك من لزوم وجود سلطان لقيام النظم وعدم الهرج ، كما عن علي عليه السلام : «لابدّ للناس من أمير برّ أو فاجر» . ۱۳
«واجعل عليّ منك جُنّة واقية باقية» الوقاية : حفظ الشيء ، والواقية ما يكون وقاية يحفظه ، كما في الدعاء : «اللّهمّ... ألبسهم جننا واقية» ، ۱۴ يطلب عليه السلام من اللّه تعالى واقية تحفظه باقية لا تزول في مقابل الحوادث والبلايا أو مقابل السلطان الذي لا يرحم.
«ولا تسلبني صالح ما أنعمت به عليّ» ، أي لا تسلبني ما أنعمت به عليّ من نعمائك وآلائك المادّية كالحياة والصحّة والعافية والسعة والدعة والراحة الولد الصالح والجاه والعزّ ... ، والمعنوية كزيارة بيت اللّه الحرام ، وزيارة قبر نبيّه والأئمّة عليهم السلام ، والإقبال إلى العبادة والزيارة ، والفضائل النفسانية ، ومكارم الأخلاق ... إلخ .
والتقييد بقوله عليه السلام : «صالح ما أنعمت» لعلّه لإخراج ما أنعم اللّه تعالى ليكفّر الذنوب أو لغيره من العاهات والأمراض والفقر.
«وارزقني من فضلك رزقا واسعا حلالاً طيّبا» سأل (صلوات اللّه عليه) الرزق الواسع ، كما في الدعاء : «أغنني وأوسع عليّ في رزقك» و «واجعلني... من... الموسّع عليهم الرزق الحلال» و«واجعل أوسع رزقك عليّ إذا كبرت» و«ولا تبتذل جاهي بالإقتار فاسترزق أهل رزقك وأستعطي شرار خلقك» . ۱۵
هذا عدا الغنى والثروة . والمراد ألّا يقع في ضيق وشدّة ، فهو لعلّه ينطبق على الكفاف أو أوسع من ذلك حتّى إلى الغنى والثروة.
«حلالاً» واقعا لما في الحرام الواقعي من الآثار الوضعية السيّئة جسما وروحا ، وإن كان حلالاً ظاهرا لا يعاقب عليه ، كما في الدعاء : «وأجر من أسباب الحلال أرزاقي» ، ۱۶ أو المراد الحلال بحسب حكم الشارع به ظاهرا ، وذلك تعليمهم للناس كي لا يقعوا في ضنك العيش ، والحلال الواقعي قليل جدّا كما في الحديث.
«طيّبا» قال سبحانه : «كُلُوا مِمّا فِي الأَْرْضِ حَلالاً طَيِّباً » ، ۱۷ وقال عزّ شأنه : «وَكُلُوا مِمّا رَزَقَكُمُ اللّه ُ حَلالاً طَيِّباً » ، ۱۸ وقال سبحانه : «فَكُلُوا مِمّا غَنِمْتُمْ حَلالاً طَيِّباً وَاتَّقُوا اللّه َ » ، ۱۹ وقال سبحانه : «فَكُلُوا مِمّا رَزَقَكُمُ اللّه ُ حَلالاً طَيِّباً وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللّه ِ » . ۲۰
قال الراغب : «وأصل الطيّب ما تستلذّه الحواسّ وما تستلذّه النفس ، والطعام الطيّب في الشرع ما كان متناولاً من حيث ما يجوز ، وبقدر ما يجوز ، ومن المكان الذي يجوز ، فإنّه متى كان كذلك كان طيّبا عاجلاً وآجلاً لا يستوخم ، وإلّا فإنّه وإن كان طيّبا عاجلاً لم يطب آجلاً . ۲۱

1.عدلوا باللّه : أشركوا به وجعلوا له مِثلاً (مجمع البحرين : ج ۲ ص ۱۱۷۶) .

2.مفردات ألفاظ القرآن : ۲۲.

3.أقرب الموارد : ج ۱ ص ۶۶ .

4.النهاية : ج ۳ ص ۱۹۱ .

5.النساء : ۱۱۶.

6.النساء : ۱۳۶.

7.النساء : ۱۶۷.

8.الأحزاب : ۳۶ .

9.الصحيفة السجّادية : الدعاء ۲۰.

10.المصدر السابق : الدعاء ۳۲.

11.يوسف : ۱۰۱.

12.النحل : ۳۲.

13.نهج البلاغة: الحكمة ۴۰، الغارات: ج ۲ ص ۹۲۴.

14.الصحيفة السجّادية : الدعاء ۱۷ .

15.الصحيفة السجّادية : الدعاء ۲۰ .

16.المصدر السابق : الدعاء ۳۰ .

17.البقرة : ۱۶۸ .

18.المائدة : ۸۸ .

19.الأنفال : ۶۹ .

20.النحل : ۱۱۴ .

21.مفردات ألفاظ القرآن : ص ۳۰۸ .

  • نام منبع :
    شرح دعاء أبي حمزة الثمالي
    سایر پدیدآورندگان :
    هوشمند، مهدي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 464527
صفحه از 464
پرینت  ارسال به