133
شرح دعاء أبي حمزة الثمالي

۰.اللّهُمَّ احرُسني بِحَراسَتِكَ«192 » وَاحفَظني بِحِفظِكَ«193 »وَاكلَأني بِكِلاءَتِكَ ۱ «194 » وَارزُقني حَجَّ بَيتِكَ الحَرامِ ، في عامِنا هذا وفي كُلِّ عامٍ «195 » وزِيارَةِ قَبرِ نَبِيِّكَ ۲ «196 » ولا تُخلِني يا رَبِّ مِن تِلكَ المَشاهِدِ الشَّريفَةِ وَالمَواقِفِ الكَريمَةِ «197 »اللّهُمَّ تُب عَلَيَ حَتّى لا أعصِيَكَ «198 »وألهِمنِي الخَيرَ وَالعَمَلَ بِهِ «199 »وخَشيَتَكَ بِاللَّيلِ وَالنَّهارِ ما أبقَيتَني يا رَبَّ العالَمينَ «200 »

«اللّهمّ احرسني» قال الراغب : «الحرَسَ وَالحرّاس جمع حارس ، وهو حافظ المكان ، والحرز والحرس يتقاربان معنى تقاربهما لفظا ، لكنّ الحرز يُستعمل في الناس والأمتعة أكثر ، والحرس يُستعمل في الأمكنة أكثر» . ۳ هذا وقال غيره : الحرس : الحفظ ، كما في المصباح وأقرب الموارد والعين للخليل ، ۴ ولكنّ الحقّ أنّ الحراسة هي المراقبة للحفظ ، فالحراسة مقدّمة للحفظ ، كما أنّ الكلأ تبقية الشيء . فالمعنى راقبني للحفظ ، وإذا قاربت الخطر فاحفظني ، وإذا حفظتني فأبقني وأطل الحفظ.
«وارزقني حجّ بيتك» تقدّم معنى الرزق والحجّ ، والبيت الحرام هو الكعبة ، كما في قوله تعالى : «جَعَلَ اللّه ُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرامَ » ، ۵ أو هو المسجد ، كما قال تعالى : «فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ » ، ۶ هذا ولكنّ البلدة أيضا حرام ، قال تعالى : «إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَها » ، ۷ وكذا الحرم حول البلدة ؛ لأنّ اللّه حرّمها وجعلها أمنا ، سواء العاكف فيه والباد . يسأل اللّه تعالى زيارة بيت اللّه الحرام في العامّ وفي كلّ عامّ بالمعنى الحقيقي ، لا السفر إلى مكّة لشغل دنيوي ، أو تنزّه ، بل يتجرّد عن العلائق سوى اللّه تعالى ويقصده قائلاً : لبيك اللّهمّ لبيّك ، إجابة لدعوة إبراهيم عليه السلام : «وَأَذِّنْ فِي النّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَرِجالاً وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ » ، ۸ ويقول : اللّهمّ إنّ هذا الحرم حرمك والبيت بيتك وأنا ضيفك وجارك.
«وزيارة قبر نبيّك والأئمّة عليهم السلام » وقد وردت روايات كثيرة في زيارة رسول اللّه صلى الله عليه و آله والأئمّة عليهم السلام ، وقد وردت متواترةً بين الفريقين عنه صلى الله عليه و آله . ۹
«من سلّم عليَّ عند قبري سمعت ، ومن سلّم عليَ من بعيد يبلغني» ، ۱۰ وكذا زيارة الأئمّة عليهم السلام من البعيد.
«ولا تخلني ياربّ من تلك المشاهد الشريفة والمواقف الكريمة».
«لا تخلني» أي لا تجعلني خاليا . «من تلك المشاهد» أي الأماكن الّتي يجتمعون فيها ، من المشهد بمعنى مجتمع الناس ، «الشريفة» أي ذو الشرف من الشرف ، بمعنى العلوّ والمجد ، «المواقف» جمع الموقف ، أي محلّ الوقوف ، «الكريمة» أي ذات الكرامة ، والكرم : الجود الكثير النفع ، وقد يُطلق من كلّ شيء على أحسنه ، كما قيل : الكريم صفة ما يرضى ويحمد ، في بابه رزق كريم أي كثير.
«اللّهمّ تب عليَّ حتّى لا أعصيك» قال سبحانه : «تابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا » ، ۱۱ أي رجع عليهم بفضله ، والمراد أن يرجع اللّه سبحانه عليهم بالتوفيق والتسديد والهداية حتّى لا يعصى اللّه تعالى ، والجملة الآتية كالبيان لتوبة اللّه عليه ، قال :
«وألهمني الخير والعمل به وخشيتك باللّيل» الإلهام : إلقاء الشيء في الروع ، ويختصّ ذلك بما كان من جهة اللّه تعالى وجهة الملأ الأعلى ، قال تعالى : «فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها » ، ۱۲ وذلك نحو ما عبّر عنه بلمّة الملك (هذا بيان لتوبة اللّه عليه في الهداية إلى الخير) .
«والعمل به» أي ألهمني العمل بعد ذكر الخير ، كما في دعاء كميل : «قوّ على خدمتك جوارحي ، واشدد علي العزيمة جوانحي» . أي ألهم إرادة الخير بعد إلهام ذكر الخير . «وخشيتك باللّيل والنهار» حتّى ينزجر عن المعاصي وترك الشهوات والهوى والميول النفسانية ، قال الإمام الحسين عليه السلام : «اللّهمّ اجعلني أخشاك حتّى كأنّي أراك ، وأسعدني بتقواك ، ولا تشقني بمعصيتك» ۱۳ هذه المراتب الثلاثة في توبة اللّه تعالى على عبده .
«ما أبقيتني ياربّ العالمين» أي أدم توبتك عليّ مادام حياتي حتّى لا أعصي فيما بقي من عمري.

1.كَلَأه : حفظه ، وكلاءتك : أي حفظك وحراستك (مجمع البحرين : ج ۳ ص ۱۵۸۴) .

2.زاد في المصباح للكفعمي والبلد الأمين : «والأئمّة عليهم السلام » .

3.مفردات ألفاظ القرآن : ص ۱۱۳ .

4.المصباح المنير : ص ۱۵۹ ، أقرب الموارد : ج ۱ ص ۶۲۴ ، العين : ج ۳ ص ۱۳۷ .

5.المائدة : ۹۷ .

6.البقرة : ۱۴۴.

7.النمل : ۹۱ .

8.الحج : ۲۷ .

9.اُنظر : بحار الأنوار : ج ۱۳ ، وسائل الشيعة : ج ۵ ص ۲۵۴ ؛ والنسائي ، البداية والنهاية : ج ۵ ، ص ۲۷۶ ؛ ابن أبي شيبة : ج ۲ ، ص۳۷۵ ، وج ۱۱ ، ص ۴۷۴ ؛ تهذيب تاريخ دمشق : ج ۳ ، ص ۱۵۸ ؛ وسنن البيهقي : ج ۵ ، ص ۲۴۵ ؛ تاريخ إصبهان : ج ۲ ، ص ۲۰۵ .

10.الفصول المختارة : ص ۱۳۰ ، اُنظر : بحار الأنوار : ج ۱۰ ص ۴۴۱ .

11.التوبة : ۱۱۸ .

12.الشمس : ۸ .

13.اُنظر : الكافي : ج ۲ ص ۵۷۷ ، الإقبال : ج ۲ ص ۷۸ ، بحار الأنوار : ج ۸۶ ص ۲۹۶ .


شرح دعاء أبي حمزة الثمالي
132
  • نام منبع :
    شرح دعاء أبي حمزة الثمالي
    سایر پدیدآورندگان :
    هوشمند، مهدي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 464528
صفحه از 464
پرینت  ارسال به